آفة مجتمعية لسلاح بارد ينخر فى شعوبنا يقتل شعوبا بأيدى أبنائها إنها الشائعات التى تفتك بالمجتمعات وتهدم دولاً ضاع ضحيتها دول عظيمة على أيدى أبنائها، وقد أصبحت وسائل الاتصال أكبر وأخطر طرق نقل الشائعات وأكثرها رواجًا وأبلغ تأثيرًا وأصبحت منصات التواصل الاجتماعى أحد الأسلحة المستخدمة فى «الحروب الحالية» والتى تعد من حروب الجيل الرابع لأنها تنتشر كالنار فى الهشيم ويتم تداولها فى دقائق لتفتك بالأمة وتفرق أهلها، وتثير الفتن فهى بمثابة تسويق السم فى العسل، لذا لابد من وضع استراتيجية تعمل على مواجهة تلك الشائعات ووأدها .. وعن هذا يقول الدكتور محمود مهنى «عضو هيئة كبار العلماء»: إن الشائعات لها خطر عظيم على الأفراد والجماعات والأسر والمجتمعات يقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، ولذلك فإن الشائعات تعد معولاً خطيراً يستهدف الهدم وتقويض الجهود ووقف عجلة الإنتاج؛ لأنها توجه الطاقات وتفرغها فى التناحر والنزاع بما يؤدى إلى إضعاف عزيمة السعى نحو النهضة والبناء. عمل ممنهج وأكد الدكتور مهنى أن ذلك العمل ممنهج لتشويه الوعى وتزييفه بغرض تفتيت الجبهة الداخلية وخلق حالة من الارتباك والتشتيت، بما يؤدى لتأجيج حالة الغضب والخروج عن النظام والإطاحة بالاستقرار واستبداله بالخراب والدمار وإثارة الفزع والرعب بين أبناء المجتمع فتزول الدولة ولايبقى منها إلا الأطلال والأمثلة من حولنا كثيرة. وأضاف «مهني» أن حرب الشائعات هى الحرب البديلة حاليًا التى تؤجل أو تمنع المواجهات المباشرة؛ لأنها تحقق النتائج المستهدفة وبأيسر الطرق وأقلها تكلفة. اقرأ أيضًا | التفكك الأسرى أخطر من الطلاق ومواقع التواصل وراء انتشاره وأوضح أن حرب الشائعات تستهدف بشكل عام التأثير السلبى على الروح المعنوية داخليًا لهدم الاستقرار وخلق حالة من الحيرة والتوتر وعدم الثقة مما يؤثر سلبًا على الدولة بشكل عام وفى كل المجالات. وحذر عضو هيئة كبار العلماء من أن التكنولوجيا الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعى، عظمت من دور الشائعات وانتشارها مع انخفاض نسبة الوعى لدى الكثيرين من مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى بصفة خاصة ورغبتهم المحمومة للشير والتعليق والسبق دون تأكد وتحقق من مصدر الخبر وبيان مدى الخبر وبيان مدى صحته ومن هنا يأتى استغلال التأخر فى عرض المعلومات الصحيحة وشفافية أوعرض المعلومات بشكل غامض إلى الترويج لمثل هذه الشائعات. ويرى أن محاربة ومواجهة تلك الشائعات يتحقق من خلال توفير المعلومات الصحيحة بشفافية تامة وفى الوقت المناسب وهو الأمر الذى يمنع ظهور الشائعات المنتشرة بشكل كبير وخاصة الشائعات التى تهدف إلى استنزاف الطاقة فى الرد عليها والانشغال بها ويجب تقديم المعلومات الصحيحة التى تفندها هذه الشائعات، كذلك الاهتمام بتنمية الوعى لدى مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى بضرورة التأكد من مصدر أى خبر أو معلومة قبل التعامل معه على أنه حقيقة. أشد الحروب النفسية يقول الدكتور عصام المغربى خبير علم النفس والاجتماع بجامعة عين شمس أن الشائعات من أخطر الوسائل التى تستهدف تدميراً وتعد إحدى أشكال الحرب النفسية التى تستخدم للتأثير على الروح المعنوية وإحداث أضرار بالمجتمع، وقد تطورت نتيجة لتطور الوسائل المستخدمة فى التواصل، وخطورتها تتمثل فى سرعة تداولها وانتشارها ،وقد تكون الأخبار مصدرا للتأثير والتلاعب وتأجيج الانقسامات الاجتماعية والسياسية. وتتنوع أمثلة الأخبار الكاذبة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعى فقد تتضمن ادعاءات كاذبة ومعلومات سياسية مضللة أو حوادث وأحداث ملفقة وإثارة الشائعات المغلوطة على المستوى الاجتماعى والاقتصادى مما يؤدى إلى انقسام المجتمع والتأثير عليه سلبًا بالاعتماد على عاطفة طبقة من طبقات المجتمع تهتم بالمعلومة وليس بمصدرها مستندين إلى عاطفة مبالغ فيها قاصدين خلق مشكلات استناداً على الوهم والتهويل، مما يؤدى سلبيا على التوقعات المستقبلية وخلق المشكلات النفسية وضرب المجتمع المستهدف بالشائعات ومحاولة ابتزازه إما عن تصدير الراحة المطلقة أو الخطر المطلق بإحداث شرخ بين أفراد المجتمع. وتعتبر الشائعات أشد خطورة فى المجتمعات العربية بسبب سرعتها وتأثيرها على الناس البسطاء وتزداد خطورتها وقت الأزمات والحروب والكوارث ويستخدم الكذب فى إطلاق الشائعات ويستخدمه أعداء الوطن لتدمير الوطن ويسمونه بأسماء كثيرة منها حرب الأعصاب والحرب النفسية. ويشدد المغربى على أن علاج الشائعات على مستوى الفرد من خلال المنطقية فى التعامل مع الأخبار والتأكد من المصدر خصوصًا مع الأخبار الحساسة والمهمة، ومن المؤسسات بالتوعية ومحاربة الصفحات والمنتديات التى تنشر وتنسخ وتلصق، وكذلك الأخبار التى بلا مصادر وأيضًا الشفافية والنزاهة فى تناول الأحداث بما يضيق الخناق على مروجى الشائعات والاصطياد فى الماء العكر ومواجهة الأفكار الهدامة التى تمثل خطراً حقيقياً على المجتمع ولها تأثيراتها السلبية اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا ونفسيًا، ولوقاية المجتمع من الشائعات. ويؤكد «المغربى» أنه يجب العمل على الحد من أخطارها والتوعية والتثقيف بضررها على المجتمع ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعى وتشديد الإجراءات القانونية ضد مروجى الشائعات.. وأيضا تنمية المهارات الحياتية والبشرية للمسؤولين عن متابعة مروجى الشائعات والرد عليهم.