تتواصل المباحثات في العاصمة القطرية الدوحة بغية التوصل لصيغة نهائية يمكن من خلالها تعبيد الطريق نحو استمرار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، والذي رأى النور في 19 يناير/ كانون الثاني، وانتهت مرحلته الأولى، التي دامت لمدة 42 يومًا دون أن يتم التأشير على انتقال الاتفاق إلى مرحلته الثانية. ومنذ أن انقضت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في الثاني من مارس/ آذار الجاري ظل الجمود راكدًا في المشهد، دون أن ينتقل الاتفاق إلى المرحلة الثانية وفق للبنود التي تم التوافق عليها في يناير/ كانون الثاني، بعد أن بدت تل أبيب راغبة في الانقلاب على بعض من بنود الاتفاق وعدم الوفاء بالتزاماتها تجاه الانسحاب من أراضي قطاع غزة. وتجري حاليًا في العاصمة القطرية الدوحة مباحثات تشمل الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، المتمثل في حركة حماس، والوسطاء الضامنين من أجل بلورة اتفاق وسط مباحثات متعثرة وصعبة بين الجانبين. وفي الأثناء، برز المقترح الجديد من ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط، على الطاولة، حيث اعتبر بمثابة قنطرة للعبور نحو استمرار الاتفاق وسط عقبات كثيرة تعترضه في هذا الطريق. مقترح ويتكوف ونص مقترح ويتكوف على أن تقوم حركة "حماس" في اليوم الأول من الاتفاق، بإطلاق سراح المحتجزين الخمسة، وبينهم محتجز إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية، يدعى عيدان ألكسندر، وبعد ذلك يجري الدخول في المفاوضات بشأن الترتيبات اللازمة للوقف التام لإطلاق النار ومفاتيح تبادل باقي المحتجزين. كما نص المقترح على دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية ودخول منظمات الأممالمتحدة وغيرها، والشروع في إعادة تأهيل البنى التحتية في قطاع غزة. ويتضمن مقترح ويتكوف الجديد تهدئة تصل لمدة 50 يومًا مقابل إفراج حركة حماس عن المحتجزين الخمسة الأحياء إلى جانب عدد من جثامين الأموات. وقال أشرف القصاص، المحلل السياسي الفلسطيني من غزة، إن حماس تشترط تنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى للتعاطي مع مقترح ويتكوف الجديد، مضيفًا أن حماس تنتظر إجابة من الوسطاء والمستشار الأمريكي حول استحقاقات المرحلة الأولى ومصير المرحلة الثانية. وأضاف القصاص، خلال تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم" أنه في ظل ما يتداول في إعلام الاحتلال بشأن صفقة تبادل باتت على وشك التنفيذ ترفض حماس الالتفاف على الاتفاق الموقع خصوصًا استحقاقات المرحلة الاولى التي عطلها الاحتلال. وأشار القصاص إلى أن حركة حماس ترى أن أي تقدم في مفاوضات الدوحة مرهون بانسحاب الاحتلال من محور فيلادلفيا، وتنفيذ البروتوكول الإنساني بفتح المعابر وإدخال كافة الاحتياجات، إضافة إلى ضمانات بالانتقال دون مماطلة إلى المرحلة الثانية التي تضمن وقف الحرب وانسحاب الاحتلال بالكامل من القطاع. اقرأ أيضًا: تحليل| مشهد مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. هل تعود إسرائيل للحرب في رمضان؟ شروط حماس ووضعت حركة حماس شروطًا من أجل الموافقة على مقترح ويتكوف، وهي بمثابة بيت القصيد للمضي قدمًا في اتفاق وقف إطلاق النار. وقال أشرف القصاص إن حركة حماس ردّت بالموافقة على الإفراج عن المحتجز عيدان أليكسندر فقط إلى جانب 4 جثث، وذلك مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في المقابل. واستطرد قائلًا: "لكن حماس اشترطت استئناف تنفيذ البروتوكول الإنساني بتفاصيله، والدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، وانسحاب الاحتلال من محور فيلاديلفيا، إلى جانب فتح المعابر ودخول المساعدات فور الاتفاق وقبل أن تفرج عن عيدان والجثث الأربع". وتابع القصاص أن حركة حماس طلبت أن ينص المقترح الجديد على أنه جزء لا يتجزأ من اتفاق 17 يناير، كما أن حماس طالبت في ردها ببدء المفاوضات بشأن ترتيبات وقف إطلاق النار الدائم في يوم تبادل الأسرى. وذكر القصاص أن حركة حماس أدرجت في ردها نصًا بشأن السماح لسكان قطاع غزة بالعودة من الخارج عبر معبر رفح دون قيود، لافتًا إلى أن حركة حماس طالبت في ردها بإلغاء نقاط تفتيش السيارات على شارع صلاح الدين في محور نتساريم. اختبار أخلاقي ومن جهته، قال السياسي الفلسطيني ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، إنه "بالنظر إلى ما تشهده الدوحة من مباحثات بشأن وقف إطلاق النار، فإننا ننظر إليها كاختبارٍ أخلاقي حاسم لإرادة المجتمع الدولي في مواجهة منظومة الإبادة الإسرائيلية التي تُمارس بحق شعبنا الفلسطيني، والتي بلغت حدّ استهداف ما تبقى من مقوّمات الحياة في قطاع غزة بعد 17 شهرًا من العدوان الإبادي الإسرائيلي". وأضاف ديمتري دلياني، في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم" أن "الذي يطرحه الجانب الفلسطيني على طاولة المفاوضات ليس سوى الحد الأدنى من مقتضيات الكرامة الوطنية والحقوق الإنسانية: وقف شامل للعدوان، وانسحاب كامل من محور فيلادلفيا أولًا ثم باقي القطاع، وفتح غير مشروط للمعابر، وضمان تدفق المساعدات إلى مليونَي إنسان حُوصروا بالجوع، وقُصفوا في المستشفيات، ودُفنوا تحت أنقاض منازلهم". وتابع قائلًا: "من الواضح أن الطرف الفلسطيني قدّم ردودًا إيجابية، تُعبّر عن حرصٍ على حماية أرواح الأبرياء، وهو موقف يعكس نضجًا سياسيًا واستيعابًا لحساسية اللحظة". واستدرك قائلًا: "لكن أمام هذا التوازن الفلسطيني المسؤول، يبرز سلوك إسرائيلي يتّسم بالمماطلة وبرغبة صريحة في كسب الوقت السياسي لمواصلة المجازر على الأرض، حيث أن الاحتلال يسعى إلى سلب المفاوضات معناها، وتحويلها إلى واجهة شكلية لعدوان إبادي مستمر". ورأى دلياني أن الولاياتالمتحدة تنحاز بشكل أعمى إلى جانب دولة الاحتلال، مشيدًا في الوقت ذاته بالدور الذي تضطلع به مصر وقطر في جهود الوساطة. وأكد أن فعالية أية وساطة تظل مرهونة بمدى قدرة الوسطاء على لجم الغطرسة الإسرائيلية، التي تُغذيها الإدارة الأمريكية، وإرغامها على احترام أبسط القواعد الإنسانية، بعيدًا عن إملاءات القوة.