أزمات نتنياهو الداخلية وصلت إلى مرحلة خطيرة، ومع ذلك اختار التصعيد فى هذا التوقيت بالذات ربما ليهرب من حصار المطالبين بإنهاء الحرب وتبادل الأسرى بأسرع وقت. قرر نتنياهو التخلص من «رونين بار» رئيس جهاز الأمن الداخلى «الشاباك» أحد أخطر الأجهزة الأمنية فى إسرائيل، رفض «بار» أن يستقيل رغم كل الضغوط، وقرر نتنياهو أن يجمع حكومته غداً «الأربعاء» للتصديق على إقالة «بار» من منصبه فى خطوة غير مسبوقة، ودون العرض على المستشارة القانونية للحكومة التى أعلنت معارضتها للقرار وتشكيكها فى قانونيته. بينما ارتفعت أصوات المعارضة للقرار والتحذير من خطورته، وبدأ الحشد السريع للتظاهر أمام مقر الحكومة غدا أثناء اجتماعها الطارئ.. فى خطوة تشير إلى احتمال أن يتكرر مشهد الاحتجاجات الواسعة التى شلت البلاد- قبل أحداث أكتوبر واندلاع الحرب - حين أراد نتنياهو إصدار قوانين تتيح له السيطرة على السلطة القضائية!! الصراع بين نتنياهو والأجهزة الأمنية والعسكرية محتدم منذ أحداث 7 أكتوبر، القيادات العسكرية والأمنية أعلنت مسئوليتها، لكنها حملت أيضا القيادة السياسية «ممثلة فى نتنياهو»، المسئولية الأكبر، وأكدت ذلك فى تحقيقات نشرت بعض نتائجها. بينما نتنياهو يرفض تحمل المسئولية ويقاتل ضد تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تحدد المسئولية عن الفشل فى أحداث أكتوبر، ثم الفشل فى إدارة الحرب فى غزة ورفض كل توصيات الأجهزة الأمنية والعسكرية فى هذا الصدد. الخلاف المستمر أدى إلى إقالة وزير الدفاع السابق «جالانت»، وإلى استقالة رئيس الأركان «هالين» والدور الآن على رئيس الشاباك مع تعقيدات أكبر.. حيث يظهر الجانب الشخصى بصورة أسوأ مع انكشاف قيام الشاباك بتحقيقات تخص العاملين فى مكتب نتنياهو وتطال أفرادا من أسرته!! الجانب الشخصى فى القضية خطير بالنسبة لرجل مثل «نتنياهو» يدرك ماذا ينتظره إذا أزيح عن الحكم، لكن الجانب الأخطر انه يعيد إلى واجهة الأحداث هذا الصراع الذى فجرته حكومة نتنياهو وحلفاؤه من زعماء عصابات اليمين المتطرف «سموتريتش» منذ تشكيلها من أجل سيطرة اليمين المتطرف الكاملة على مؤسسات الدولة الكبرى مثل القضاء والأمن والشرطة والجيش وانهاء أى حديث عن الفصل بين السلطات. وزير الدفاع الأسبق «يعلون» يقول إنه صراع بين الدولة المدنية العلمانية من جهة والدولة الدينية الفاشية الفاسدة التى يمثلها نتنياهو وحلفاؤه من جهة أخرى. فى المعركة حول قوانين السلطة القضائية اضطر نتنياهو للتراجع.. هذه المرة يبدو وكأنه يقاتل فى معركته الأخيرة!!