وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إيران أمام مهلة نهائية مدتها شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، محذراً من "عواقب وخيمة" قد تصل إلى المواجهة العسكرية المباشرة في حال رفض طهران هذا العرض. رسالة تحمل تهديداً ووعداً نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤول أمريكي ومصدرين مطلعين أن رسالة ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي كانت "حازمة" وثنائية المسار. فمن جهة، قدمت اقتراحاً بمفاوضات مباشرة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، ومن جهة أخرى، حذرت من تبعات خطيرة إذا استمرت إيران في تطوير برنامجها النووي. وشدد ترامب في رسالته على أنه "لا يريد مفاوضات مفتوحة النهاية"، محدداً فترة شهرين كمهلة نهائية للتوصل إلى اتفاق، دون توضيح ما إذا كانت المهلة تبدأ من وقت تسليم الرسالة أم من بدء المفاوضات الفعلية. وكان ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري عقب فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، قد كشف قبل أسبوعين في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" عن توجيهه رسالة إلى القيادة الإيرانية يقترح فيها مفاوضات مباشرة، مصرحاً في اليوم التالي أن الولاياتالمتحدة "وصلت إلى اللحظات الأخيرة" مع إيران. وساطة دبلوماسية على خط الأزمة كشفت المصادر عن مسار دبلوماسي معقد لإيصال الرسالة، حيث تم تسليمها عبر مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، إلى وسطاء. ثم حمل الوسطاء الرسالة إلى طهران في اليوم التالي وتسليمها لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. وأشارت المصادر إلى أن البيت الأبيض حرص على إطلاع عدد من حلفائه في المنطقة، خاصة إسرائيل ودول أخرى، على مضمون الرسالة قبل وصولها إلى الجانب الإيراني. موقف إيراني متردد بين الرفض والتفاوض لم يكن الموقف الإيراني حاسماً تجاه المبادرة الأمريكية، إذ وصف المرشد الإيراني خامنئي في البداية رسالة ترامب ومقترح المفاوضات بأنها "خدعة" هدفها فقط خلق انطباع بأن إيران ترفض التفاوض. وبينما أعلن خامنئي عدم تأييده للمفاوضات مع واشنطن، فاجأت البعثة الإيرانية لدى الأممالمتحدة الجميع بعد ساعات ببيان على منصة "إكس" لم تستبعد فيه مبدأ التفاوض. وجاء في البيان: "إذا كان الهدف من المفاوضات هو معالجة المخاوف فيما يتعلق بأي عسكرة محتملة للبرنامج النووي الإيراني، فيمكن النظر في مثل هذه المناقشات". لكن البعثة استدركت بأنه إذا كانت الغاية هي "تفكيك البرنامج النووي السلمي لإيران والادعاء بإنجاز ما فشل فيه أوباما، فلن تجري مثل هذه المفاوضات أبداً". وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية في تصريحات للصحفيين هذا الأسبوع أن رسالة ترامب لا تزال "قيد الدراسة" وأن رد طهران الرسمي يجري إعداده. الملف النووي وتداعيات المواجهة المحتملة تأتي مبادرة ترامب في وقت بات فيه البرنامج النووي الإيراني أكثر تقدماً من أي وقت مضى، فوفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بات مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% كافياً لإنتاج ست قنابل نووية إذا جرى تخصيبه إلى مستوى 90%، رغم نفي طهران المستمر سعيها لامتلاك أسلحة نووية. وبالتزامن مع هذا التصعيد في الملف النووي، شدد ترامب يوم الاثنين من أن الولاياتالمتحدة ستعتبر أي هجمات إضافية من قبل الحوثيين في اليمن صادرة عن إيران، مهدداً طهران ب"عواقب وخيمة"، رغم نفي الأخيرة سيطرتها على الحوثيين. وفي منشور على منصته "تروث سوشيال" يوم الأربعاء، أشار ترامب إلى وجود تقارير عن تقليص إيران لدعمها العسكري للحوثيين، لكنه استدرك بأنها "لا تزال ترسل كميات كبيرة من الإمدادات". الخيارات الأمريكية قدم مستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، تصوراً واضحاً للخيارات الأمريكية، مؤكداً أن على إيران "تسليم والتخلي" عن جميع عناصر برنامجها النووي بما في ذلك الصواريخ والتسليح وتخصيب اليورانيوم "أو ستواجه سلسلة كاملة من العواقب الأخرى"، مضيفاً أن "إيران قُدم لها مخرج من هذا الوضع". وفي تصريحات سابقة، لم يخف ترامب تفضيله للحل الدبلوماسي، لكنه أشار إلى أن "شيئاً ما سيحدث قريباً جداً"، قائلاً إنه "يفضل صفقة سلام على الخيار الآخر، لكن الخيار الآخر سيحل المشكلة". ويرى مراقبون أنه في حال رفضت إيران التفاوض واستمرت في مسار تطوير برنامجها النووي، فإن احتمالات تحرك عسكري أمريكي أو إسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية ستزداد بشكل غير مسبوق، ما قد يشعل فتيل مواجهة واسعة في منطقة الشرق الأوسط المشتعلة بالفعل.