تحققت أخيرا الأمنية الغالية لمئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين إذ بدأوا صباح أمس العودة إلى شمال قطاع غزة وذلك بعد حل أحدث العقبات أمام استمرار صفقة وقف اطلاق النار بين حماس واسرائيل. ورصدت الكاميرا عودة الناحين وقد امتلأت عيون كثيرين منهم بدموع السعادة ورددوا جميعا بين وقت وآخر «تكبيرات العيد». وعبر النازحون الفلسطينيون حاجز نتساريم الغربى الواقع بشارع الرشيد سيرا على الأقدام الى مدينة غزة وشمال قطاع غزة. وقد سار الآلاف منهم وهم يجرون عربات محمّلة بالأمتعة فى الشارع الممتد على طول ساحل غزة. اقرأ أيضًا | الإغاثة الطبية بغزة: تشكيل 6 نقاط طبية تمهيدا لاستئناف الخدمات الصحية كما بدأ الآلاف المرور بسياراتهم من المحور عبر شارع صلاح الدين، بعد خضوعها لتفتيش أمنى من قبل شركة أمريكية خاصة. ومنذ ساعات الصباح، اصطفت مئات السيارات على شارع صلاح الدين بانتظار مرورها إلى الشمال، حيث كان مقررا بدء عبورها فى الساعة التاسعة بالتوقيت المحلى لكن الأمر تأخر حتى وصول الفريق الفنى المختص بالتفتيش. وتخضع السيارات التى تمر عبر المحور من شارع صلاح الدين لتفتيش أمنى بجهاز ماسح ضوئى وفق اتفاق وقف إطلاق النار. وفى وقت سابق أمس، ذكرت القناة ال12 الإسرائيلية أن قوات الجيش بدأت الانسحاب من محور نتساريم، والذى أنشأه جيش الاحتلال مع بدء عمليته البرية يوم 27 أكتوبر 2023.. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسئول أمنى أن «أكثر من مئتى الف نازح وصلوا إلى مدينة غزة وشمال القطاع فى أول ساعتين» بعد السماح لهم بالعبور. وانتشر مئات من عناصر الشرطة التابعة لحماس على جانبى الطرقات التى يسلكها النازحون ل»تنظيم وتأمين عبورهم إلى الشمال». وقال مكتب الإعلام الحكومى التابع لحماس فى غزة إن «الاحتلال دمر أكثر من 90 % من المبانى والبنية التحتية فى محافظتى غزة وشمال القطاع خلال الحرب» مشيرا إلى أن «مدينة غزة وشمال القطاع بحاجة إلى 135 ألف خيمة وكرفان (بيوت متنقلة) فورا». وكانت اسرائيل قد منعت عشرات آلاف النازحين الفلسطينيين من العودة الى الشمال عبر المعبر الذى يقسم القطاع إلى قسمين منذ يوم السبت كما نص الاتفاق، متذرعة بعدم إطلاق سراح الأسيرة «أربيل يهود» التى اعتبرت الإفراج عنها أولوية، وعدم تقديم حماس قائمة بالأسرى الأحياء والأموات. ويكمن الخلاف الأساسى فى تصنيف هذه الأسيرة، فبينما تصر المقاومة الفلسطينية على أنها تُعد «عسكرية» تصر إسرائيل على أنها «مدنية» وفق إعلام إسرائيلي. وأعلنت تل أبيب فى وقت متأخر من مساء أمس ، أن إسرائيل وحركة حماس توصلتا إلى اتفاق يقضى بالإفراج عن 6 أسرى إسرائيليين، بينهم أربيل يهود، مقابل السماح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى شمال القطاع. وفى أول تعليق بعد الانسحاب من محور نتساريم والسماح للنازحين بالعودة الى شمال غزة، قال رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل ملتزمة بهزيمة حماس».. وشكلت عودة النازحين أمس بعد تأخير ليومين، اختراقا فى إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذى جاء بعد 15 شهرا من الحرب بين إسرائيل وحماس، والتى دمرت قطاع غزة وشردت كل سكانه تقريبا. وفى تل أبيب، حذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى من «الاقتراب من قوات الجيش فى كل أماكن انتشارها وتمركزها فى منطقة جنوب القطاع، ومن معبر رفح ومنطقة محور صلاح الدين/فلادلفيا». كما حذر من «ممارسة السباحة والصيد والغوص والدخول إلى البحر خلال الأيام المقبلة».. وفى واشنطن، أشاد ستيفن ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للشرق الأوسط، بالاتفاق الذى أعلنت عنه قطر، واصفا إياه ب «الرائع»، ومشيرا إلى «سعادة ترامب بهذا الإنجاز». كما شكر ويتكوف «الحكومة الإسرائيلية وجميع المنخرطين فى اتفاق غزة». وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل -بين السابع من أكتوبر 2023 و19 يناير 2025- إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح فلسطينى معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود. وتحدث وزير الدفاع الأمريكى الجديد بيت هيجسيث مع نتنياهو مساء أمس فى أول مكالمة هاتفية له مع مسئول أجنبى منذ توليه منصبه. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) فى بيان إن هيجسيث «شدد على أن الولاياتالمتحدة ملتزمة تماما، تحت قيادة ترامب، بضمان امتلاك إسرائيل القدرات التى تحتاجها للدفاع عن نفسها». من جانبه، دعا وزير الأمن القومى الإسرائيلى المستقيل، إيتمار بن غفير، إلى استئناف الحرب على قطاع غزة وتدميره، معتبرا أن عودة السكان إلى شمال القطاع غزة صورة لانتصار «حماس» وهزيمة اسرائيل.