من قبرها، أثارت الطفلة الفلسطينية الشهيدة هند رجب رعب 1000 جندى من جيش الاحتلال، أدرجتهم المنظمة التى تحمل اسمها فى بروكسل على قائمة الملاحقات القضائية فى 124 دولة، تفعيلًا لقرارات المحكمة الجنائية فى لاهاي، السارية على الدول الأعضاء فيها، وتلزمها بتوقيف مجرمى الحرب الإسرائيليين، بداية من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه المقال يوآف جالانت، وصولًا إلى أصغر جندى، تورط فى جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وغيره من الأراضى الفلسطينية المحتلة. المنظمة غير الهادفة للربح، التى تأسست فى سبتمبر 2024 بعضوية عدد من المحامين، تطارد مجرمى الحرب الإسرائيليين، وبينما انشغلت وسائل الإعلام بواقعة هروب جندى إسرائيلى من البرازيل بعد صدور قرار اعتقاله هناك، اتسعت دائرة ملاحقات «هند رجب» لتصل حسب اعترافات صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى جنود جيش الاحتلال فى 12 دولة هى: المغرب، بلجيكا، قبرص، سيريلانكا، هولندا، البرازيل، تايلاند، آيرلندا، صربيا، جنوب إفريقيا، فرنسا، والنرويج. اقرأ أيضًا | قبل أيام من دخول البيت الأبيض.. إدارة أمريكية مأزومة والإدانة مع وقف التنفيذ.. «الرياح لا تأتى كلها كما يشتهى ترامب» وكشف الكاتب الإسرائيلى المتخصص فى الملفات الأمنية إيتمار آيخنر أن «جنودًا إسرائيليين تورطوا فى جرائم حرب بقطاع غزة، فروا خلال الآونة الأخيرة من 5 دول على الأقل إثر ملاحقتهم قضائيًا بموجب بلاغات «هند رجب». بعد البرازيل، فرَّ من تايلاند عدد آخر من الجنود الإسرائيليين المطاردين، وحذرت وثيقة رسمية صادرة عن وزارة ما يسمى ب«الشتات اليهودى ومكافحة معاداة السامية» الإسرائيلية من زيادة نشاط «صندوق هند رجب» خلال المستقبل المنظور، لا سيما فى ظل تعاون أعضائها مع مكاتب محاماة محلية فى مختلف أنحاء العالم. فى البرازيل، قدمت المنظمة شكوى ضد جندى إسرائيلى وأصدقائه، وفدوا إلى البلاد فى رحلة سياحية قبل حوالى أسبوع، وأمرت المحكمة الفيدرالية هناك الشرطة المحلية بتوقيفه وفتح تحقيقات موسعة معه، إلا أنه تمكن من مغادرة البلاد قبل إلقاء القبض عليه. وعزت دوائر فى تل أبيب نجاح الجندى فى الهرب إلى اتصال هاتفى تلقاه فى الخامسة صباحًا من قنصل إسرائيل لدى البرازيل، طالبه فيه بمغادرة البلاد فورًا. وزير الشتات الإسرائيلى الذى دعا فى السابق إلى تصفية سكان قطاع غزة بالنووى عميحاى بن إلياهو، بعث برسالة إلى عضو الكونجرس البرازيلى المعارض إدواردو بولسنارو، أدان فيها قرار القضاء البرازيلي، الرامى إلى ملاحقة وفتح تحقيقات مع جنود إسرائيليين على خلفية قرار المحكمة الجنائية الدولية. رسالة الوزير المتطرف حملت عنوان: «حكومة لولا تضطهد الإسرائيليين فى البرازيل»، وادعى كاتبها إن «ما يحدث عار على حكومة البرازيل». على مستوى الداخل الإسرائيلي، أثارت مطاردات جنود جيش الاحتلال قلقًا وارتباكًا لدى الأجهزة الأمنية والسياسية، وانبرت لجنة الخارجية والأمن البرلمانية فى التباحث حول العديد من الآليات التى يمكن من خلالها التصدى لحملة «هند رجب». ورغم حالة القلق التى سادت الشارع الإسرائيلى، لا سيما لدى ذوى جنود جيش الاحتلال، لم يصدر عن اللجنة بيان حول فحوى النقاشات، وأصر رئيس اللجنة عضو الكنيست يولى إدلشتاين على سرية المباحثات، مكتفيًا بقوله: «منذ عدة أشهر، حذرت أنا وأعضاء لجنة الشئون الخارجية والدفاع مرارًا وتكرارًا من تلك الوقائع، وأن هذه الإجراءات لن تقتصر على رئيس الوزراء أو وزير الدفاع، وإنما تصل إلى جنود الجيش الإسرائيلى أيضًا». كما عقد وزير الخارجية الإسرائيلى جدعون ساعر لجنة فرعية تابعة للمجلس الوزارى المصغر للشؤون السياسية والأمنية، وناقش فيها آليات الدفاع عن عناصر إسرائيل العسكرية والأمنية فى الخارج، وشارك فى المناقشات ممثلو المنظمات الأمنية والجيش والموساد وجهاز الأمن العام ال«شاباك». من جانبه، انتهز رئيس المعارضة يائير لابيد الفرصة لتحقيق مكاسب سياسية بعيدًا عن القضية الجوهرية، وشن هجومًا لاذعًا ضد الحكومة، واتهمها بالفشل على الساحة الدولية، وأضاف عبر لقاء مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «إن اضطرار جندى احتياطى إسرائيلى للفرار من البرازيل فى جوف الليل لتجنب القبض عليه بسبب القتال فى غزة، يعد يمثل فشلًا سياسيًا هائلًا لحكومة غير مسؤولة لا تعرف ببساطة كيف تعمل». وأبدى لابيد اعترافًا بأن «العالم بأسره أصبح على قناعة بأن الفلسطينيين أفضل من إسرائيل. ولا تنطوى محاولات دفاع تل أبيب عن جنودها فى الخارج على منطقية، لا سيما فى ظل حصار مجرمى الحرب بطوق من أدلة الإدانة الدامغة، وكان بعضها ما قدمته «هند رجب» من مقاطع فيديو، وبيانات موقع جغرافي، وصور فوتوغرافية، تؤكد أن الجندى الإسرائيلى الهارب من البرازيل، زرع متفجرات دمرت أحياءًا كاملة فى قطاع غزة، لا سيما بعد علم الجندى المدان بأن الحى المستهدف أصبح ملجأ للفلسطينيين النازحين من منازلهم فى القطاع. القائمون على صندوق هند رجب ذيلوا أدلة الإدانة بالتأكيد على أن «هذه المواد تثبت بما لا يدع مجالًا للشك تورط المشتبه فيه بشكل مباشر فى هذه الأعمال الشنيعة». ويعود اسم هند رجب إلى الطفلة الفلسطينية التى استشهدت برصاص الاحتلال فى قطاع غزة، أما المنظمة أو الصندوق الذى يحمل اسمها، فدأب منذ تأسيسه على جمع معلومات عن جنود الجيش الإسرائيلي، بما فى ذلك معلومات حول الأنشطة العسكرية التى شاركوا فيها، بهدف محاكمة هؤلاء الجنود فى دول أجنبية. وحتى الآن، رفعت المؤسسة دعاوى قضائية ضد 28 جنديًا على الأقل فى ثمانى دول مختلفة، وقدمت للمحكمة الجنائية الدولية معلومات حول جرائم حرب، ارتكبها أكثر من ألف جندى وضابط خلال أنشطتهم فى قطاع غزة ولبنان.