انتقد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو قرارات المفوضية الأوروبية بفرض رسوم جمركية على منتجات أمريكية بارزة، معتبراً أن هذه الخطوة أدت إلى تفاقم النزاع التجاري مع الولاياتالمتحدة بدلاً من احتوائه. انتقادات رسمية فرنسية للمفوضية الأوروبية صرح بايرو في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر" يوم الأحد: "هل ارتكبت بعض الأخطاء؟ نعم، على الأرجح، لأنه تم إدراج بوربون كنتاكي كما لو كان يشكل تهديداً تجارياً". وأضاف أن المفوضية الأوروبية "أعادت استخدام قائمة قديمة جداً دون إعادة مراجعتها، كما كان ينبغي أن تفعل". وأشارت تصريحات بايرو ضمنياً إلى أن قرار الاتحاد الأوروبي باستهداف بعض أنواع الخمور تحديداً دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التهديد بضرب قطاع الكحول الأوروبي بأكمله، مما صعد النزاع بشكل خطير. تسلسل أحداث الحرب التجارية المتصاعدة بدأت الأزمة الحالية عندما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير 2025 بعد فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، رسوماً جمركية عالمية بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم الأسبوع الماضي. وكشفت صحيفة "بوليتيكو" أن المفوضية الأوروبية ردت يوم الأربعاء بإعادة فرض رسوم جمركية على منتجات أمريكية رمزية مثل دراجات هارلي-ديفيدسون النارية، والجينز، وبعض مشروبات الكحولية. وجاء الرد الأمريكي سريعاً، حيث هدد ترامب في اليوم التالي بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% على جميع "النبيذ والشمبانيا والمنتجات الكحولية" من فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى. الصناعات الفرنسية تحت نيران مزدوجة شدد بايرو على أن قطاع الكونياك الفرنسي بات محاصراً بين نزاعين تجاريين كبيرين في وقت واحد، فمن جهة، يواجه تهديدات الرسوم الأمريكية الجديدة، ومن جهة أخرى، يعاني بالفعل من تبعات تحقيق تجاري أطلقته الصين العام الماضي ضد واردات البراندي الأوروبية رداً على رسوم الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية. وقال بايرو بعد لقائه منتجي الكونياك يوم الجمعة: "إنهم تحت نيران مزدوجة من الصين من جهة، ومن الولاياتالمتحدة من جهة أخرى". وأضاف أن هذا الوضع يضع القطاع في موقف بالغ الصعوبة، خاصة وأن صادرات الكونياك تمثل مصدراً مهماً للدخل في الاقتصاد الفرنسي. الجهود الدبلوماسية لاحتواء الأزمة في محاولة لتخفيف حدة التوترات، سيكون التحقيق الصيني أحد الملفات الرئيسية على جدول أعمال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الذي من المقرر أن يسافر إلى الصين قبل نهاية شهر مارس الجاري، وفقاً لما أوردته صحيفة "بوليتيكو". يأتي هذا التحرك الدبلوماسي في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي للتعامل مع سياسات الحماية التجارية المتزايدة التي ينتهجها الرئيس ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، والتي تهدد بإلحاق أضرار كبيرة بالاقتصاد الأوروبي. التداعيات الاقتصادية للنزاع التجاري يحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذه الحرب التجارية سيؤدي إلى نتائج سلبية على المستويين الإقليمي والعالمي، فمن المتوقع أن تشهد الأسواق ارتفاعاً في أسعار المنتجات المستوردة في أوروبا وأمريكا، مما سيلقي بثقله على المستهلكين النهائيين. كما أن هذه التوترات تهدد بإحداث اضطرابات خطيرة في سلاسل التوريد العالمية التي تعتمد بشكل أساسي على تدفق التجارة بحرية بين الكتل الاقتصادية الكبرى. وأشار المحللون إلى أن هذه الأزمة قد تقوض أركان النظام التجاري المتعدد الأطراف الذي تم بناؤه بعناية على مدى عقود، وتضيف مخاطر إضافية على الاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من تحديات التضخم وتباطؤ النمو في العديد من المناطق حول العالم. مستقبل العلاقات التجارية الأوروبية الأمريكية مع حجم تبادل تجاري يتجاوز 850 مليار دولار سنوياً بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، فإن أي اضطراب في هذه العلاقة له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، إذ تسعى الحكومات الأوروبية حالياً إلى إيجاد قنوات حوار مع إدارة ترامب لتخفيف حدة التوترات وتجنب مزيد من التصعيد.