بينما تستمر الحرب على غزة، تزداد التساؤلات حول دور الإعلام الغربي في تشكيل الرأي العام، خاصة في المؤسسات البريطانية، حيث كشف صحفيون من خمس وسائل إعلامية بارزة عن قيود خفية تُفرض على تغطية الحرب الإسرائيلية على غزة، ما سلط الضوء على معركة داخلية بين المهنية الصحفية والانحياز المؤسسي. في اعترافات غير مسبوقة، أبدى صحفيون من «بي بي سي»، و«سكاي نيوز»، و«آي تي إن»، و«الجارديان»، و«التايمز»، قلقهم إزاء التحيز المؤيد لإسرائيل داخل مؤسساتهم، رغم اختلاف التوجهات السياسية لهذه الوسائل، إلا أن جميعهم رسموا صورة متشابهة للعقبات التي تواجه الصحفيين عند محاولة كشف تفاصيل الحرب على غزة أو تسليط الضوء على المعاناة الفلسطينية، وذلك وفقًا لما أفاد به موقع «ديكلاسيفايد» البريطاني. اقرأ أيضًا| بين ضغوط أمريكية ومراوغة إسرائيلية.. مفاوضات شائكة حول استمرار صفقة غزة دموع في الكواليس.. الصحفيون تحت الرقابة اضطر الصحفيون الذين تحدثوا لموقع «ديكلاسيفايد» البريطاني، لإخفاء هوياتهم خوفًا من العواقب المهنية، ووفقًا لشهاداتهم، فإن محاولة إضفاء الطابع الإنساني على الفلسطينيين أو التدقيق في الروايات الرسمية الإسرائيلية يقابل بمقاومة شديدة، ما يكشف عن نظام رقابي داخلي يحد من حرية التغطية لجرائم الحرب على غزة. لم يكن الأمر مجرد تقييد للخط التحريري، بل وصل إلى التأثير العاطفي على الصحفيين، حيث تحدثت مراسلة من «التايمز» البريطانية، عن معاناتها اليومية ومحاولاتها الفاشلة لنشر أخبار تعكس حقيقة ما يحدث بغزة، وفي صحيفة «الجارديان»، قام صحفيون غاضبون بجمع أدلة تثبت تضخيم الصحيفة للدعاية الإسرائيلية وتجاهل الحرب على غزة الموثقة، بحسب موقع «ديكلاسيفايد» البريطاني. «سكاي نيوز».. أسئلة محظورة وعواقب فورية كشف موقع «ديكلاسيفايد» البريطاني، عن أن الصحفيون العاملون في التلفزيون البريطاني «سكاي نيوز»، يواجهون تحديات كبيرة، حيث تُمنع الأسئلة الصعبة الموجهة للمسؤولين الإسرائيليين، وتُفرض رقابة مشددة على المصطلحات المستخدمة في التغطية، وفي «سكاي نيوز»، كانت الرواية الإسرائيلية مهيمنة، بغض النظر عن دقتها، بينما تم تحييد أي تقرير يُشير إلى الحرب على غزة بشكل مباشر. اقرأ أيضًا| غزة اليوم.. آخر تطورات المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى خطوط «بي بي سي» الحمراء.. الإبادة الجماعية «خارج القاموس» في «بي بي سي» البريطانية، يخضع الصحفيون لضوابط صارمة، حيث تم فرض حظر شبه رسمي على استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" عند وصف الهجوم الإسرائيلي على غزة، حتى لو كانت الأدلة واضحة، أما في «آي تي إن»، فالتركيز ينصب على العناوين الجاذبة.. فعندما تصل مشاهد الدمار من غزة، يتم التعامل معها كمحتوى لجذب المشاهدات، دون اعتبار لضحايا الحرب على غزة. وأكد صحفي في «سكاي نيوز» البريطانية، أن تغطية الحرب الإسرائيلية تخضع لمجموعة غير رسمية من القواعد التي تضمن السيطرة على السرد الإعلامي، حتى عند تلقي مقاطع فيديو توثق مجازر