يُعد المتحف المصري بالقاهرة واحدًا من أهم المتاحف الأثرية في العالم، حيث يضم مجموعة هائلة من القطع الأثرية التي تروي تاريخ مصر القديمة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصور اليونانية والرومانية. ومع بدء ساعات العمل الرسمية صباح اليوم السبت 15 فبراير 2025، شهد المتحف إقبالًا كثيفًا من الزوار من مختلف الأعمار والجنسيات، الذين حرصوا على استكشاف الكنوز الأثرية الفريدة التي يحتضنها المتحف. اقرأ أيضا | أعماق مكتبة المتحف.. «واحة سيوة» مخطوطات نادرة ب«خط اليد» يحرص المتحف المصري على تحقيق رسالته التثقيفية من خلال استقبال الرحلات المدرسية والزيارات الرسمية وتنظيم الجولات الإرشادية، بالإضافة إلى إقامة ورش تعليمية لتعريف الجمهور بالحرف التراثية، كما يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الوعي الأثري والثقافي عبر فعاليات مثل الأمسيات الثقافية والجلسات الحوارية التي تجمع بين كبار المتخصصين في علم المتاحف والآثار. في هذا التقرير، نستعرض أبرز مظاهر النشاط داخل المتحف المصري بالقاهرة اليوم، وأهمية الدور الذي يلعبه في نشر الثقافة الأثرية بين الجمهور، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض الفعاليات والأنشطة التعليمية التي ينظمها المتحف لتعزيز التفاعل المجتمعي مع التراث المصري العريق. إقبال الزوار على المتحف المصري بالقاهرة مع بداية اليوم، توافد مئات الزوار على المتحف المصري بالقاهرة، حيث اصطفت طوابير من العائلات والسياح والطلاب أمام بوابات المتحف للحصول على تذاكر الدخول واستكشاف المعروضات الأثرية، ووفقًا لإدارة المتحف، فإن ساعات العمل الرسمية تمتد من الساعة التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، على أن يُغلق شباك التذاكر تمام الساعة الرابعة عصرًا. يتنوع زوار المتحف بين السياح الأجانب القادمين من مختلف دول العالم، والطلاب المصريين الذين يحرصون على زيارة المتحف ضمن الرحلات المدرسية، بالإضافة إلى الباحثين والمهتمين بعلم الآثار الذين يجدون في المتحف فرصة نادرة لدراسة القطع الأثرية والتعرف على تفاصيلها الدقيقة عن قرب. داخل المتحف، شهدت القاعات الرئيسية التي تضم كنوز الملك توت عنخ آمون إقبالًا كبيرًا من الزائرين، حيث أبدى العديد منهم انبهارهم بالقناع الذهبي الشهير للملك الصغير، والذي يُعد من أبرز القطع الأثرية التي يحرص الجميع على مشاهدتها والتقاط الصور بجوارها. كما جذبت قاعة المومياوات الملكية عددًا كبيرًا من الزوار، حيث أبدوا اهتمامًا كبيرًا بمشاهدة المومياوات المحنطة التي تعود لملوك وملكات مصر القديمة، وسط شرح وافي من مرشدي المتحف حول فن التحنيط وأسراره. الدور التعليمي للمتحف واستقبال الرحلات المدرسية يُعد المتحف المصري بالقاهرة مؤسسة تعليمية بامتياز، حيث لا يقتصر دوره على عرض القطع الأثرية فقط، بل يسعى إلى تقديم معلومات قيمة عن الحضارة المصرية القديمة من خلال الجولات الإرشادية والأنشطة التعليمية المختلفة. يستقبل المتحف يوميًا العديد من الرحلات المدرسية من مختلف المحافظات، حيث يتم تنظيم جولات خاصة للطلاب تحت إشراف أمناء المتحف الذين يحرصون على تقديم معلومات مبسطة ومثيرة للاهتمام تناسب الفئات العمرية المختلفة. تشمل هذه الجولات زيارة القاعات الرئيسية التي تعرض تطور الفنون والعمارة المصرية عبر العصور، إلى جانب تعريف الطلاب بكيفية قراءة الهيروغليفية من خلال بعض النقوش المحفورة على جدران المعابد