لقاء أغرب من الخيال شهده البيت الأبيض يوم الجمعة الماضى، وصفته وسائل الإعلام ب«اللقاء التاريخى» وهو وصف حقيقى ودقيق فعلا، فما حدث بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى كان مشهدا دراماتيكيا بامتياز! كان الهدف من الاجتماع مناقشة اتفاقية «المعادن النادرة»، إلا أن اللقاء تحوَّل إلى مواجهة حادة بين الزعيمين، أنهى ترامب الاجتماع بطريقة مفاجئة، وقالت وسائل إعلام أمريكية إنه طرد الرئيس الأوكرانى من البيت الأبيض، وبالطبع تم إلغاء المؤتمر الصحفى المشترك، ولم يتم توقيع الاتفاقية. بدأت التوترات عندما طرح صحفى بولندى سؤالًا حول علاقة ترامب بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين والسياسات الأمريكية الموالية لموسكو. رد ترامب بأن «كراهية» زيلينسكى تعوق المفاوضات، مما أثار استياء الرئيس الأوكراني. تدخل نائب الرئيس الأمريكي، جى دى فانس، مشيرًا إلى أن الدبلوماسية هى السبيل لإنهاء الحرب فى أوكرانيا، وهو ما دفع زيلينسكى للتشكيك فى فاعلية الدبلوماسية، مستشهدًا بانتهاك روسيا لوقف إطلاق النار فى عام 2019. تصاعدت الأمور عندما اتهم ترامب زيلينسكى بعدم الاحترام، محذرًا من أن تصرفاته قد تؤدى إلى حرب عالمية ثالثة. أثارت هذه المواجهة ردود فعل دولية واسعة. أعرب العديد من القادة الأوروبيين عن دعمهم لزيلينسكى وانتقدوا موقف ترامب. كان أولهم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ومن بعده رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، اللذين أكدا التزام بلادهما بدعم أوكرانيا، ومن ثم أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن تضامن الاتحاد الأوروبى مع أوكرانيا، مؤكدةً أهمية تحقيق سلام عادل ودائم. من ناحية أخرى، أشاد رئيس الوزراء المجرى، فيكتور أوربان، بموقف ترامب، معتبرًا أن «الرجال الأقوياء يصنعون السلام، والضعفاء يصنعون الحرب». داخليًا، أثارت تصرفات ترامب انتقادات بعض السياسيين الأمريكيين. السيناتور الديمقراطي، تشاك شومر، اتهم ترامب ونائبه بالعمل لصالح بوتين، واصفًا موقفهما ب»المخزى». فى المقابل، دافع السيناتور الجمهوري، ليندسى جراهام، عن ترامب، مشيرًا إلى أن الرئيس كان يسعى لتحقيق اتفاقية مهمة، لكن زيلينسكى أفسد الأجواء. فى أعقاب الاجتماع، عبر زيلينسكى عن امتنانه للشعب الأمريكي، مؤكدًا أن أوكرانيا تسعى لتحقيق سلام عادل ودائم. إنه نوع جديد وغريب من السياسة نعيشها ونراها فى بث مباشر للمرة الأولى، خلال الشهر الثانى لحكم ترامب للولايات المتحدة، ولا يزال أمامه سنوات أربع لا يتوقع أحد ما الذى يمكن أن نراه خلالها.