تمتلئ ذاكرة رجال الشرطة بمئات الوقائع والمواقف المثيرة والغريبة التي واجهتهم عبر سنوات الخدمة الطويلة في المجال الأمني. وعلى مدار شهر رمضان المعظم سننقب في ذاكرة أحد القيادات الامنية القديمة ونستعرض كل أسبوع تفاصيل واحدة من هذه الوقائع المثيرة. حكاية غريبة ومثيرة، وقعت تفاصيلها في شهر رمضان، ويحكيها لنا ضابط شرطة سابق، من دفتر أحوال عمله، وتجاربه. معنا في هذه الحلقة اللواء أشرف يعقوب مساعد مدير أمن القليوبية والخبير الأمني، والذي عاد بذاكرته مسترجعًا واقعة غريبة وقعت في رمضان عام 2007، وهي حكاية لص محترف، ظل يراقب عريسا ثريا قبل حفل زفافه، إلى أن وصل إلى مقر الفندق الشهير الذي سيقضي فيه شهر العسل، وكيف نجح هذا اللص في الحصول على جميع بياناته من أحد العاملين في هذا الفندق الكائن بالتجمع الخامس، حتى طرق باب حجرة العريس وطلب منه مفاتيح سيارته بعد أن عرف نفسه بأنه سايس الفندق ولا بد من أخذ مفاتيح سيارته لركنها في البارك في مكان آمن، معرفة اللص لاسم العريس وبياناته جعلت العريس يطمئن ويعطيه مفاتيح العربية الفارهة ، لتتحول ليلة الزفاف إلى ليلة من القلق والتوتر والخوف، يحكيها لنا اللواء أشرف بعقوب وكيف ضبط اللص؟ وماذا فعل بالسيارة؟ وما سبب ضبطه خلال ساعات قليلة؟ وكيف تحولت ليلة الزفاف إلى ليلة كئيبة؟ وأين قضى تلك الليلة؟ جريمة في الفندق ابتسامته كانت تعلو وجهه، وشرد بتفكيره لبرهة من الوقت، حينما طرحت عليه سؤالا عن أغرب قضية مرت عليه أثناء خدمته بوزارة الداخلية، ثم تكلم قائلا، يااااه أعدتني إلى الزمن الجميل، وأيام العمل بالشرطة وروح التعاون والعمل كفريق واحد، ثم أجاب اللواء أشرف يعقوب الخبير الأمني ومساعد مدير أمن القليوبية، قائلا، سؤالك هذا لم يكن بالشيء المفاجئ لأنني كل يوم أتذكر أهم القضايا التي عملت بها، ثم قال هناك قضية لا تغيب عن تفكيري ولا تتركه أبدا، وهي من القضايا التي تكشف أهمية الكاميرات الحديثة، وتوزيعها بشكل منظم وبشكل فني فهي من أهم الأشياء التي تساعد في الكشف عن المتهم في أقرب وقت وضبطه سريعا. احتسى اللواء أشرف، رشفة من الشاي ثم استكمل حديثه، والابتسامة لا تغرب عن وجهه، فأعدت عليه السؤال عن أغرب قضية عاصرها ولا تغيب عن عقله كما لم يفوتني أن أساله عن سبب تلك الضحكة المتلازمة معه منذ وجهت تساؤلي، فرد قائلا، لأن من أغرب القضايا التي أتذكرها دائما حادثة غريبة كانت في أحد الفنادق الشهيرة بالتجمع، منذ ما يقرب من سبعة عشر عاما، وكنا في شهر رمضان، وفي توقيت متأخر، وكنت وقتها مدير العمليات بالإدارة العامة لشرطة السياحة «إدارة الإقامات»، وكان هناك حفل زفاف عريس، ودخل هذا الفندق وبعد فرحة أسرته وأصدقائه وزملائه وأهل العروس بهما، وانتهاء الزفة، دخل إلى الفندق وكانوا معه، إلى أن هدأت الأجواء ورحل المعازيم وابتعدوا عن الفندق، هنا كان هناك شخص يراقب ما يجري، لص محترف، لم يترك ذلك العريس، وخاصة أنه لمح سيارته الفارهة التي تندرج تحت أحدث وأشهر ماركات السيارات، فوضع اللص المحترف خطة تحتوي على الخداع والمكر، نجح اللص المحترف في الوصول إلى غرفة العريس، وحصل على جميع بياناته ومعلوماته وذلك من خلال مساعدة أحد العاملين بالفندق، إذ اتفق معه على إعطائه مبلغ من المال نظير مساعدته في الحصول على بياناته الشخصية، وتوصل إلى اسم العريس، وبذلك أصبحت مهمة اللص سهلة بعض الشيء إذ أنه سيتمكن من الحديث مع العريس بثقة، وطرق باب غرفة العريس، بعد أن علم رقمها، وبابتسامة هادئة ونظرة ثقة ارتسمت على وجه