تغيرت الأوضاع الاقتصادية في الولاياتالمتحدة بشكل كبير منذ اجتماع مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي نهاية يناير الماضي، حيث كانت التوقعات تشير إلى استقرار التوظيف وتراجع التضخم بشكل ملحوظ عن ذروته السابقة؛ لكن في ظل التهديدات المستمرة بزيادة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، أصبح الاقتصاد في حالة ترقب مع اقتراب اجتماع الفيدرالي المرتقب غداً وبعد غد. وذكرت وكالة (أسوشيتد برس) الأمريكية في تقرير اليوم الاثنين أن البنك المركزي الأمريكي بقيادة رئيسه جيروم باول، يواجه تحديات جديدة، فرغم تحسن التضخم في الشهر الماضي، إلا أنه ما زال مرتفعًا، في حين قد تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى زيادة الأسعار. وفي الوقت ذاته، تؤثر التهديدات المستمرة بفرض مزيد من الرسوم، بالإضافة إلى التقليصات الكبيرة في الإنفاق الحكومي والوظائف على ثقة المستهلكين والشركات، وهو ما قد يثقل كاهل الاقتصاد ويزيد من معدل البطالة. وهذه الوضعية التي تجمع بين التضخم المرتفع والركود الاقتصادي أو تباطؤه تشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد وهو ما يعرف ب"الركود التضخمي" الذي كان قد أزعج الاقتصاد الأمريكي في السبعينات، حيث لم تفلح حتى الركودات العميقة في كبح التضخم. ورغم أنه لا يمكن الجزم بعد ما إذا كان الاقتصاد سيغرق في الركود التضخمي، إلا أن حتى صورة معتدلة لهذا السيناريو - بزيادة البطالة مع استمرار التضخم فوق هدف بنك الفيدرالي البالغ 2% - ستشكل تحديًا كبيرًا للبنك المركزي. ◄ اقرأ أيضًا | «الفيدرالي الأمريكي» يثبت أسعار الفائدة في أول اجتماعاته منذ عودة ترامب وقالت إستير جورج، الرئيسة السابقة للاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي " المشكلة تكمن في أن التضخم لا يزال عالقًا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن التباطؤ المحتمل في النمو قد يؤثر سلبًا على سوق العمل، وهذا الوضع يمثل تحديًا حقيقيًا لهم"، معربة عن قلقها قائلة "عندما أرى توقعات المستهلكين تتحرك في الاتجاه المعاكس، يجب أن نراقب هذا التطور عن كثب". ومن المتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة دون تغيير في الاجتماع غدا الثلاثاء وبعد غد الأربعاء، لكن عند اختتام الاجتماع، سيصدر مسؤولو البنك توقعاتهم الاقتصادية التي من المرجح أن تُظهر توقعات لخفض الفائدة مرتين هذا العام، كما كان قد أشار في ديسمبر الماضي. وكان الفيدرالي قد خفض الفائدة ثلاث مرات في العام الماضي، ثم أشار في اجتماع يناير إلى أنه سيكون في حالة ترقب حتى تتضح ملامح الاقتصاد بشكل أكبر. ويتوقع المستثمرون في بورصة وول ستريت أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة ثلاث مرات أخرى هذا العام، في يونيو وسبتمبر وديسمبر، وذلك في ظل المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الذي قد يضطر بنك الفيدرالي الأمريكي إلى اتخاذ خطوات إضافية. وأشار تقرير الوكالة الأمريكية إلى أن توقعات التضخم تعد مؤشراً مهماً لأن المخاوف بشأن ارتفاع الأسعار قد تدفع المستهلكين والشركات إلى اتخاذ خطوات قد تؤدي فعلاً إلى زيادة التضخم، مثل المطالبة بزيادة الأجور، وهو ما قد يساهم في رفع الأسعار. ويحذر بعض الاقتصاديين من أن مسح جامعة ميشيجان الأمريكية لا يزال أوليًا بناءً على 400 استجابة فقط، حيث شهدت توقعات التضخم ارتفاعًا ملحوظًا في المسح، مما يعزز المخاوف لدى الفيدرالي من تصاعد التضخم. ولفت التقرير إلى أن هناك مقاييس أخرى لتوقعات التضخم، مستندة إلى أسعار السندات، التي أظهرت انخفاضًا في الأسابيع الأخيرة. وكانت أحدث بيانات التضخم مختلطة، فقد انخفض مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 2.8% في الشهر الماضي بعد أن كان 3%، وهو مؤشر إيجابي. ومع ذلك، يُتوقع أن تظل قراءة مقياس التضخم المفضل لدى بنك الفيدرالي دون تغيير عند نشره في وقت لاحق من الشهر الجاري؛ كما أن ارتفاع توقعات التضخم يشكل مشكلة إضافية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي كان قد أشار إلى أنه مستعد لتقليص التضخم تدريجيًا ليصل إلى هدفه البالغ 2% بحلول عام 2027 لكن إذا ارتفعت المخاوف بشأن التضخم، قد يواجه الفيدرالي ضغوطًا أكبر للتصرف بسرعة أكبر. من جهته، أشار رئيس البنك المركزي الأمريكي جيروم باول في وقت سابق، إلى أن تأثير الرسوم الجمركية قد يكون مؤقتًا دون أن يؤدي إلى تضخم مستمر لكنه أضاف أنه إذا تحولت هذه الرسوم إلى سلسلة من الزيادات أو كانت الزيادة أكبر من المتوقع، فإن ذلك سيكون له تأثير أكبر.