غزة، لا يُسمح للصحفيين بوصفها بما تراه أعينهم. داخل غرف الأخبار.. من يعارض «يُهمّش» أفاد موقع «ديكلاسيفايد» البريطاني، بأن أي محاولة للاعتراض على التغطية المنحازة أو لفت الانتباه إلى الحرب على غزة تواجه بعواقب مهنية في الصحف البريطانية المذكورة، حيث وصف صحفيون كيف يتم تهميشهم أو اتهامهم بأنهم "متشددون" لمجرد مطالبتهم بتغطية أكثر توازنًا. الألم المهني لمراسلي غزة كشف مراسل في صحيفة «التايمز» عن المعاناة العاطفية التي يواجهها الصحفيون أثناء تغطية الأحداث في غزة، وأوضح أنه بكى مرات عديدة بسبب إحباطه من عدم القدرة على نقل الصورة الحقيقية ل الحرب على غزة التي تحدث في القطاع المنكوب، وكذلك في «الجارديان» البريطانية، تجمّع موظفون غاضبون لإنشاء سجل موثق للمواد الصحفية التي تروج للدعاية الإسرائيلية دون تدقيق. لم يكن هذا الصحفي وحده في مواجهة تلك القيود، بل اكتشف بعد محادثات مع زملائه في صحيفة «التايمز» ومحطة «توك تي في» وراديو التايمز، أن هناك استياءً واسع النطاق من تقييد التغطية الإعلامية ل الحرب على غزة، حيث كانت هناك رقابة صارمة وتحكم مُتعمد في زوايا التغطية الإعلامية. ففي صحيفة «التايمز»، كان هناك توجيه واضح لإعادة صياغة التقارير بطريقة تخدم الرواية الإسرائيلية، وكان الصحفيون يواجهون تعديلات متكررة على عباراتهم، بحيث يتم التركيز على "هجمات الفصائل الفلسطينية" بعيدا عن السرد من لحظة القصف الإسرائيلي، كما تم رفض إرسال مراسلين متعاطفين مع القضية الفلسطينية إلى الميادين، بينما تم اختيار صحفيين معروفين بتبنيهم للموقف الإسرائيلي، وفقًا لموقع «ديكلاسيفايد» البريطاني. اقرأ أيضًا| «مرفوضة وتشعل المنطقة».. نواب في الكونجرس يهاجمون خطة ترامب حول غزة ردود الفعل داخل الصحف البريطانية في نوفمبر 2023، كتب 8 صحفيين من هيئة الإذاعة البريطانية رسالة رسمية انتقدوا فيها التغطية غير المتوازنة للقناة، مؤكدين أنها فشلت في نقل الصورة الكاملة ل الحرب على غزة، رغم ذلك، لم يحدث أي تغيير جوهري، ما دفع بعض الصحفيين إلى الاستقالة تعبيرًا عن رفضهم لهذه السياسة التحريرية. داخل غرف بعض الأخبار البريطانية، كانت هناك تعليقات تعكس جهلًا واضحًا بحقيقة الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، وفي إحدى المرات، تساءل أحد المحررين في «التايمز»: "لماذا لا يستقل الفلسطينيون الحافلات ويغادرون إلى الأمان؟"، متجاهلًا الحصار الإسرائيلي الشامل الذي يمنع أي تحرك، وأوضحت أيضًا هذه النظرة السطحية توجّهًا عامًا داخل الصحيفة لتجاهل المعاناة الفلسطينية والتركيز على تبرير السياسات الإسرائيلية. كما يرى الصحفيون أن «الجارديان»، تُروج لنفسها كصحيفة تقدمية ومستقلة، لكنها في الواقع لا تتحدى الرواية السائدة بالشجاعة المطلوبة لإبراز الحرب على غزة ومعاناة الفلسطينيين، متسلائلين: «إذا كانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تنشر مقالات تصف ما يحدث بقطاع غزة بأنه «تطهير عرقي»، فلماذا تعجز الجارديان عن تسمية الأمور بمسمياتها؟»..