أشاعوا فى الدنيا بأسرها أنه ماض بلاعودة، وهالك لامحالة، وصدعوا الأدمغة بأن زمانه ولى، وأوانه قد فات، وأن المسألة مجرد وقت وجيز يفصلنا عن عصر انقراض الكتاب الورقى .. أحد ملامح الحضارة، ورموز التمدن والرقي، وأوهم هؤلاء المبالغون الثرثارون البسطاء والمتحذلقين الأدعياء بأنه فى عصر الوسائط الحديثة، والبدائل المبتكرة لن يكون للكتاب مكان فى عالم المستقبل، وماهى إلا فترة محدودة، ويختفى سفير المعرفة الملتحف بالورق .. والمقيم بين دفتين تمامًا من حياتنا التى ألفته ولكن توقعاتهم خابت، واستمر الكتاب بصورته التقليدية ينشر عطره فى شتى الساحات ، ويرسل ضوءه فى مختلف الاتجاهات، وبات الحديث عن الانقراض الوشيك دربًا من الوهم، فقد ظل الكتاب الورقى باقيًا، وبدأ أثره طاغيًا رغم مزاحمة الوسائط الأخرى، والتقنيات البراقة والأشكال المستحدثة من أوعية المعرفة، وفى أجواء حدث مصر الثقافى الكبير.. معرض الكتاب الذى انطلقت أحدث دوراته مؤخرًا يتجدد المعنى، ويتأكد الحضور حيث يبعث أعرق معارض الكتب العربية برسائله المؤثرة دومًا، ويؤكد فى كل دورة أن أوهام الأدعياء باختفاء الكتاب زيف فاضح، فسيظل ذلك الأنيس الوفى سفيرًا للمعرفة، ومبعوثًا للحضارة، ورفيقًا للمتعة الذهنية، ودعونا نردد مع أمير شعراء العربية فى شتى عصورها.. المتنبى كلماته المخلدة ..أعز مكان فى الدنيا سرج سابح وخير جليس فى الزمان كتاب.