تقدير كبير تُكنه الإدارة الأمريكية لمصر وللدور القيادى الحاسم الذى تلعبه القاهرة فى استقرار المنطقة، والدور الذى ستلعبه فى المراحل المستقبلية للأزمة الفلسطينية، خاصة بعد انتهاء الحرب. هذا ما أكدته دانا ستراول «مديرة الأبحاث» بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، التى شغلت منصب نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكى لشئون الشرق الأوسط بين عامى 2021-2023، التى أكدت رغبة الإدارة الأمريكية الحالية على التوصل لسلام فى الشرق الأوسط، وأن حل الدولتين كان دائما اختيارا مطروحا للإدارات الأمريكية المتعاقبة سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية. كل ذلك جاء خلال الحوار التالى الذى أجرته معها «أخبار اليوم». اقرأ أيضًا | بإعلانات السوشيال.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتعويض النقص في جنود الاحتياط كيف تُقيّمين دور مصر فى أزمات الشرق الأوسط، وعلى رأسها الصراع الفلسطينى الإسرائيلى؟ تلعب مصر دورًا استراتيجياً فى المنطقة لأنها قادرة على التواصل مع جميع الأطراف. وكان للقيادة المصرية دورٌ أساسى فى التوصل لوقف إطلاق النار فى غزة، وسيكون هذا الدور حاسمًا فى الأشهر المقبلة بينما نحاول الانتقال للمراحل المستقبلية لحل الأزمة. ونظرًا لموقع مصر المميز وحقيقة أنها تحافظ على معاهدة السلام، فهى فى وضع فريد للعب دور قيادى ورئيسى فى استقرار وأمن قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. كثيراً ما نسمع تصريحات تتحدث عن شرق أوسط جديد؟ هل هناك رؤية أمريكية - إسرائيلية مشتركة لهذا الشرق الأوسط الجديد؟ هناك إمكانية لشرق أوسط أكثر أمانًا أو أكثر استقرارًا وازدهاراً، خصوصاً بعد تراجع النفوذ الإيرانى وتغير المشهد السياسى فى لبنان وسوريا. لكن وجود هذا الشرق الأوسط الجديد يعتمد على قرارات وأفعال القادة فى الشرق الأوسط وخارجه، خاصة فى واشنطن وموسكو وبكين وأوروبا. وهناك فرصة للحلفاء والشركاء المتشابهين فى التفكير فى تحقيق الاستقرار بالمناطق التى تتعافى من الحرب فى غزةولبنان وسوريا واليمن وليبيا. وإذا فشل هؤلاء القادة والحكومات فى حشد الإرادة السياسية للعمل معًا، فقد تضيع الفرصة الاستراتيجية. بشكل عام، كيف تقيّمين سياسات الرئيس ترامب نحو الشرق الأوسط؟ الرئيس ترامب يرغب فى تحدى ما يراه طرقاً قديمة للتفكير فى حلول أزمات الشرق الأوسط. ويرى أن عليه وضع حد وتغيير سياسات الإدارات الديمقراطية أو الجمهورية التى سبقته فى هذا الشأن. وهو يريد حلولا عبر المفاوضات وصنع الصفقات، وقال فى خطابه الافتتاحى إنه يريد أن يتذكره كصانع سلام. وهذه الرغبة فى عقد الصفقات هى التى تحكم نهجه فى الشرق الأوسط. ماذا عن مقترح الاستيلاء على قطاع غزة وتحويله لمنتجع سياحى بعد تهجير أهله؟ - هذا مثال على تحدى السيد ترامب للتفكير التقليدى فى غزة هو يعتقد أن هناك الكثير من الدمار للمدنيين الذين يعيشون هناك، وأن الفلسطينيين فى غزة يستحقون مكانًا أفضل للعيش أثناء تنظيف الأنقاض والقنابل غير المنفجرة. كما انه يريد أمن إسرائيل وألّا يكون لحماس دور أمنى أو حوكمة فى غزة بعد الحرب. وعموماً نهج الرئيس ترامب التحدث أولاً، والتخطيط لاحقًا، ولا توجد وسيلة لنقل الفلسطينيين بالقوة من غزة، كما لا توجد آلية قانونية «لتولى» الولاياتالمتحدة إدارة غزة. كما أن العديد من أعضاء الحزب الجمهورى يعربون بالفعل عن مخاوفهم من تداعيات اقتراح الرئيس بشأن غزة. حاولت واشنطن دائمًا موازنة انحيازها لإسرائيل وتحالفاتها مع الدول العربية. هل ترين هذا التوازن مهددا الآن؟ يشير الرئيس ترامب بوضوح إلى التزامه القوى بأمن إسرائيل، لكنه ايضاً يقدّر الشراكات الأمريكية مع الدول العربية وهو مستعد للاستماع والتحدث مع القادة كما التقى مع العاهل الأردنى الملك عبدالله. كما أن رحلته الأولى للخارج خلال فترة ولايته السابقة كانت للسعودية. وسيواصل الرئيس ترامب موازنة هذه التحالفات لكنه لن يتردد فى دعم إسرائيل إذا شعر بأن أمنها مهدد. ما أهمية مصر للمصالح الإستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط؟ وهل يمكن أن تخاطر واشنطن بفقدان هذا التحالف؟ يقدّر الرئيس ترامب بشدة العلاقات مع مصر، حتى إنه قام بحماية المساعدات العسكرية فقط لمصر وإسرائيل رغم تجميدها إلى جميع الدول الأخرى. وقد أرسل هذا إشارة مهمة حول مدى احترامه وتقديره لمصر. كذلك رسخت مصر، على مدار السنوات القليلة الماضية، دورها القيادى والحاسم فى أمن المنطقة، بداية من عملها على تأمين وقف إطلاق النار مروراً بجهودها المبذولة لإرساء الاستقرار فى ليبيا والسودان وأماكن أخرى. ولا ننسى ان معاهدة سلام مصر مع إسرائيل هى حجر الزاوية فى الاستقرار الإقليمى. الإدارات الديمقراطية بشكل عام تؤمن بحل الدولتين.. ما الذى يعوق قدرتها على الضغط على إسرائيل لقبول هذا الحل أو على الأقل التفاوض عليه؟ لطالما كان حل الدولتين موقفًا أمريكيًا راسخًا عبر جميع الإدارات الديمقراطية والجمهورية. الرئيس الوحيد الذى لم يُعد تأكيد هذا الموقف هو الرئيس ترامب. لكن هناك العديد من التحديات التى تحول دون تحقيق هذا الهدف. بعضها على الجانب الإسرائيلى والبعض الآخر على الجانب الفلسطينى.