العالم يشهد تغيرات دراماتيكية فى التحالفات والعلاقات الدولية، وتشابكات فى المصالح. ولعل الموقف الأمريكى المفاجئ من أزمة أوكرانيا، والتقارب بين واشنطن وموسكو، خير دليل. لم يسبق لى متابعة مثل هذا المشهد من قبل. الرئيس الأمريكى ترامب، والرئيس الأوكرانى زيلينسكى، فى جدال ساخن، بل مشادة كلامية (وفقاً لتوصيف وكالات الأنباء)على الهواء أمام الصحفيين بالمكتب البيضاوي. ولأن الموضوع شديد الحساسية، لن أترك العنان لقلمى، لتخيل أو وصف ما حدث على مرأى من العالم أجمع. وإنما أترك التوصيف لجهات تابعة لبلاد العم سام. فقد ذكر مراسل قناة الحرة، الجمعة، على موقع القناة الإلكترونى، أن البيت الأبيض ألغى المؤتمر الصحافى المشترك الذى كان مقرراً عقده بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الأوكرانى زيلينسكي، بعد مشادة وقعت بينهما، فى المكتب البيضاوي. وأضاف أنه لن يكون هناك توقيع على اتفاق المعادن بين واشنطن وكييف. وقال مسئول بالبيت الأبيض إن ترامب هو من اتخذ قرار إلغاء مراسم التوقيع مع زيلينسكي، وأصدر توجيهات بأن على الرئيس الأوكرانى مغادرة البيت الأبيض. بدورها ذكرت وكالة رويترز نقلاً عن مسئول بالبيت الأبيض القول إن زيلينسكى غادر مقر الرئاسة الأمريكية، بعد اجتماع شائك فى المكتب البيضاوى مع ترامب. وجاء ذلك بعد أن شهد اللقاء بين الرجلين، مشادة كلامية استغرقت عدة دقائق، خلال لقائهما فى البيت الأبيض، الجمعة. أما تفاصيل المشادة (والعهدة على وكالات الأنباء العالمية) وكلها غربية، أن الرئيس ترامب اشتبك مع الرئيس الأوكرانى زيلينسكى مراراً الجمعة، فى لقاء كان مخصصاً لتوقيع صفقة حول ثروات كييف المعدنية. وتحول إلى ملاسنات بين الزعيمين. فبينما حث زيلينسكى ترامب على توخى الحذر مع روسيا، اتهم ترامب نظيره الأوكرانى بقلة الاحترام. وقال: لولا الدعم العسكرى الأمريكى المقدر ب 350 مليار دولار، لانتهت الحرب خلال أسبوعين. وعلق زيلينسكى: بل خلال 3 أيام كما قال بوتين. واستشاط ترامب وقال: «شعبك شجاع، لكن عليك أن تتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإلا سننسحب». ووبخ ترامب زيلينسكي، وطلب منه أن يكون أكثر امتناناً، قائلاً: «لا تعطينا دروساً، أنت لست فى وضع يسمح لك بأن تملى علينا ما نشعر به، أنت لا تتصرف على الإطلاق وكأنك ممتن. هذا ليس تصرفاً لطيفاً». وأضاف: «إنك تخاطر بحياة ملايين البشر، تخاطر بإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة، وما تفعله يقلل بشدة من احترامك لهذه البلاد». وأضاف: «لا أعتقد أن الأمر سيكون جميلاً، ستقاتل حتى النهاية ولن تنتصر، لكنك لا تملك أى أوراق مساومة». بدوره، هاجم نائب الرئيس الأمريكى جاى دى فانس الجالس إلى جانبهما، زيلينسكى أيضاً معتبراً أنه «قلل من احترامه» للأمريكيين. ما حدث فى المكتب البيضاوي، يكشف بجلاء أننا أمام مرحلة سياسية غير مسبوقة فى تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية. ما يستلزم دراسة عربية عميقة، للمتغيرات فى محددات السياسة الخارجية الأمريكية، والأساليب المثلى للتعامل معها، بما يحقق المصالح العربية، فى عالم يشهد تغيرات دراماتيكية فى التحالفات والعلاقات الدولية، وتشابكات فى المصالح. ولعل الموقف الأمريكى من أزمة أوكرانيا، والتقارب الأمريكى الروسى، والبون الواسع بين الموقفين الأمريكى والأوروبي، خير دليل. وقس على ذلك فى مختلف القضايا الدولية، التى يمثل فيها الموقف الأمريكي، عاملاً رئيساً، مثل تغير المناخ، والمساعدات الدولية، ومنظمة الصحة العالمية. العالم قى ظل فكر الصفقات الأمريكي، سيكون مختلفاً، وصادماً فى أغلبه، وعلى العرب الاستعداد. مصر والسعودية الأحد: سعدت باللقاء الأخوى التشاورى، الذى عقد مؤخراً بالرياض، وجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجى مع قائدى مصر