شهر مارس من أكثر الشهور العامرة بالذكريات والأحداث الوطنية الملهمة.. بالأمس احتفلنا بالعاشر من رمضان ونصر أكتوبر المجيد واستعادة مصر وجيشها العظيم الأرض والكرامة الوطنية أمام عدو غادر.. انتصار غَير مفاهيم الاستراتيجيات العسكرية فى العالم وكان بداية لمعركة أكثر شراسة وهى معركة السلام وعودة سيناء الحبيبة كاملة لأحضان الوطن. انتصار جعل المفاوض المصرى فى موقف قوة حتى تحقق الهدف وبعد توقيع اتفاقية السلام فى 26 مارس 1979 استعادت مصر كامل أراضيها فى سيناء الحبيبة وكالعادة ادعى الاسرائيليون أن طابا خارج الحدود المصرية. وخاضت مصر برجالها الأكفاء من الدبلوماسيين والقانونيين والعسكريين معركة قانونية شرسة أسفرت عن رفع العلم فوق طابا فى 19 مارس 1989.. وتبلغ مساحة طابا كيلومتر واحد تبعد عن ميناء إيلات 7 كيلومترات، وهو المنفذ البحرى الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر ومن هنا ندرك أهمية طابا الاستراتيجية لهم.. ولكن مصر لا تفرط فى متر واحد ولا تتركه لعدو أو صديق والحفاظ على وحدة التراب الوطنى المصرى هو عقيدة كل المصريين. معركة الحفاظ على طابا بدأت عام 1981واستمرت حتى عام 1989 أى ثمانى سنوات كاملة منها أربعة أعوام من المفاوضات استخدمت فيها إسرائيل كل أشكال التعنت والمراوغات وكان رجال الوفد المصرى العظام متسلحين بالصبر والإيمان المترسخ فى قلوبهم بالحفاظ على أرض مصر وكانت هذه المفاوضات لحسم اللجوء إلى خيار التحكيم الدولى لطلب مصر وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام وتم الاتفاق على اللجوء للتحكيم فى سبتمبر 1986 لتبدأ ملحمة أخرى من خلال ملف مصرى قانونى محكم لتُعلن هيئة التحكيم حكمها التاريخى فى سبتمبر 1988بأن طابا أرض مصرية بما عليها من مشروعات. ملحمة طابا جزء عزيز من تاريخنا الحديث الذى يجب أن يدرسه ويحفظه كل مصرى كى تستمر عقيدة المصريين فى الحفاظ والدفاع عن أرضها ضد الطامعين.