«البكالوريا المصرية».. نظام جديد للثانوية العامة طرحه وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، خلال الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء، وقد أثار جدلًا مجتمعيًا كبيرًا بين مؤيد ومعارض. يقول شادى زلطة، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، إن الوزارة طوال الأعوام السابقة كانت تواجه ما يسمى ب «كابوس الثانوية العامة»، ومن هنا جاء التفكير فى وضع نظام متعدد الفرص يزيح العبء من على كاهل الأسرة المصرية، وخلاله يواصل الطلاب دراستهم دون توتر أو ضغط عصبى، وفى هذا الإطار عقد وزير التربية والتعليم عدة لقاءات مع وزير التعليم العالى والبحث العلمى لوضع دراسة دقيقة وعميقة لتغيير نظام الثانوية العامة ليكون نظاما مبسطا ويتيح للطلاب أكثر من فرصة لتحديد مستقبلهم بشكل أفضل. وذلك على أن يتم تطبيقه على الطلاب الحاصلين على الشهادة الإعدادية العام المقبل عقب عرضه على لجنة التنمية البشرية بمجلس الوزراء لبحث آلية التنفيذ ثم عرضه على البرلمان للموافقة عليه، مع عقد حوار مجتمعى يشارك فيه الخبراء والمتخصصون والإعلاميون، وتدوين كل الملاحظات حتى نأخذها بعين الاعتبار، والحقيقة أن مقترح نظام البكالوريا أفضل كثيرًا من النظام القديم، وينهى كابوس الثانوية العامة، فضلًا عن الاعتراف به دوليًا. اقرأ أيضًا | الرئيس السيسى لطلبة الأكاديمية العسكرية: القوات المسلحة تسهر على حماية من جانبه، قال د. تامر شوقى، أستاذ التقويم التربوى بكلية التربية جامعة عين شمس، إن نظام التعليم الجديد المعروف ب «البكالوريا»، يمثل نقلة نوعية تهدف إلى معالجة التحديات المزمنة التى عانى منها النظام التعليمى التقليدى، مع التركيز على إعداد الطلاب لمستقبل أفضل يتماشى مع المعايير العالمية. وأضاف د. شوقى أن الثانوية العامة كانت تمثل عبئًا كبيرًا على الطلاب وأولياء الأمور على مدار سنوات طويلة، وتأتى الإصلاحات الأخيرة لمعالجة هذه المشكلات من خلال إعادة هيكلة المرحلة الثانوية وإدخال نظام «البكالوريا المصرية»، الذى يعتمد على تقسيم الدراسة على ثلاث سنوات، مما يقلل من الضغوط النفسية على الطلاب ويمنحهم فرصة للتعلم بشكل أعمق وأكثر تفاعلًا. وأوضح أن النظام الجديد يعتمد على تقديم مواد متخصصة ومسارات متعددة تشمل مجالات الطب، الهندسة، الأعمال، والفنون، مضيفًا: «إدخال مادة البرمجة للدراسة فى المرحلة الثانوية لأول مرة فى المناهج، يعكس مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، مع التركيز على تطوير المهارات العملية بدلًا من مجرد الحفظ فقط للإجابة فى الامتحانات». وتابع: النظام الجديد يسعى لتعزيز الاعتراف الدولى بالشهادة المصرية عبر تطبيق معايير عالمية، وهذا لا يعنى أن الشهادة المصرية لم تكن معترفًا بها سابقًا، لكنها خطوة لتأكيد مكانتها وتعزيز تنافسيتها على المستوى العالمى. وتحدث عن فرص تحسين نتائج الامتحانات، حيث يمكن للطلاب إعادة المحاولات أكثر من مرة فى العام، مما يقلل القلق المرتبط بالامتحانات النهائية ويشجع على التعلم المستمر. ولفت د. شوقى إلى الأثر الإيجابى لتقليل عدد المواد الدراسية وإعادة