داخل البرلمان الألماني، شهدت قاعة الجلسات مواجهة حادة حول مشروع قانون يهدف إلى تشديد ضوابط الهجرة، في مبادرة جاءت من فريدريش ميرز، المرشح الأوفر حظًا لمنصب المستشار، بدعم من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الأمر الذي أثار موجة واسعة من الجدل والاحتجاجات السياسية. رفض البرلمان الألماني مشروع القانون بأغلبية 350 صوتًا مقابل 338، مع امتناع 5 نواب عن التصويت، مما يبرز تباينًا كبيرًا في الرؤى بشأن سياسات الهجرة، لكن اللافت أن التصويت جاء بعد موافقة البرلمان على اقتراح مماثل غير ملزم، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات وسط اتهامات بكسر "جدار الحماية" الذي يفصل بين اليمين المتطرف والتيار السياسي الرئيسي في ألمانيا، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. اقرأ أيضًا| مع اقتراب انتخابات ألمانيا| «ميرز» يضع الهجرة على رأس أولوياته مشروع قانون مثير للجدل يشعل البرلمان ما جعل الحدث غير مسبوق هو أن الاقتراح الذي طُرح يوم الأربعاء الماضي، كان أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية يحصل فيها قرار داخل البرلمان الألماني على الأغلبية بدعم من اليمين المتطرف، ودفع هذا التطور المشهد السياسي إلى حالة من التوتر المتزايد قبل جلسة الجمعة الحاسمة، حيث أبدى بعض نواب تحالف فريدريش ميرز الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي تمردهم، بينما سعى الحزب الديمقراطي الحر إلى إعادة المشروع إلى اللجان لمزيد من المداولات. حمل مشروع القانون الذي عُرف إعلاميًا ب"قانون الحد من التدفق" أهمية تاريخية كبيرة، إذ امتلأت قاعة البرلمان الألماني بشكل غير مسبوق، في إشارة إلى جدية الجدل الدائر، حتى أن بعض النواب حضروا الجلسة رغم مرضهم لضمان الإدلاء بأصواتهم، لكن أثارت التسمية والمضمون انتقادات حادة، حيث رأى البعض أنه يمثل تحولًا جذريًا في سياسة الهجرة الألمانية، بينما اعتبره آخرون ضرورة للحفاظ على الأمن الداخلي. وفي محاولة لاحتواء الانتقادات، أكد فريدريش ميرز، الذي يستعد لقيادة حزبه في انتخابات 23 فبراير المقبل، أن القانون ضروري لتعزيز الأمن الداخلي، لكنه نفى أي تنسيق مع حزب البديل من أجل ألمانيا، وشدد خلال كلمته في البرلمان الألماني على أن هناك من يهتم بالديمقراطية، لكن هناك أيضًا من يهتم بالنظام والاستقرار، ويطالب باتخاذ قرارات حاسمة في هذا الشأن. احتجاجات واستقالات كواليس تصويت البرلمان بسبب حدة الجدل، تم تأجيل المناقشة للسماح بمفاوضات خلف الكواليس تهدف إلى تمرير القانون بدعم الأحزاب التقليدية بعيدًا عن اليمين المتطرف، ومع ذلك، فشلت جهود الأحزاب الحاكمة، مثل الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر، في إيقاف المشروع عبر إعادته إلى اللجان، الأمر الذي زاد من تعقيد المشهد داخل البرلمان الألماني. لما يقتصر الجدل على السياسيين، بل امتد ليشمل شخصيات بارزة، حيث أعاد الناجي من الهولوكوست، ألبريشت واينبرج البالغ من العمر 99 عامًا، وسام الاستحقاق إلى الدولة الألمانية احتجاجًا على التصويت، كما استقال ميشيل فريدمان، نائب رئيس المجلس المركزي لليهود سابقًا، من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي اعتراضًا على ما اعتبره تجاوزًا خطيرًا من البرلمان الألماني في تعامله مع اليمين المتطرف، ما زاد من زخم الجدل السياسي. اقرأ أيضًا| بروفايل| فريدريش ميزر.. «العائد العنيد» في سباق المستشارية الألمانية محطة مفصلية في السياسة الألمانية ما حدث داخل البرلمان الألماني لا يعتبر مجرد تصويت على قانون، بل هو مؤشر على تحولات سياسية عميقة قد تؤثر على مستقبل البلاد، ومع اقتراب الانتخابات الفيدرالية الألمانية، ستظل قضية الهجرة ودور اليمين المتطرف في صناعة القرار محورًا ساخنًا للنقاش... حيث يترقب الجميع ما ستؤول إليه الأيام القادمة في المشهد السياسي الألماني. وفي خضم التوترات السياسية داخل البرلمان الألماني، باتت قضية الهجرة محورًا للنقاش الحاد، حيث يدافع فريدريش ميرز عن مشروع قانون جديد يهدف إلى تشديد الضوابط الحدودية، يستند ميرز إلى حوادث إجرامية بارزة ارتكبها أشخاص من أصول مهاجرة، بينما يؤكد المستشار أولاف شولتز أن القوانين الحالية كافية إذا طُبّقت بشكل صارم. ووفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، يتزايد التأييد الشعبي لفرض رقابة دائمة على الحدود الألمانية، إذ يدعم 66-67% من الألمان هذا التوجه، بمن فيهم 56% من أنصار الحزب الديمقراطي الاجتماعي، لكن يوضح هذا التوجه مخاوف متنامية بشأن سياسات الهجرة، ما يجعل القضية عنصرًا رئيسيًا في النقاشات البرلمانية داخل البرلمان الألماني. تصريحات نارية.. صراع داخل التحالف المحافظ في تصعيد جديد، هاجم فريدريش ميرز، المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، منتقدًا سياساتها السابقة في ملف الهجرة، خاصة قرارها عام 2015 بفتح الأبواب لأكثر من مليون لاجئ، ورأى أن هذه السياسة ساهمت في دخول حزب البديل من أجل ألمانيا إلى البرلمان الألماني عام 2017، لكنه في الوقت ذاته ألقى باللوم على حكومة شولتز في تمكين الحزب من مضاعفة قوته السياسية. من جانبها، حثت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، من حزب الخضر ميرز على التراجع عن مشروع القانون، معتبرة أن الأمر يتعلق بمستقبل ألمانيا، وليس بحسابات سياسية فردية، وفي خطابها داخل البرلمان الألماني، أكدت أن هناك لحظات تستوجب التغيير الجذري في السياسات، ودعت ميرز إلى اتخاذ موقف مسؤول قبل فوات الأوان. رغم الجدل المتصاعد، لم تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تغييرات جوهرية في مواقف الناخبين، لا يزال حزب البديل من أجل ألمانيا في المركز الثاني بنسبة 22%، بينما تراجع حزب ميرز "الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي" نقطة واحدة إلى 29%، في المقابل، ارتفع تأييد الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة شولتز إلى 17%، وهو أفضل أداء له منذ ديسمبر، في حين حقق حزب الخضر تقدمًا طفيفًا. تزامنًا مع تصاعد الجدل داخل البرلمان الألماني، شهدت ألمانيا موجة احتجاجات واسعة ضد التحول السياسي نحو اليمين، وفي مساء الخميس الماضي، تجمع الشباب أمام بوابة براندنبورج في برلين، حاملين لافتات مضيئة تحمل شعاري "الأمل" و"المقاومة"، وعلى ملصقات لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، استبدلت كلمة "جدار الحماية" ب"مشعل الحرائق"، في إشارة إلى الاتهامات الموجهة لميرز بالتقارب مع اليمين المتطرف، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية.