تعيش أوروبا اليوم على مفترق طرق حاسم، بعد عودة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للبيت الأبيض، التي قد تُحدث تحولا جذريًا في السياسات الأمريكية تجاه القارة العجوز. مع تراجع النفوذ الأمريكي وتوقعات تقليص الوجود العسكري في القارة الأوروبية، يتصاعد التساؤل حول قدرة الدول الأوروبية على مواجهة تحدياتها الأمنية والاقتصادية بمفردها، وهل كانت أوروبا مُستعدة لهذه المرحلة الجديدة، وكذلك التداعيات المحتملة على استقرارها؟ اقرأ أيضًا| أصدقاء ترامب بأوروبا| هؤلاء السياسيون يقفون بجانبه في الساحة الدولية في الأيام الأخيرة، أشار وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، إلى أن الولاياتالمتحدة قد تقوم بتقليص تواجدها العسكري في أوروبا، وهو ما يضع ضغطًا إضافيًا على الدول الأوروبية، وفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية. وفي الوقت الذي كان فيه وزير الدفاع الأمريكي، يحذر من تقليص الوجود العسكري الأمريكي في القارة الأوروبية، كان ترامب نفسه يناقش مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين تطورات الحرب الروسية الأوكرانية وأبعادها المستقبلية، بينما تشير هذه التحولات إلى أن سياسات الولاياتالمتحدة قد تتحول بشكل حاسم نحو إعادة تحديد أولوياتها العالمية. غموض الاستجابة الأوروبية رغم التصريحات الأمريكية المتفائلة في البداية، لم تترجم الدول الأوروبية ذلك إلى استجابة حاسمة، حيث استخدم وزراء دفاع الناتو مصطلحات مثل "التقارب" و"الأسرة" للتعبير عن موقفهم الحذر من التحولات الأمريكية نحو القارة الأوروبية، في حين أوضح هذا الغموض الأوروبي غياب خطة موحدة لمواجهة السياسات الجيوسياسية التي يطرحها دونالد ترامب في ظل الواقع الدولي المتغير. أشار مسؤول أوروبي إلى أن معظم الدول الأوروبية لا ترغب في فقدان ماء وجهها ولا تزال مترددة في قبول التحولات التي قد يُحدثها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وفيما يتعلق بأوكرانيا وأمن أوروبا، يُعتقد أن هناك مزيجًا من الخوف والإنكار بشأن الموقف الأمريكي الجديد وتأثيره على الاستقرار الأوروبي في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية. استعدادات فرنسا في وقتٍ سابق، أوضحت فرنسا، إحدى القوى النووية الثلاث في حلف الناتو، ضرورة استعداد الأوروبيين لسيناريو قد يتضمن سحب الولاياتالمتحدة لأصولها العسكرية، بينما حاول الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته تهدئة المخاوف في بروكسل، إلا أن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، أكدت أن الولاياتالمتحدة قد تُقلل من مشاركتها العسكرية في أوروبا بالمستقبل. رغم القلق الأوروبي من تقليص الوجود العسكري الأمريكي، أكّد وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، التزام الولاياتالمتحدة بالبند الخامس في معاهدة الناتو، الذي يضمن الدعم المتبادل، في الوقت نفسه، شدد على أن حلفاء الناتو يجب أن يتحملوا مسؤولية أكبر في الدفاع عن القارة الأوروبية في ظل التحديات العالمية المتزايدة، بحسب الصحيفة الأمريكية ذاتها. اقرأ أيضًا| «الرجل المجنون».. «ذا نيويوركر» تكشف استراتيجية ترامب في الولاية الثانية قلق الدول القريبة من روسيا تظل الدول المتاخمة لروسيا، التي تعد الأكثر عرضة لأي هجوم محتمل من موسكو، متفائلة بدعم الولاياتالمتحدة في حال تصعيد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لتهديداته ضد أراضي حلف شمال الأطلسي، وفي تصريحات لوزير الدفاع الإستوني هانو بيفكور، أكد على أهمية التضامن داخل حلف الناتو، مع التركيز على الدفاع المُشترك بين الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة. في سياق التصعيد الجيوسياسي، أكد وزير الدفاع الليتواني، دوفيلي شاكاليني، على أن التعاون بين الصينوروسيا قد يؤثر بشكل كبير على أمن أوروبا، وأشار إلى أن المحيطين الهندي والهادئ، إلى جانب أوروبا، يشكلان ساحة مشتركة للتهديدات، ما يستدعي تضافر الجهود بين الحلفاء الغربيين في مواجهة التحديات المشتركة من هاتين القوتين العظميين. اقرأ أيضًا| بين التفاوض والحزم.. ردود أفعال الدول على تهديدات ترامب الاقتصادية التكهنات حول مكالمة ترامب مع بوتين ترك اتصال ترامب مع بوتين الحلفاء الأوروبيين في حالة من الارتباك، حيث أعربوا عن ضرورة إشراكهم في أي محادثات بشأن أوكرانيا في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ومع ذلك، كان الأمين العام لحلف الناتو مارك روته حريصًا على تأكيد أهمية التنسيق بين الأطراف المعنية، في الوقت نفسه، تصاعدت الانتقادات من وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس بشأن تهميش أوروبا في مثل هذه المناقشات. وأثار تجاهل ترامب لأوروبا في مفاوضات أوكرانيا استياءً واسعًا بين القادة الأوروبيين، ووصف أحد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، الوضع بأنه «صحوة قاسية» لأوروبا، حيث توقفت الولاياتالمتحدة عن التعامل مع القارة كطرف رئيسي في القضايا الجيوسياسية، لتُظهر هذه الأحداث تحولًا في العلاقات الأمريكية الأوروبية. اقرأ أيضًا| تفاصيل مثيرة بحوار ترامب مع «ديلي تلجراف» حول الحرب الروسية الأوكرانية