والتماثيل. كما توفر إدارة المتحف تجربة تفاعلية للأطفال، حيث تتيح لهم فرصة رسم بعض القطع الأثرية أو المشاركة في أنشطة ترفيهية تعتمد على إعادة تمثيل بعض المشاهد التاريخية بطريقة مبسطة تناسب أعمارهم. ورشة تعليمية عن فن المكرمية ضمن برنامج الحرف التراثية في إطار سعيه للحفاظ على التراث المصري وتعريف الأجيال الجديدة بالحرف التقليدية، نظم القسم التعليمي بالمتحف المصري بالقاهرة ورشة عمل حول "فن المكرمية"، وهو أحد الفنون اليدوية التي تعتمد على تشابك الخيوط لابتكار تصميمات متميزة تُستخدم في الديكور والأزياء. تناولت الورشة شرحًا تفصيليًا لأهمية الخيوط في حياة المصريين القدماء، حيث استخدموها في صناعة الملابس، الأشرعة، وشبكات الصيد، كما تم استعراض الأدوات المستخدمة في فن المكرمية والتقنيات الأساسية لعقد الخيوط. بدأ المتدربون في تعلم كيفية تحديد الأطوال المناسبة للخيوط، ثم تنفيذ بعض التصميمات البسيطة تحت إشراف الخبراء، وقد أبدى المشاركون حماسًا كبيرًا للتجربة، معبرين عن سعادتهم بتعلم هذا الفن التراثي وإمكانية توظيفه في مجالات مختلفة. تهدف هذه الورش إلى تعزيز الوعي بالحرف التقليدية، وتشجيع الأفراد على إعادة إحياء التراث المصري القديم من خلال الفن والحرف اليدوية، ما يسهم في نشر ثقافة الاهتمام بالحرف التراثية التي كادت تندثر بمرور الزمن. أمسية ثقافية تحت عنوان "رحلة عبر الزمن: الموروث والمنظور من خلال المتاحف التاريخية ضمن الأنشطة الثقافية التي ينظمها المتحف المصري بالقاهرة، عُقدت أمسية ثقافية بعنوان "رحلة عبر الزمن" الموروث والمنظور من خلال المتاحف التاريخية"، وذلك بمشاركة اثنين من أبرز المتخصصين في علم المتاحف، وهما: الدكتور علي عبد الحليم، مدير عام المتحف المصري بالقاهرة، الدكتور كريستيان جريكو، مدير المتحف المصري في تورين بإيطاليا. تناولت الجلسة الحوارية مجموعة من القضايا الهامة المتعلقة بالمتاحف، مثل دورها في الحفاظ على التراث الإنساني، التحديات التي تواجهها المتاحف التاريخية في العصر الحديث، وأهمية التعاون الدولي بين المؤسسات الثقافية والمتاحف في مختلف دول العالم. كما تطرقت المناقشات إلى الدور الذي تلعبه التكنولوجيا الحديثة في تطوير المتاحف، حيث تم استعراض بعض التجارب الناجحة في استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي لإثراء تجربة الزائرين وتعزيز فهمهم للقطع الأثرية. حظيت الأمسية بتفاعل كبير من الحضور، حيث طرح المشاركون العديد من الأسئلة حول كيفية تحقيق التوازن بين حفظ القطع الأثرية وإتاحتها للجمهور، بالإضافة إلى إمكانية تنظيم مزيد من الشراكات الدولية بين المتاحف المصرية ونظيراتها حول العالم. يؤكد المتحف المصري بالقاهرة يومًا بعد يوم دوره المحوري في نشر الوعي الأثري والثقافي، من خلال استقطاب الزائرين من مختلف الفئات وتنظيم الفعاليات التي تجمع بين الترفيه والتعليم. فمن خلال الجولات الإرشادية، الورش التعليمية، والندوات الثقافية، يسهم المتحف في تعريف الأجيال الجديدة بحضارة أجدادهم، وتعزيز ارتباطهم بالتراث المصري العريق. وفي ظل الاهتمام المتزايد بالمتحف باعتباره وجهة سياحية وثقافية رئيسية، تواصل إدارته جهودها لتقديم تجربة استثنائية للزائرين، تجمع بين الاستمتاع بجمال المعروضات الأثرية، والاستفادة من الأنشطة التفاعلية التي تجعل من زيارة المتحف رحلة شيقة عبر الزمن. اقرأ أيضا | «اليوم العالمي للإذاعة» راديو المتحف المصري نافذة صوتية على التاريخ