توزيعها على السنوات الثلاث، مما يساعد فى تخفيف الأعباء المالية والنفسية عن الأسر. موضحاً أن النظام الجديد يتيح للطلاب دراسة سبع مواد أساسية فى السنة الأولى مع تقليل عدد المواد فى السنوات اللاحقة. كما أن هذا النظام يساعد فى إعدادهم بشكل أفضل لسوق العمل ويعزز مهاراتهم فى مجالات جديدة. وفيما يتعلق بالتحديات التى قد تواجه تطبيق النظام، أشار شوقى إلى ضرورة التدرج فى تنفيذ التغييرات لضمان استيعابها من قِبَل الطلاب وأولياء الأمور، داعيًا جميع الأطراف إلى تقديم ملاحظاتهم بشكل بنّاء لدعم العملية الإصلاحية. أما د. أحمد عبد الحميد، أستاذ أصول التربية بجامعة طنطا، فقال إن فكرة البكالوريا التى عرضها وزير التربية والتعليم رائعة، وستجد قبولًا لدى المجتمع، حيث إنها تركز على تطوير مهارات الطلاب وزيادة التحصيل المعرفى ومواكبة سوق العمل المصرى والدولى. وأوضح أن ما نحتاجه من النظام التعليمى الجديد الاعتراف والقبول الدولى، فالشهادة التى يحصل عليها الطالب لا بد أن تكون معترفا بها فى كل الدول، وما يهمنا هو اكتساب الطلاب لمهارات متنوعة ويكون لدى الطالب القدرة على التفكير، والتحليل، والبحث، والتواصل، وغيرها من المهارات المهمة، حتى يستفيد منها بعد ذلك فى دراسته الجامعية وما بعدها. وبدورها، قالت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء الأمور، إن مقترح شهادة البكالوريا يتضمن دراسة الطالب 7 مواد أساسية داخل المجموع، إضافة إلى مادتين خارج المجموع فى الصف الأول الثانوى، بينما يدرس 3 مواد أساسية ومادة تخصص بالصف الثانى الثانوى، وفى الصف الثالث الثانوى يدرس مادة التربية الدينية، بالإضافة إلى مادتين تخصص بإجمالى 3 مواد، ويلتحق الطالب بالجامعة بناء على المجموع فى الصفين الثانى والثالث الثانوى، وبالتالى عدد المواد فى المقترح قليل ولن يكون هناك تشتت للطالب. وأشارت عبير إلى أن مقترح البكالوريا يقضى بنسبة كبيرة على الضغط النفسى الذى يعانى منه الطلاب وأولياء الأمور فى الثانوية العامة، خاصة مع كل هذه المميزات التى يتمتع بها المقترح الجديد، مشددة على أهمية الحوار المجتمعى لجميع عناصر العملية التعليمية من معلمين وخبراء وأولياء الأمور، لإبداء رأيهم فى المقترح ومشاركتهم فيه قبل تطبيقه. وقال الدكتور يحيى عبد العظيم، الخبير التربوى، إن التطوير والتقدم سنة كونية حتمية؛ تتقدم بتقدم الإنسان فى شتى مناحى الحياة؛ لكن هذا التطور يجب أن يسبقه دراسات وخطط مقترحة تُطرح على المتخصصين للنقاش، ثم يتم إقرارها؛ لتتخذ مسارها نحو التطبيق العملى، وذلك من خلال برامج قصيرة وطويلة الأجل حتى لا يحدث للطلاب اضطراب من القرارات السريعة والفجائية كما يحدث منذ سنوات، وينطلق ذلك كله من قناعة واضحة، وقاعدة راسخة، وهى أن التجريب فى التعليم تخريب متعمد. وأضاف أن الدراسة المتأنية والإنفاق على التعليم بسخاء، والتطوير من داخل العملية التعليمية، وليس باستيراد نماذج من الخارج تطبق على أبنائنا؛ لا شك ستكون أكثر فائدة؛ أما غير ذلك، فإنه يهدم ثوابت وقواعد جعلت من التعليم المصرى نموذجا للدول الأخرى التى تستفيد كثيرا من التجربة المصرية.