وقف مصطفى، البالغ من العمر 20 عاما، طالب كلية الهندسة وصديقه هيثم، طالب كلية التربية الرياضية داخل قفص حديدي بمحكمة جنايات أسيوط، وتحديدا الدائرة الثالثة، يرتديان الملابس البيضاء ممسكين بالسبح بيديهما، على أمل تخفيف الحكم الصادر ضدهما بالإعدام شنقا وإعادة محاكمتهما بمحكمة النقض بعد سنوات من واقعة إنهائهما حياة خالة الأول وزوجها وسرقة مصوغاتها ومبلغ مالي وهواتفهما المحمولة.. وفي تلك اللحظة التي سرح كل منهما بخياله كيف كانت حياته وكيف تغيرت بسبب طمعه وحقده؟، لكنهما في لحظة شيطانية ضيعا نفسيهما وبدلا من أن يكونا ذات شأن في المجتمع أصبحا من أرباب السوابق بل وانتهت حياتهما قبل أن تبدأ، ماذا حدث وكيف ارتكب الاثنان جريمتهما؟!، وما هو حكم محكمة الجنايات؟.. تفاصيل مثيرة نسردها في السطور التالية. البداية كانت بانبعاث رائحة كريهة داخل المنزل رقم 25 بشارع محمد علي مكارم، بمحافظة أسيوط، وتحديدا شقة بالطابق الأرضي من العقار، حيث يسكن فيها محمد توفيق، رجل على مشارف السبعين من العمر مع زوجته عفاف محمد، حالة من الرعب والذعر انتابت الأهالي، خاصة بعدما ظلوا يطرقون الباب عليهما دون فائدة، فلم يكن أمامهما سوى إبلاغ الشرطة، التي حضرت وكانت الصدمة العثور على الزوجين مقتولين وجثتين هامدتين، عقدت الدهشة ألسنة الأهالي، الصدمة أفقدتهم النطق، يضربون كف بكف، يتساءلون من فعل هذا؟، ولماذا؟، فهما زوجان يعيشان حياتهما في هدوء، ولم يكن لهما أي مشكلات أو عداوات مع أحد. تشكل فريق بحث لكشف اللغز، وبالمعاينة الأولية اتضح سبب الجريمة، حيث وجد رجال المباحث بعثرة في محتويات الشقة، فالقتل تم بدافع السرقة. بدأ رجال المباحث في استجواب الأهالي، وعرفوا أن الزوجين يعيشان بمفردهما وعدم وجود أبناء لهما، لم يتردد أحد على بيتهما سوى مصطفى ابن شقيقة الزوجة، فاستدعي لأخذ أقواله ومعرفة متى آخر مرة تردد على البيت، بالإضافة إلى تفريغ كاميرات المراقبة بالمنطقة المحيطة بالمنزل وخلال فترة البحث بدأت خيوط الجريمة تنكشف، وأيضا تضارب أقوال مصطفى حلت اللغز سريعا، ولكن لماذا فعل هذا وهو طالب علم وليس من أرباب السوابق؟!.. الإجابة باختصار هي الطمع. لحظة ارتكاب الجريمة مصطفى أحمد، طالب بكلية الهندسة بجامعة أسيوط، يبلغ من العمر 20 عاما، كان يتردد على منزل خالته المجني عليها عفاف وزوجها محمد، والتي كانت ترحب به لكونه نجل شقيقها ويقضي في منزلها معظم وقته، فكانت تعتبره ابنها، وتعطيه ما يريد من المال، بل لم تبخل عليه بأي شيء سواء هي أو زوجها، لكن سرعان ما تحول الود والاطمئنان إلى غدر وخيانة بعد أن سيطر الشيطان على عقل طالب الهندسة واتفق مع صديقه هيثم سيد الطالب بكلية التربية الرياضية على التخلص من خالته وزوجها وسرقتهما لظنهما أن لديهما من المال الكثير. ظل الاثنان يفكران في وضع خطة لإتمام مخططهما الإجرامي، دون أن يحاول أي واحد أن يردع الثاني فيما يفكر، وكأن الإجرام يسري في دمائهما، اتفقا على كل شيء، اشترى الاثنان سلاحا أبيض ومادة مخدرة.. وانتظرا الوقت المناسب للتنفيذ. ذهب مصطفى كعادته لمنزل خالته وطرق باب مسكنها حتى فتح له الباب زوجها واستقبله بالترحاب كعادتهما، بينما ابتسامة مصطفى كانت خبيثة تخفي خلفها نوايا شريرة، دخل الزوج غرفته، بينما خرجت خالته عفاف لترحب بنجل شقيقتها، أحضرت كوبين من الشاي ودخلت مرة أخرى لدقائق إلى المطبخ، فوضع مصطفى المادة المخدرة في كوب الشاي الخاص بخالته وعندما عادت من داخل المطبخ للجلوس معه بدأت في احتساء الشاي حتى شعرت بفقدانها الوعي وذهبت في سبات عميق، وعندما تأكد مصطفى من نومها، أسرع وفتح باب الشقة حتى يدخل صديقه هيثم لإتمام مخططهما، ثم دخل غرفة زوج خالته وظل يتحدث معه، حتى طعنه هيثم بالسكين ولم يتركه إلا وهو جثة هامدة. ثم خرج الاثنان، وكمما فم الزوجة وطعنها بالسلاح الأبيض، وبعد التأكد من وفاتها هي الأخرى، ظلا يبحثان عن الأموال والمصوغات الذهبية والهواتف المحمولة، وبعد أخذهما كل شيء هربا معتقدين أن جريمتهما لن تنكشف، لكن سرعان ما استيقظا من أحلامهما الوردية على كابوس مفزع ورجال المباحث يدقون بابهما للقبض عليهما، وأمام النيابة اعترفا بكل شيء بعدما بدأ كل منهما يلقي بالاتهام على الآخر. واصل فريق البحث تحرياته وتتبع مصير المصوغات التي سرقت حتى وصل إلى محل الصاغة الذي باعها المتهمان إليه بمحافظة سوهاج، وشهد صاحب محل المصوغات، والذي يدعى أحمد، أن المتهمين حضرا إليه في المحل وباعا المصوغات بعد تقديم فاتورة باسم المجني عليها. القصاص العادل تحولت القضية للجنايات، التي قضت بمعاقبتهما بالإعدام شنقًا، وتم النقض على الحكم وإعادة محاكمتهما مرة أخرى، تمنى كل منهما أن يخفف الحكم، ولكن كيف وهما ارتكبا جريمتهما بكل خسة وندالة وقسوة، الخير الذي قدمه الضحيتان قوبل بالغدر والخيانة، فالإعدام هو جزاء ونتيجة طبيعية وعادلة لما اقترفه الاثنان في حق زوجين لا حول لهما ولا قوة. فقضت الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات أسيوط، برئاسة المستشار سامح سعد طه رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين أسامة عبد الهادي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة، وأحمد محمد غلاب عضو المحكمة، وأمانة سر خميس محمود، ومحمد العربي، بالإعدام شنقا للمرة الثانية للمتهمين بتهمة قتل زوجين وسرقة مصوغاتهما ومبلغ مالي وهواتفهما المحمولة بمدينة أسيوط وذلك بعد إعادة محاكمتهما للمرة الثانية، وبذلك الحكم يكون عنوان الحقيقة ورادعًا لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة. اقرأ أيضا: إحالة أوراق تاجر للمفتي.. قتل زوجته وقدمها قرباناً للجن