اللص، خرج العريس له وكان بيده ماكينة حلاقة الذقن، فإذا بالشخص الذي أمامه وبابتسامته يعرف نفسه على انه سايس الفندق، وطلب منه مفتاح العربية لركنها في مكان افضل في بارك الفندق. توقف فجأة اللواء أشرف يعقوب عن حكي قصة لص الفندق الشهير، وقال، وقتها كنت مدير عمليات شرطة السياحة والفنادق «إدارة الإقامات» والعقيد وقتها خالد المليجي رئيس مباحث شرطة السياحة والفنادق، «إدارة الإقامات»، وبعد أن انتظر العريس لمدة طويلة بعد أن أبلغه السايس المزعوم أنه سيحضر مفاتيح سيارته خلال نصف ساعة أو أقل، لكن مرت ساعة وساعتين ولم يعد مفاتيح سيارته بدأ العريس ينتابه القلق، اتصل بإدارة الفندق وأبلغهم بما حدث معه لكنهم فوجئوا بما يحكيه وأنهم لم يرسلوا سايس إلى غرفته، هنا بدأ يكتشف العريس أنه ضحية للص محترف، خطط لجريمته بشكل متقن، وعلى الفور تم إبلاغنا بالحادث، انتقلت أنا والعقيد خالد المليجي لمكان البلاغ واستمعنا إلى العريس الضحية، الذي لم يستطع أن يستمتع بليلة دخلته، لأن السيارة من أحدث أنواع السيارات وثمنها باهظ، وكان وقتها اللواء عبدالرحيم حسان مدير إدارة شرطة السياحة، وتشكل فريق من رجال شرطة السياحة ما بين نظاميين ومباحث، وعلى الفور قمنا بتفريغ الكاميرات وطباعة صور للمتهم، وهو امام حجرته وهو داخل الفندق، ووزعنا تلك الصور على جميع ضباط شرطة السياحة وخطوط السير، كما أن الكاميرات التي كانت في الفندق تم تركيبها بدقة جيدة وفي أماكن مهمة، ولم يمر وقت طويل حتى فوجئت بضابط شرطة في أحد الفنادق على طريق مصر إسكندرية الصحراوي، تعرف على المشتبه به، حينما شاهده وهو داخل إلى «نادي ليلي»، وتم التأكد من شخصيته، وكان ذلك في توقيت متأخر من الليل، وهنا على الفور انتقلت وقتها والعقيد آنذاك خالد المليجي رئيس مباحث السياحة، ومجموعة من ضباط إدارة البحث بشرطة السياحة وتم ضبط اللص المحترف، وقبل أن نتوجه للقبض على المتهم توجهنا إلى العريس حتى نطمئنه ونهدئ من روعه حيث أنه كان غاضبا وقلقا ولم يستمتع بفرحه في هذا الوقت. يستكمل اللواء أشرف يعقوب حكاية اللص المحترف والعريس داخل الفندق الشهير بالتجمع الخامس، قائلا: ألقينا القبض على اللص المحترف وقمنا بالتحقيق معه وتحرير محضر، وبسؤاله عن مكان السيارة لإعادتها للعريس، قال إنه باعها، لأحد التجار في الشرقية، تعجبنا وقتها، وسألته بالسرعة دي، فقال لي أنه كان يرتب للحادث منذ فترة وكان يعلم موعد زفاف العريس ودخوله للفندق، وكل شيء معد له جيدا، واتجهنا إلى التاجر الذي اشترى السيارة وبالفعل تمكنا من إعادتها، وكل ذلك تم خلال 36 ساعة، وكانت هذه الواقعة من أغرب الوقائع اللى اشتغلت فيها، وذلك يكشف أنه في العمل لا يوجد شيء بالحظ لكن التخطيط الجيد والإعداد والعمل كفريق واحد، وبشكل منظم، فرجل الأمن الذي اكتشف اللص لم يكن حظا بل تخطيط وجهد وتوزيع صور اخذت من الكاميرات وهذا يكشف عن مدى الأهمية الكبيرة لدور الكاميرات في كشف الجريمة، كما أن التحرك بسرعة في القبض على المتهم ساعدنا في إعادة السيارة بسرعة ايضا قبل بيعها لآخر أو التخلص منها. وأنهى اللواء أشرف كلامه قائلا: عدنا بالسيارة إلى العريس الذي كان قلقا وظل ينتظرنا في بهو الفندق، ولكن حينما عدنا له شكرنا وعاد الهدوء إليه، وتوجه إلى جميع رجال الشرطة بالشكر نظرا للجهد الكبير والوقت القليل الذي نجحنا فيه في إعادة سيارته وعاد إلى غرفته ليعيش حياته ويبلغ عروسه بالخبر السعيد. اقرأ أيضا: النيابة تقرر حبس الزوج المتهم ب إجبار زوجته على تناول «مادة كاوية»