لعبت صناعة الأسلحة في مصر القديمة دورًا محوريًا في تأمين حدود البلاد وتعزيز قوتها العسكرية، خاصة خلال عصر الدولة الحديثة، الذي شهد توسعًا كبيرًا في استخدام العجلات الحربية والأقواس المتطورة. ومن بين الشواهد الفنية المميزة على هذه الصناعة، تبرز لوحة رئيس صانعي الأقواس "حور"، المكتشفة داخل مبنى السرابيوم بسقارة، والمؤرخة لعصر الأسرة الثامنة عشرة. اقرأ أيضا | الجمهورية الجديدة.. مصر تصنع سلاحها العسكري بآيادي أبنائها تعرض هذه اللوحة، المحفوظة حاليًا في متحف اللوفر بباريس، تفاصيل دقيقة عن عملية تصنيع الأسلحة، حيث يظهر "حور" جالسًا أثناء صنع قوس، بينما ينهمك العمال في تجهيز بقية الأسلحة وأجزاء العجلات الحربية. ** وصف اللوحة ومشهد التصنيع تتكون اللوحة من عدة صفوف، ويبرز في الصف الثالث مشهد رئيسي يجسد دور "حور" كرئيس صانعي الأقواس. يظهر "حور" جالسًا على مقعد في الجانب الأيسر من اللوحة، منشغلًا بتشكيل أحد الأقواس، في مشهد يعكس مدى الحرفية والمهارة المطلوبة في صناعة هذا السلاح الفتاك، وعلى الجانب الأيمن، نرى مجموعة من العمال يقومون بتحضير الأسلحة الأخرى، إلى جانب أجزاء من العجلات الحربية، التي كانت عنصرًا أساسيًا في الجيش المصري خلال عصر الدولة الحديثة. ** صناعة الأقواس والأسلحة في مصر القديمة تمثل الأقواس جزءًا أساسيًا من ترسانة الجيش المصري، وقد شهدت تطورًا كبيرًا خلال الأسرة الثامنة عشرة، خاصة بعد التأثر بالتقنيات الحربية القادمة من آسيا، مثل القوس المركب. كان تصنيع الأقواس يتطلب مهارة فائقة، حيث كانت تصنع من الخشب المقوى والجلد والأوتار، لضمان متانتها وقوتها أثناء المعارك. كما كانت العجلات الحربية تصنع من الخشب الخفيف، ما منحها سرعة عالية في ساحة القتال، وساهم في تفوق الجيش المصري على أعدائه. ** السرابيوم وسياقه التاريخي عُثر على اللوحة داخل مبنى السرابيوم بسقارة، وهو الموقع الشهير الذي كان مخصصًا لعبادة العجل المقدس "أبيس". وعلى الرغم من أن السرابيوم مرتبط بالمعتقدات الدينية، فإن العثور على لوحة لصانع أسلحة داخله يشير إلى العلاقة الوثيقة بين الدين والجيش في مصر القديمة، حيث كانت القوة العسكرية تُعتبر جزءًا من النظام الإلهي للحفاظ على استقرار البلاد. ** أهمية اللوحة وأسباب حفظها في متحف اللوفر تُعد لوحة "حور" إحدى الوثائق البصرية النادرة التي توثق مراحل صناعة الأسلحة في مصر القديمة، وهو موضوع لم ينل نصيبًا كافيًا من التسجيل في النقوش المصرية مقارنة بالمشاهد القتالية. اقرأ أيضا | كيف ينتهي بأسلحة برلين الموجهة لأوكرانيا المطاف في السوق السوداء؟ وبفضل هذه اللوحة، يمكننا اليوم فهم طبيعة العمل في ورش التصنيع الحربي، والمهارات المتقدمة التي امتلكها المصريون القدماء في تصميم الأسلحة. ونظرًا لأهميتها الأثرية والفنية، تم نقل اللوحة إلى متحف اللوفر، حيث تُعرض ضمن مجموعة الفنون المصرية، لتظل شاهدة على براعة المصريين القدماء في الصناعة العسكرية. تعكس لوحة رئيس صانعي الأقواس "حور" الدور الحيوي للصناعة العسكرية في مصر القديمة، ومدى التقدم الذي وصلت إليه تقنيات تصنيع الأسلحة خلال عصر الدولة الحديثة. فبينما يظهر "حور" وهو يشرف على تصنيع الأقواس، يعمل الآخرون على تجهيز العجلات الحربية والأسلحة، في مشهد يوثق أحد أهم جوانب القوة المصرية القديمة. وتظل هذه اللوحة دليلًا على أن التفوق العسكري لم يكن مجرد نتاج القوة البشرية، بل كان أيضًا ثمرة إبداع وتقنيات متقدمة، وضعت مصر في صدارة القوى العظمى في العالم القديم. اقرأ أيضا| قائد القوات البحرية يشهد تدشين القاطرة الثالثة من طراز (ASD) بترسانة الأسكندرية