في سبعينيات القرن الماضي كان المشهد السينمائي ينصب في عدد من النجوم الذين رسخوا أقدامهم في حقبتي الخمسينيات والستينيات كأبطال لأفلام المرحلة، كان على رأسهم عماد حمدي وكمال الشناوي وشكري سرحان وعمر الشريف وحسن يوسف ورشدي أباظة وفاتن حمامة وشادية وغيرهم من نجوم تلك المرحلة، حتى فاجأ جيل من النجوم الشباب صناع العمل السينمائي بالظهور في الكادر ليبدأوا الصعود إلى منصة الأبطال ويبدأ الجيل السابق في الانحسار تدريجياً إلا من فئة قليلة من النجوم الذين ظلوا يحتفظون ببريق النجومية. وظهر مع دخول حقبة السبعينيات محمود ياسين ليظل في السنوات الأولى النجم الأول في المشهد جاوره نور الشريف ليبدأ نجم عادل إمام في البزوغ متسللًا تدريجياً، ليعتلي المنصة كنجم الشباك الأول مع ظهور أحمد زكي ومحمود عبد العزيز وبروز نجم حسين فهمي وغيرهم من فناني هذه الحقبة. وكما استطاع جيل الخمسينيات والستينيات تصدر المشهد ما يزيد على عشرين عاماً، استطاع جيل السبعينيات والثمانينيات أن يعتلي المشهد لنفس الفترة الزمنية حتى نهاية التسعينيات عندما فاجأ فيلما «إسماعيلية رايح جاي»، و«قشر البندق» المشهد السينمائي ببروز نجوم جدد كإرهاصة للتغير من جديد، فكان محمد هنيدي الذي قلب موازين الكوميديا بمشاركة زميله وصديقه الراحل علاء ولي الدين، ليأخذا البطل السينمائي إلى طريق آخر، فلم يعد الشاب الجان الوسيم، بقدر ما كان يعتمد في طياته على المقدرة الكبيرة لإضحاك الجمهور الذي اختلفت هو الآخر توجهاته بل ونوعيته. وأخذ جيل التسعينيات يزحف وئيداً نحو تصدر المشهد السينمائي بمختلف أنماطه، فصعد في الكوميديا محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأشرف عبد الباقي وأحمد عيد وهاني رمزي وأحمد حلمي ومحمد سعد وغيرهم من نجوم ذلك الجيل، بينما برز أحمد السقا كنجم أكشن جديد يلتف حوله الشباب ليأخذ أفلام الحركة إلى منطقة جديدة على المشاهد المصري والعربي، ليجاوره أحمد عز كنجم جديد يتمتع بالوسامة والمقدرة على تقديم أدوار الأكشن، ومعهما كريم عبدالعزيز الذي استطاع أن يعادل الخلطة السحرية في السينما بتفوقه في الكوميديا والأكشن معاً، ومعهم على استحياء أمير كرارة وخالد النبوي ومحمد إمام، مع بروز عدد آخر من الفنانين الذين تلمسوا طريقهم إلى السينما بخطى ثقيلة بعض الشيء. وفي وسط هذا كله ظل عادل إمام هو أيقونة السينما التي لا تنطفئ والوحيد القادر على منافسة جيل جديد جاء بفكر سينمائي مغاير على الجمهور المصري، ليظل على القمة في كل المنافسات التي خاضها ضد كل الظواهر التي ظهرت في هذا الوقت. ظل المشهد السينمائي طوال العقدين الأولين من الألفية الجديدة يراوح مكانه بلا جديد صراع على تصدر الساحة بين نجوم برزوا في بداياتهم في أدوار صغيرة، أو بالأصح كومبارسات، ونجم ظل صامداً لا يتزحزح من مكانه، حتى ظهر نجم جديد بدأ حياته بأدوار الكومبارس ليصعد بسرعة الصاروخ إلى القمة بأدوار أثارت جدلاً كبيراً وقت خروجها. جاء محمد رمضان ليعيد ترتيب المشهد من جديد لينافس جيل الألفية الجديدة، ولكنه لم يكن يتمتع بالذكاء الكافي ليظل متربعاً على القمة فروج لفكرة «الرقم واحد» التي كان هو أول من أطلقها ولأن طموحه كان أكبر من غيره فقرر أن ينافس الجميع في كل المجالات فكان السقوط المريع والابتعاد عن القمة بعد تقديمه عدة أفلام لم تجد النجاح الذي حققه في بداياته، ويصبح ظاهرة أخرى في المشهد السينمائي مثل محمد سعد، الذي حصر نفسه في قالب واحد. وتدور الدائرة ليأتي العقد الثالث من الألفية الجديدة بنجوم جدد بدأوا يزحفون على المشهد السينمائي بأفلام تخاطب فئة الشباب الذي لم يجد في أفلام الضحك أو الأكشن مبتغاه، فاتجه إلى نوعية الأفلام التي تناقش قضاياه المتشابكة والتي بدأت في الظهور مع التقدم التكنولوجي، ورغم أن البداية كانت بفيلم «أوقات فراغ» لشباب يخوضون تجربتهم الفنية الأولى، لكنه كان إرهاصة لظهور جيل جديد من النجوم يهدد بسحب البساط من جيل الألفية الثالثة، فظهر أحمد حاتم وكريم قاسم ليكونا البداية لجيل من النجوم الشباب الذين يخاطبون نظراءهم بقضايا تمس المجتمع. وكان المشهد السينمائي خلال السنوات الخمس الماضية قد أصابه العطب إلا أفلام نجمين استطاعا أن يظلا على القمة وتحقق أفلامهما إيرادات غير مسبوقة في تاريخ السينما المصرية، ويخرجا من إطار الظاهرة إلى إطار النجومية الذكية التي تحافظ على المكانة التي وصلا إليها فاستطاع كريم عبد العزيز وأحمد عز، أن يأخذا السينما إلى منطقة جديدة على المشاهد المصري، وأصبحنا نسمع عن أرقام وإيرادات لم تتحقق في أي عقد من عقود السينما. ورغم ظهور جيل نور النبوي وأحمد حاتم وأحمد الفيشاوي؛ وغيرهم من نجوم الجيل الحالي، يظل نجم جيل نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة متواجداً يحاول أن يجد له موقع قدم بجوار الجيل الجديد، مع ثبات أقدام بعضهم في المشهد السينمائي. وإذا كان المشهد السينمائي في عالم النجوم قد شهد تبايناً واضحاً وتغيراً كبيرًا كل عشرين سنة، فإنه يختلف بالنسبة للنجمات فمازالت نجمات نهاية التسعينيات هن اللاتي يتصدرن المشهد حتى الآن، فمازالت منى زكي ومنة شلبي وغادة عادل وهند صبري وغيرهن متربعات على القمة.