والأردن. مبعث سعادتى، أن هذا اللقاء جاء بعد إعلان الرئيس الأمريكى ترامب، خطته الصادمة بشأن تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، وتحويل القطاع إلى ريفيرا جديدة بالشرق الأوسط. وهو ما رفضته مصر والأردن تماماً. ليجيء لقاء الرياض كخطوة عربية، تؤشر لتضامن عربى، مع الموقفين المصرى والأردنى الرافض للتهجير، قبل انعقاد القمة العربية الطارئة بالقاهرة 4 مارس. ولدى ثقة وقناعة تامة، أنه كلما التقت رؤى العرب، وبالذات مصر والسعودية، بشأن قضية ما، فالخير قادم. فالقاهرة والرياض تمثلان جناحى الأمة، وتعدان بقدراتهما السياسية والاقتصادية، قوة يحسب لها ألف حساب فى موازين القوى العالمية. وفقكم الله يا قادة العرب، لما فيه خير الأمة وشعوبها. دوابة والششتاوى الجمعة: مع إعلان مفتى الجمهورية، رؤية هلال رمضان، وبدء الاستعداد النفسى والوجدانى للشهر الكريم، وتبادل التهانى مع الأقارب والأصدقاء. تتزاحم فى الوجدان صور أناس افتقدناهم، ولن يتواجدوا فى حياتنا خلال الشهر الكريم. من بين هؤلاء الحاج عبد الفتاح دوابة، حكمدار غرفة عمليات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر1973، الذى اعتدت سماع صوته، فى جميع المناسبات مهنئاً، فقد علمت برحيله عن دنيانا، من خلال ابنته الدكتورة هدى دوابة، عبر فيسبوك، حزنت بشدة. فقد كان صديقاً غالياً، معجوناً بحب الوطن، وكم كنت استشعر نبضات قلبه القوية، خلال اتصالاتنا، وهو يصف ما عايشه بكل جوارحه من بطولات نسور الجو المصريين، خلال معركة المنصورة الجوية، وكيف نجح أبطالنا فى إسقاط 20 طائرة إسرائيلية خلال المعركة التى استمرت 50 دقيقة، ولولا فرار باقى طائرات العدو، أمام براعة طيارينا، لكانت الحصيلة أضعافاً مضاعفة، رحمك الله يا صديقى، وجعل مثواك الجنة مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. أما الزميل أحمد الششتاوى، الذى رحل بعد أدائه صلاة التراويح مساء الجمعة الماضى، فقد كان خبر وفاته صادماً أيضاً. فقد تلقيت اتصالاً منه يوم الأربعاء، يستفسر خلاله عن تكليفات مجلس التحرير الخاصة بقسم التحقيقات، لتقديم تقرير المتابعة المكلف به لرئيس التحرير أسبوعياً، ويختتم الاتصال بعبارة واحدة، كل أسبوع وأنت طيب يا ريس. رحمك الله يا طيب، وجعل مثواك مع الطيبين أمثالك. أنا والحفيدة ( كنده) السبت: فى أول أيام الشهر الفضيل، وبينما أجلس مربعاً على فراشى، أتلو القرآن، خلف صوت الشيخ عبد الرحمن السديس، لاحظت باب الغرفة يفتح ببطء، لم أهتم، فقد كانت عيناى تتابعان سطور المصحف المفتوح أمامى، وأذناى مصغية لصوت الشيخ السديس. وفوجئت بمن يوخزنى، نظرت فإذا بالحفيدة الجميلة كنده (13 شهراً)، ترفع يديها لحملها. أخذتها فى أحضانى، بينما أواصل التلاوة، متحركاً بجذعى للأمام والخلف مع صوت الشيخ. واستمر الأمر قرابة ربع الساعة، حتى أحسست برأس (كنده) يتمايل. نظرت لوجهها، فإذا بالبراءة تغط فى نوم عميق، لم يقطعه إلا صوت المؤذن بحلول موعد الإفطار، استيقظت كنده، وعلى وجهها ابتسامة، ما أحلاها، وصوت جدتها، تدعونا لطعام الإفطار، كل عام وأنتم وأحبابكم بخير وصحة وسعادة، متعكم الله بصيام شهر رمضان وقيامه، وتقبل منكم صالح الأعمال، خالصة لوجهه الكريم. آخر كلام اللهم بفضل هذا اليوم الكريم، اشرح صدرى ويسر أمري، وبارك لى فى أولادى وأحفادى، فإنى استودعتك إياهم فى هذا الشهر الكريم. اللهم زودنا بالإيمان، اللهم اجعلنا على ما تحب وترضى، اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا، واجمع على الحق أمرنا يا أرحم الراحمين. ربى أسألك الخير كله عاجله وآجله، اللهم اجعلنا من المرحومين برحمتك فى أول أيام الرحمة. اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبى فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، اللهم لك الحمد حمداً يليق بجلالك.