يشهد اليمن أزمة سياسية وإنسانية مستمرة منذ فبراير 2011، عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الحاكم فى ظل الربيع العربي، ومنذ ذلك الحين، تطورت الأوضاع بشكل متسارع مما أدى إلى تدهور الوضع الأمنى والسياسى والاقتصادى فى البلاد،و منذ اندلاع الصراع، حاول المجتمع الدولى تقديم العديد من المبادرات و الجهود بهدف حل النزاع و إحلال السلام. مرت الأزمة اليمنية بعدة مراحل ، بدأت الاحتجاجات فى اليمن فبراير 2011 ضمن موجة الربيع العربي، و طالب الشعب اليمنى بتغيير النظام الحاكم بقيادة الرئيس على عبد الله صالح الذى حكم اليمن لمدة 33 عامًا، على الرغم من قمع الاحتجاجات، إلا أن الرئيس صالح اضطر فى النهاية إلى التوقيع على المبادرة الخليجية فى نوفمبر 2011 التى نصت على انتقال السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادى فى فبراير2012. اقر أ أيضًا | السودان :مصر تقود عملية إعادة بناء المؤسسات ومعالجة الأزمة الإنسانية شهدت فترة حكم هادى العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية، بما فى ذلك النزاعات الإقليمية والصراعات الداخلية بين مختلف الأطراف، فى هذا السياق، بدأت جماعة الحوثيين «أنصار الله» فى تصعيد عملياتهم العسكرية فى الشمال والوسط، مما أسهم فى تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية. اندلعت حرب أهلية بين قوات الحكومة المعترف بها دوليًا، المدعومة من التحالف العربي، وبين الحوثيين المدعومين من إيران، أصبحت الحرب أكثر تعقيدًا بسبب تدخلات خارجية، حيث شهدت البلاد مستويات غير مسبوقة من التدمير. وفى سبتمبر 2014، تمكن الحوثيون من السيطرة على العاصمة صنعاء بعد اشتباكات مع القوات الحكومية، بعدها وقع الفرقاء السياسيون اتفاقا عرف ب «السلم و الشراكة»برعاية أممية، و ينص على أن يجرى الرئيس هادى محادثات سعيا وراء تشكيل حكومة كفاءات تتضمن جميع ألوان الطيف السياسى فى غضون شهر من توقيع الاتفاقية، إضافة لتعيين مستشارين للرئاسة من الحوثيين و الحراك الجنوبى مع استمرار حكومة محمد سالم التى استقالت ثم كلفت بتصريف الأعمال فى البلاد، تحالف الحوثيون مع الوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق عبد الله صالح، و استولوا على ميناء الحديدة على البحر الأحمر، و الذى يمثل نقطة دخول حيوية للواردات و المساعدات الإنسانية إلى المدن الشمالية من البلاد. و فى يناير 2015 استولى الحوثيون على القصر الرئاسى و حاصروا الرئيس منصور هادى و تحفظوا عليه، إلا أنه لجأ إلى عدن جنوبى البلاد و أكد شرعيته من مسقط رأسه،و فى تطور ادخل البلاد فى مرحلة جديدة للصراع، أطلق فى مارس 2015 تحالف عسكرى من 12 دولة تقوده السعودية يعرف ب «التحالف العربى لدعم الشرعية» و الذى تشكل بطلب من الرئيس منصور هادى مستهدفا معاقل الحوثيين و على مدار سنوات تم عقد عدة جولات من المفاوضات بين الأطراف المتحاربة لكن غالبية هذه الجهود لم تنجح فى تحقيق تسوية و ذلك لوجود تحديات رئيسية منها الانقسامات الداخلية و تدخل القوى الإقليمية، و غياب الثقة بين الأطراف المتنازعة و الوضع الأمنى المتدهور و عدم التوافق على الملف الإنسانى، و لعل من أبرز جهود التسوية للأزمة كانت مفاوضات جنيف عام 2015 و التى تم التوصل فيها لوقف لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية و لكن لم تؤد الجولة لنتائج ملموسة ، ثم اتفاق ستوكهولم عام 2018 و الذى تم التوصل فيه لبعض الاتفاقات المتعلقة بالهدنة و تبادل الأسرى، لكن تنفيذه كان بطيئاً و غير مكتمل، حيث استمر القتال فى العديد من المناطق. على الرغم من أن جماعة الحوثى قد بدأت موحدة فى البداية، إلا أن هناك دلائل على وجود انقسامات داخل صفوفها،و تعود هذه الانقسامات إلى صراعات على القيادة والتوجهات الفكرية داخل الحركة، فضلاً عن تباين المصالح بين الفصائل المختلفة. الأزمة اليمنية مستمرة فى إحداث دمار واسع النطاق فى البلد، وقد باتت قضية إعادة الإعمار من أكبر التحديات التى يواجهها اليمن فى المستقبل، كما أن انقسام جماعة الحوثى قد يكون له تأثيرات طويلة الأمد على استقرار البلاد إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسى شامل يعيد الأمن والسلام،أدت الحرب المستمرة إلى تدمير هائل للبنية التحتية فى اليمن، تشمل الأضرار التى لحقت بالمدن الكبرى، والمرافق الصحية والتعليمية، والموانئ، وشبكات الكهرباء والمياه، يقدر الخبراء أن تكلفة إعادة الإعمار فى اليمن قد تتجاوز مئات المليارات من الدولارات، وفقًا لتقرير البنك الدولي، قد تتراوح تكلفة إعادة إعمار اليمن بين 20 و 30 مليار دولار فى المرحلة الأولى فقط، ولا تشمل ذلك الأضرار الاجتماعية والإنسانية الناتجة عن الحرب.