● باسم السياسة لا يتورع البعض عن الإساءة للدولة المصرية، حملات الاحتشاد التي شهدناها، خلال الأشهر الماضية، تكشف الوجه الحقيقي لهؤلاء الذين اختزلوا مصر في زاوية نضالاتهم ومرجعياتهم وحساباتهم لمصالح واعتبارات خارج السياق الوطني.. وباسم الثقافة والفن والدراما، ايضا، لا يتردد بعض المحسوبين على الإبداع المطابق للتفاهة عن الاستهانة والسخرية من الشخصية المصرية، صورة ( المصري) كما تبدو على بعض منصات التواصل وشاشات الدراما المغشوشة تجمع بين الفهلوة و"الهبلنة"، وبين قلة الوعي والتخلف والعنف والغش والخداع..الخ وأَسفاه عليكم يا من تسمون أنفسكم مبدعين! ليست صدفة، أبدا، أن تتوجه سهام الإهانة والتشويه المقصودة للشخصية المصرية بالتزامن مع محاولات تهشيم عناصر الدولة ومؤسساتها، الفاعلون في مجال السياسة والفن ممن يتنكرون لأي إنجاز مصري، أو لأي ميزة إيجابية للمصريين، يحاولون أن يؤسسوا لثقافة عامة تحمل انطباعا خادعا، وتروج لأساطير كاذبة، تقول : مصر اصبح بلد فقير بالقيم والمواقف، مزدحم بالسودأوية، المصريين بلا رصيد حضاري، خاليين من الرقي والتحضر، وتتجاذبهم عوامل السخط والانحراف والعنف، ولا تفرز إلا عائلات مفككة، لا قيمة فيها للمرأة والطفل، ولا سطوة إلا للذكور أصحاب العنف كان يمكن للثقافة والدراما أن تأخذ مسارات أخرى كما شاهدنا في الكثير من الأعمال زمن ازدهار الفن في بلادنا - تعزز الانتماء للدولة المصرية، وتفرز من المصريين أفضل ما لديهم، وتضع انتقاداتها للمجتمع في إطار إيجابي، يُصلح ولا يَجرح، كان يجب على المثقف أو الفنان المصري، أيضا، أن يرتقي بخطاب الأدب والدراما إلى مستويات تليق بكرامة المصري الشخصية التي هي انعكاس للكرامة الوطنية.. نعم، لدينا تاريخ مليء بالإنجازات والكرامات، والمواقف والرموز الوطنية، يستحق أن نُجسّده ونتجسّده، لكي يلهم أجيالنا ويرسخ في أذهانهم عظمة مصر، ويكشف عن ابصارهم غباشات الصور التي يحأول البعض، من خلالها، تشويه بلدنا أو إلحاقه بقوافل الدول الفاشلة، أو المليشيات التي يتم استخدامها لزعزعة استقرار دولها، وإلحاق الأذى بشعوبها، وعليه، فإن أزمة الدراما، في بلدنا، ليست فقط بالتمويل والإنتاج، وإنما أزمة نصوص ووعي، أو هي - إن شئت أزمة وطنية بامتياز.. بصراحة، لقد تركنا لغيرنا من قليلي المعرفة والخبرة، ومن الذين ركبوا موجة غياب أو تغييب "المثقف الوطني"، وتعمدوا تهشيم صورتنا وتوظيف وعينا لحساب قضاياهم وأجنداتهم الايدولوجية ومصالحهم الخاصة، أن يكتبوا تاريخنا، ويتصدروا مشهدنا الثقافي والفني، أما النتيجة فهي كما نراها الآن؛ مصر هويتها ناقصة، وإنجازاتها لا تذكر، وتاريخها غير معروف لكثير من الاجيال، المصريين خليط من السكان، مفاتيح شخصيتهم قلة الحيلة والإحباط والشك والانفعال والعنف والتفسخ الاسري، فيما الصحيح أن هذا تزوير وتضليل ونكران، وأن الحقيقة عكس ذلك تماما.. للأسف، قلما نرى في الدراما المصرية واخواتها صورة المخلصين واحفادهم الذين حفروا قناة السويس وطوروها، قلما نسمع عن الكرامة المعركة، وعن الجيش والشهداء، عن البطولات والكفاءات والإنجازات، عن قصة المصرين لبناء الدولة الحديثة، أليس من حق المصريين أن يتابعوا مسلسلا عن الشهيد إبراهيم الرفاعي، وعن بناة مصر وأبطالها؟!.. هذه مصر التي يريد البعض أن يصدرها لنا في روايات ومسلسلات و"ريلزات" ليست هي مصر الحقيقية التي نعرفها، ولا هذه هويتها وإنجازاتها، وهؤلاء الممثلون الذين يتقمصون الأدوار للحديث باسم المصريين لا يمثلون إلا أنفسهم وأفكارهم، وبالتالي هذا كله لا بد أن يتوقف، وأن نخرج من هذه "المهزلة" كما خرج معظم اشقائنا العرب، حين منعوا انتاج أي دراما أو برنامج ثقافي وإعلامي يسيء إلى دولهم، أو شخصيتهم الوطنية.. نحن لا نريد مثالية مفرطة بعيدة عن الواقع فهذا ايضا نوع من التضليل والكذب، بل نريد دراما وأعمالا فنية وطنية وإجتماعية لها بوصلة واضحة، نرى من خلالها رؤوس المصريين مرفوعة، كما كانت دوما بالاعتزاز بدولتهم، والانتماء لوطنهم، والالتفاف حول قيادتهم ومؤسساتهم، أبطالها وصناعها يرددون بصوت لا نشاز فيه : "نحن مصريين كرماء، سادة أعزاء، لا نسمح لأحد أن يشوه صورتنا المشرقة، أو يستخدمها ليكسب أموالا وإعلانات، أو - لايكات - إعجاب، في أسواق تجارة التفاهات"!..