في أعالي الجبال الضبابية شمال تايلاند، تنمو أشجار البن العربي (أرابيكا) في بيئة فريدة تمنحها مذاقًا مميزًا ورائحة غنية، رغم أن تايلاند ليست من الدول التقليدية المنتجة للبن، إلا أنها نجحت خلال العقود الأخيرة في تحويل زراعة القهوة إلى صناعة مزدهرة، بفضل الجهود الحكومية والمبادرات الخاصة، مثل تجربة هيلكوف التي ساهمت في تطوير القطاع وربطه بالاستدامة، بحسب wipo. «التحول الزراعي في تايلاند»..من الأفيون إلى القهوة حتى منتصف القرن العشرين، كان العديد من المزارعين في المناطق الجبلية التايلاندية يعتمدون على زراعة الأفيون كمصدر رئيسي للدخل، لكن مع حظر الحكومة التايلاندية لزراعة الأفيون في عام 1958، بدأ البحث عن محاصيل بديلة تضمن للمزارعين مصدر رزق مستدام دون الإضرار بالبيئة أو الاقتصاد المحلي. اقرأ ايضا|a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4543735/1/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%8A%D8%B6%D9%85-%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8%B7%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF" title="حكايات| "معرض الكتاب يضم أنشطة متنوعة".. شاهد جولة داخل جناح القومي للمرأة"حكايات| "معرض الكتاب يضم أنشطة متنوعة".. شاهد جولة داخل جناح القومي للمرأة وفي إطار مشروع الزراعة في المرتفعات، بدأ الترويج لزراعة البن العربي في السبعينيات والثمانينيات كبديل استراتيجي للمزارعين، ومن بين الشركات الرائدة في هذا التحول كانت شركة هيلكوف، التي أسسها ثيرا تاكساودوم عام 1987، عندما بدأ تشجيع المزارعين على زراعة القهوة بدلا من الأفيون، وساعدهم في إدخال تقنيات حديثة للزراعة والمعالجة. بيئة فريدة لإنتاج قهوة استثنائية وتعتبر جبال شيانغ ماي، شيانغ راي، وماي هونغ سون من أهم المناطق المنتجة لقهوة الأرابيكا في تايلاند. تتميز هذه المناطق ب: ارتفاعات تتراوح بين 800 و1600 متر فوق سطح البحر، وهي مثالية لنمو بن الأرابيكا. مناخ استوائي معتدل، يوفر درجات حرارة مناسبة لإنضاج ثمار القهوة ببطء، مما يزيد من جودتها. تربة بركانية غنية بالمعادن، تمنح البن طعمًا معقدًا ومميزًا يجمع بين الحلاوة والحمضية المتوازنة. «من الحقول إلى الفنجان».. معالجة القهوة في تايلاند، يتم استخدام أساليب معالجة متنوعة لإنتاج أنواع مختلفة من القهوة، ومن أبرزها: 1. المعالجة المغسولة (Washed Process): حيث يتم إزالة القشرة واللب من حبوب القهوة قبل التجفيف، مما يمنح القهوة نكهة نقية وحمضية واضحة. 2. المعالجة الطبيعية (Natural Process): يتم تجفيف حبوب القهوة داخل ثمارها، مما يعزز من الحلاوة ويضيف نكهات الفواكه الاستوائية. 3. المعالجة بالعسل (Honey Process): وهي طريقة وسطية بين المعالجة المغسولة والطبيعية، حيث يتم إزالة جزء من اللب قبل التجفيف، مما يعطي القهوة قوامًا كريميًا ونكهات غنية. تأثير زراعة القهوة على المجتمعات المحلية وأصبحت زراعة البن العربي مصدر دخل رئيسي لأكثر من 900 عائلة في شمال تايلاند، حيث تنتج القرى الزراعية أكثر من 1000 طن من حبوب البن سنويًا. ومن بين أهم الفوائد التي جلبتها زراعة القهوة للمجتمعات المحلية: تحسين مستوى المعيشة للمزارعين عبر تحقيق دخل ثابت ومستدام. الحفاظ على الغابات والتنوع البيئي، حيث يتم زراعة القهوة تحت ظلال الأشجار، مما يساعد في تقليل إزالة الغابات. تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال تصدير القهوة إلى الأسواق العالمية، إلى جانب ازدهار السياحة الزراعية في مزارع القهوة. تايلاند على خريطة القهوة العالمية وبفضل التحسين المستمر في جودة البن وتقنيات المعالجة، بدأت قهوة الأرابيكا التايلاندية في جذب الاهتمام الدولي، واليوم، تُباع القهوة التايلاندية في الأسواق المحلية والعالمية، ويتم تقديمها في المقاهي المختصة في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وقد ساهمت شركات مثل هيلكوف في تعزيز سمعة القهوة التايلاندية عالميًا من خلال تبني نموذج زراعي مستدام يعتمد على صفر نفايات، حيث يتم إعادة تدوير مخلفات القهوة إلى منتجات أخرى مثل الشاي العضوي، والخل البلسمي، وحتى الأسمدة الحيوية. مستقبل زراعة القهوة في تايلاند مع زيادة الطلب العالمي على القهوة المختصة، تسعى تايلاند إلى توسيع إنتاجها من قهوة الأرابيكا مع التركيز على الاستدامة والجودة، تعمل الحكومة بالتعاون مع المزارعين على تحسين أصناف القهوة، وتعزيز تقنيات الزراعة العضوية، وتوسيع الأسواق التصديرية. وبفضل هذا النهج، لم تعد تايلاند مجرد دولة مستهلكة للقهوة، بل أصبحت واحدة من أبرز منتجي القهوة المختصة في آسيا، قادرة على منافسة الدول التقليدية المنتجة للبن مثل البرازيل وإثيوبيا وكولومبيا. وتحولت زراعة البن العربي في تايلاند من مجرد تجربة زراعية بديلة إلى صناعة متكاملة تدعم آلاف المزارعين، وتحافظ على البيئة، وتقدم للعالم قهوة ذات جودة عالية بطابع تايلاندي فريد، واليوم، تستمر هذه المسيرة بفضل التطوير المستدام، والتكنولوجيا، وشغف المزارعين بصناعة القهوة.