في خطوة تعكس الأهمية المتزايدة للعلاقات المصرية الإسبانية، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى العاصمة الإسبانية مدريد، في إطار تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق المشترك بين البلدين. جاءت هذه الزيارة تتويجا لعقد كامل من التحولات الإيجابية في مسار العلاقات بين القاهرةومدريد، لا سيما على الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية. خلال الزيارة، أجرى الرئيس السيسي عدة لقاءات مهمة، كان أبرزها اجتماعه مع جلالة الملك فيليب السادس، ملك إسبانيا، حيث بحث الجانبان سبل توطيد العلاقات الثنائية وتعزيز التشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما التقى الرئيس مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، حيث تم التأكيد على توافق الرؤى بين البلدين إزاء العديد من الملفات الإقليمية والدولية، في ظل التحديات التي يشهدها الشرق الأوسط والمتوسط. أحد أبرز نتائج الزيارة كان توقيع اتفاق ترفيع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مما يمثل نقلة نوعية في مسار التعاون بين البلدين. تعكس هذه الاتفاقية حرص الطرفين على تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن التنسيق المستمر في المحافل الدولية. لم تقتصر ثمار الزيارة على الشراكة الاستراتيجية، بل تضمنت أيضا توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات مختلفة، من بينها الطاقة، النقل، البنية التحتية . هذه الاتفاقيات من شأنها فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، وتسهم في جذب الاستثمارات الإسبانية إلى السوق المصرية، خاصة في ضوء الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها مصر خلال السنوات الأخيرة. شهدت الزيارة أيضا مشاركة الرئيس السيسي في فعالية اقتصادية موسعة مع مجتمع الأعمال والشركات الإسبانية الكبرى. هذه الفعالية وفرت منصة لعرض الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر، لا سيما في قطاعات الطاقة المتجددة، والنقل، والسياحة، والتكنولوجيا. وأكد الرئيس خلال كلمته أمام رجال الأعمال على التسهيلات التي تقدمها الحكومة المصرية للمستثمرين، في إطار سعيها لجعل مصر مركزا إقليميا للاستثمار. تأتي هذه الزيارة في توقيت بالغ الحساسية، في ظل ما يشهده الإقليم من اضطرابات ونزاعات متصاعدة، سواء في الشرق الأوسط أو منطقة المتوسط. ومن ثم، عكست المحادثات بين الجانبين إدراكا مشتركا لأهمية التنسيق السياسي لمواجهة التحديات الراهنة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار. شهدت العلاقات المصرية الإسبانية خلال الأعوام العشرة الأخيرة تطورا ملحوظا، خاصة بعد أن أصبحت مصر ركيزة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وشريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي في ملفات الهجرة، والطاقة، والتنمية الاقتصادية. ويؤكد تصاعد حجم التبادل التجاري والاستثمارات الإسبانية في مصر، أن العلاقات بين البلدين باتت تستند إلى مصالح اقتصادية متبادلة. يمكن القول إن زيارة الرئيس السيسي إلى مدريد لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل جاءت لترسيخ أسس شراكة استراتيجية بين البلدين، بما يعكس عمق العلاقات الثنائية، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون البناء في مختلف المجالات. [email protected]