في أروقة المتحف المصري بالتحرير، يقف تمثال مهيب يجسد شخصية بارزة من مصر القديمة تُعرف باسم "كابر" أو "الشيخ البلد"، وهو لقب يرمز إلى زعيم القرية والمسؤول الأول عن شؤونها. يعكس التمثال بواقعيته المذهلة مكانة صاحبه في مجتمعه، حيث كانت لهذه الشخصية دور محوري في إدارة الحياة اليومية لسكان القرية، وضمان النظام والعدل بينهم. ويُعد هذا التمثال من أبرز القطع الفنية التي تسلط الضوء على مكانة الأعيان في مصر القديمة، حيث يبرز مدى اهتمام الفنانين القدماء بإبراز الهيبة والسلطة من خلال النحت الدقيق والتفاصيل الواقعية. اقرأ أيضا | أصل الحكاية| المتحف المصري.. مرحلة جديدة من التطوير تعيد إحياء كنوزه ** من هو كابر؟ كابر، الذي يُعرف أيضًا بلقب "الشيخ البلد"، كان شخصية قيادية في مجتمعه خلال الدولة القديمة، حيث تولى مهام الإدارة والإشراف على شؤون القرية وأهلها. يشير اسمه ودوره إلى مدى أهمية المسؤولين المحليين في مصر القديمة، حيث كانوا حلقة الوصل بين عامة الشعب والإدارة المركزية. ** التمثال وميزاته الفنية تمثال كابر مصنوع من الخشب المطلي، وهو من أروع الأمثلة على دقة النحت في مصر القديمة. يتميز التمثال بتصميمه الطبيعي، حيث نُحتت ملامحه بتفاصيل دقيقة، مما يجعل تعبير وجهه يبدو حيًا للغاية. كما أضيفت للتمثال عيون مصنوعة من الكوارتز والنحاس، ما يمنحه نظرة نابضة بالحياة تُعبر عن القوة والحكمة في آنٍ واحد. ** الموقع والاكتشاف اقرأ أيضا | حكاية متحف| ختام ورشة فن الماركترية «قشر الخشب» في المتحف المصري بالتحرير تم العثور على التمثال في مقبرة بسقارة، وقد أثار دهشة علماء الآثار بسبب واقعيته اللافتة للنظر. ومن المثير للاهتمام أن العمال الذين اكتشفوه أطلقوا عليه لقب "الشيخ البلد" بسبب شبهه الكبير بشيوخ القرى في مصر الحديثة، وهو لقب لا يزال متداولًا حتى اليوم في الأرياف المصرية. ** الأهمية التاريخية والاجتماعية يعكس تمثال كابر الدور الذي لعبه زعماء القرى في مصر القديمة، حيث كانوا مسؤولين عن تنظيم شؤون الزراعة، وإدارة الموارد، وحل النزاعات بين السكان. كما يوضح التمثال مدى التطور الفني الذي بلغه النحت المصري القديم، ومدى اهتمام الفنانين بإبراز السمات الشخصية والهيبة في أعمالهم. اقرأ أيضا | السيدتان الحاملتان للقرابين.. رمز الوفاء الجنائزي في مصر القديمة يُعد تمثال كابر أو "الشيخ البلد" شاهدًا على عظمة النحت المصري القديم ودوره في تخليد الشخصيات البارزة في المجتمع. إنه ليس مجرد قطعة أثرية، بل هو نافذة تطل على عالم الفلاحين والزعماء المحليين الذين لعبوا دورًا حيويًا في استقرار مصر القديمة، مما يعكس عبقرية المصريين في الجمع بين الفن والتاريخ لتخليد رموزهم إلى الأبد.