تسارعت الأحداث في قطاع غزة منذ إعلان حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إرجاء موعد سادس دفعات المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، لتبدو من بعدها مسألة استمرار هدنة غزة، كما هي، على المحك، خاصةً وسط ردود فعل عنيفة خرجت في تل أبيب أو واشنطن ردًا على هذا القرار. وأعلن أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أمس الاثنين، أنه سيتم تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين، الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت المقبل 15 فبراير/ شباط، حتى إشعار آخر، متهمًا الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك بنود صفقة وقف إطلاق النار. وأشار أبو عبيدة إلى أن القرار سيسري إلى حين التزام الاحتلال وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية وبأثر رجعي، مؤكدًا التزام حركة حماس ببنود الاتفاق ما التزم بها الاحتلال. وجاءت خطوة حركة حماس بعدما اتهمت إسرائيل بشكل مباشر بالعمل على تعطيل مرور المساعدات إلى داخل غزة، إلى جانب عدم وصول عدد الشاحنات المتفق عليها وفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، إلى جانب دخول عدد قليل من شحنات الوقود خلاف المتفق عليه. تحريض بن غفير وتهديد ترامب وفور بيان حركة حماس، قال إيتمار بن غفير، عضو الكنيست المتطرف ووزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، والذي استقال من منصبه على خلفية التوصل لاتفاق غزة، إنه يجب الرد على إعلان حماس بالقصف المكثف على غزة برًا وجوًا. وقال بن غفير أيضًا: "يجب وقف المساعدات الإنسانية إلى غزة بما فيها الكهرباء والوقود والمياه". التطرف في ردة الفعل لم يحضر من بن غفير وحده بل وصل بعدها من واشنطن ومن سيد البيت الأبيض دونالد ترامب، حيث هدد الرئيس الأمريكي بأبواب الجحيم التي سيدعها تندلع إذا لم تطلق حركة حماس سراح جميع الأسرى المحتجزين قبل ظهر يوم السبت المقبل. وفي تهديداته قال ترامب: "يجب إطلاق سراح جميع المحتجزين في قطاع غزة.. ومن غير المقبول إطلاق سراحهم فرادى كل سبت". وأضاف ترامب أن حركة حماس تدرك ما يعنيه من تهديدات بشأن قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه قد يتحدث إلى بنيامين نتنياهو بشأن اعتبار السبت المقبل موعدًا نهائيًا للإفراج عن الأسرى. ومن إيتمار بن غفير إلى ترامب، يدور الجدل حول موقف غامض مرتقب من تل أبيب وسط مخاوف من أن تعصف الحكومة الإسرائيلية باتفاق وقف إطلاق النار في غزة. مصلحة الإسرائيليين وفي غضون ذلك، يقول أيمن الرقب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن إيتمار بن غفير الآن هو خارج المشهد السياسي، وبالتالي يقول بأريحية ما يشاء، لكن هذا الأمر يتعلق بنتنياهو وحكومته، وهناك تحريض داخل الحكومة بناء على بيان حركة حماس". ويضيف الرقب، في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، "ومع ذلك، هناك مصلحة للإسرائيليين بالحصول على أسراهم، وبالتالي هم يدركون بأنهم إذا عادوا للقصف فإن الهدنة ستقف وقد يُقتل أسراهم". ويتابع قائلًا: "وبالتالي بعيدًا عن كل ذلك فالطرفان معنيان بالوصول إلى اتفاق وتهدئة الأوضاع، وبالتالي أنا أعتقد أنه سيتم تجاوز هذه الأزمة". وفيما يتعلق بتهديدات ترامب وقوله "دع الجحيم يندلع في غزة"، يقول الرقب: "تهديدات ترامب لن تؤثر على مجريات الأمور، لأن ترامب ليس جديدًا عليه التهديدات، ولكن الغريب في ترامب أنه يريد الآن الإفراج عن الأسرى دفعة واحدة، ولم يعد هناك رغبة لديه بإتمام الصفقة بشكل متدرج". ويستطرد الرقب قائلًا: "لكن بيان حماس جاء في وقت يبدو فيه نتنياهو لا يرغب في الذهاب للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار حتى زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد قال إن بيان حماس جاء بناءً على ما قام به نتنياهو شخصيًا بالتهديد بموضوع عدم المرور إلى المرحلة الثانية من الصفقة". لا تغير على الأرض ويشير الرقب إلى أنه مع ذلك تم اليوم الالتزام بسفر الدفعة العاشرة من الجرحى والمرضى الفلسطينيين عبر معبر رفح، وغادر اليوم قرابة 52 طفلًا مريضًا، وبالتالي الأمور حتى الآن تسير بشكل طبيعي. ويستدرك قائلًا: "رغم ذلك كان خروج بالليل لمسيرات مراقبة إسرائيلية ولكن حتى الآن الهدنة لم تنهار، وهناك تحرك للوساطة المصرية والقطرية والأمريكية لإنقاذها وتطبيق إطلاق سراح الدفعة السادسة في 15 فبراير/ شباط". ويرى الرقب أن إعلان حماس جاء بهدف الضغط على الاحتلال الإسرائيلي خاصة أن هناك رغبة من إسرائيل في أن يأخذوا أسراهم في المرحلة الأولى والثانية، ثم ينقلبوا على الاتفاق حسب تسريبات متداولة في الإعلام العبري. سيناريو متوقع وحول سيناريوهات المشهد الآن لدى القرار السياسي الإسرائيلي على ضوء قرار حماس تعليق تسليم الدفعة السادسة من الأسرى إلى حين إشعار آخر، يقول أشرف القصاص، المحلل السياسي الفلسطيني من قطاع غزة، "نتوقع التزام الاحتلال بتنفيذ بنود الاتفاق لأنه بحاجة للهروب من الضغوط الداخلية في إسرائيل والإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى". ويضيف القصاص، في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم" "أن المقاومة وكتائب القسام لا يزال لديها أوراق ضغط كافية تتمثل في جاهزيتها القتالية واستمرار احتفاظها بالأسرى للشهر السادس عشر على التوالي". مصلحة اليمين «استئناف الحرب» وحول طبيعة الرد المنتظر من الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل، يقول القصاص، "في اعتقادي أن اليمين الصهيوني المتطرف قد سقط من حسابات الناخب الإسرائيلي بلا رجعة، بعد الفشل في 7 أكتوبر والفشل والهزائم المتوالية في الاجتياح البري وعدم القدرة على استعادة الأسرى إلا من خلال اتفاق مع المقاومة، وبالتالي من مصلحة اليمين الصهيوني استئناف القتال والحرب". ويستطرد بالقول: "ولكن التطورات السياسية والمصالح الأمريكية والإسرائيلية و الإقليمية والدولية الحالية غير معنية بعودة الحرب والقتال إلى غزة بل مصلحة الجميع في إيقاف الحرب بشكل نهائي في المرحلة الثالثة من الاتفاق".