بدأ عام 2025 بإزاحة الستار عن اكتشافات أثرية فريدة تسلط الضوء على عمق الحضارة المصرية القديمة. منطقة سقارة، التي طالما كانت منبعًا للأسرار، أذهلت العالم هذا العام عبر جهود بعثات أثرية دولية ومصرية، كشفت عن كنوز أثرية تسهم في إعادة رسم خريطة جبانة سقارة وتضيف فصولًا جديدة إلى تاريخ الدولة القديمة والدولة الحديثة. في هذا التقرير، نسلط الضوء على إنجازات كل بعثة على حدة: ◄ البعثة الأثرية المصرية الاكتشاف الأول الذي حققته البعثة الأثرية المصرية اليابانية المشتركة، والتي كشفت عن مصاطب ومقابر ودفنات تعود لعصور الأسرات الثانية والثالثة والثامنة عشرة. الاكتشاف الثاني للبعثة الأثرية الفرنسية السويسرية المشتركة، التي أزاحت الستار عن مصطبة الطبيب الملكي "تيتي نب فو" من عصر الدولة القديمة. سنتناول في التقرير تفاصيل كل اكتشاف، بما يشمله من كنوز أثرية ونقوش فريدة، وأهميته في إثراء معرفتنا بتاريخ مصر القديمة. كما سنناقش دور التعاون الدولي في تحقيق هذه الاكتشافات وفتح أبواب جديدة لدراسة التراث المصري العريق. ◄ موقع الكشف وأهميته تمركزت أعمال البعثة الأثرية المصرية اليابانية بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة كانازاوا اليابانية في المنحدر الشرقي لسقارة، حيث كشفت عن مصاطب ومقابر ودفنات تغير الفهم الحالي للمساحة التاريخية لجبانة سقارة. 1- المقابر المكتشفة: تم العثور على أربعة مقابر تعود لأواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة. مقبرتان منحوتتان في الصخر وأخريان بنيتا بالطوب اللبن. 2- الدفنات: أكثر من عشر دفنات من عصر الدولة الحديثة، تعود إلى أوائل الأسرة الثامنة عشرة. استخدام المنطقة كجبانة يعكس عودة مدينة ممفيس كعاصمة للدولة المصرية بعد طرد الهكسوس. 3- الأدوات المكتشفة: طبق من الألباستر المصري ووعاء أسطواني مصمت يرجعان إلى أواخر الأسرة الثانية. سدود حجرية تُظهر تقنيات التحصين الجنائزي. ◄ جهود الترميم والتنظيف شملت جهود البعثة ترميم الكتاكومب اليونانية الرومانية المكتشفة سابقًا، حيث تم العثور على: - بقايا مومياوات محنطة. - نماذج "تيراكوتا" لمقاصير جنائزية. - تماثيل صغيرة للآلهتين إيزيس وأفروديت. - قطع من توابيت خشبية وأوانٍ فخارية. ◄ الأهمية الأثرية للاكتشاف أكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذه الاكتشافات توسع الحدود المعروفة لسقارة شمالًا، مما يثبت أن المنطقة كانت مركزًا جنائزيًا نشطًا لأكثر من ألف عام. اقرأ أيضا| تعود للعصر البطلمي.. اكتشافات سقارة الأثرية كنز جديد للحضارة المصرية| صور الاكتشاف الثاني: المصطبة الملكية للطبيب "تيتي نب فو" تحت إشراف البعثة الأثرية الفرنسية السويسرية: ◄ موقع الكشف وأهميته في جنوب منطقة سقارة، حيث دفن كبار رجال الدولة من عصر الدولة القديمة، أعلنت البعثة الأثرية الفرنسية السويسرية بقيادة فريق دولي مشترك عن اكتشاف مصطبة ملكية لطبيب رفيع الشأن يدعى "تيتي نب فو". ◄ تفاصيل المصطبة المكتشفة 1- البناء والتصميم: - المصطبة مبنية من الطوب اللبن ومزينة بنقوش ورسومات ملونة. - الباب الوهمي يحوي صورًا للأثاث الجنائزي وألقاب صاحب المصطبة. - سقف المصطبة مطلي باللون الأحمر، تقليدًا للجرانيت. 2- اللقب والأهمية الطبية: الطبيب الملكي حمل ألقابًا مثل "كبير أطباء القصر"، "عظيم أطباء الأسنان"، و"ساحر الإلهة سركت"، مما يشير إلى تخصصه في علاج اللدغات السامة واستخدام النباتات الطبية. 3- المكتشفات الداخلية: تابوت حجري مزخرف بنقوش هيروغليفية تعكس مكانة الطبيب. أدوات طبية وأوعية خاصة بالتحنيط والعلاج. ◄ تاريخ الحفائر بدأت أعمال البعثة في عام 2022 وامتدت إلى الجزء الخاص بمقابر موظفي الدولة خلف المجموعة الجنائزية للملك بيبي الأول وزوجاته. هذا الاكتشاف لا يعكس فقط تقدم الطب في عصر الدولة القديمة، ولكنه يعزز فهمنا لدور الأطباء في البلاط الملكي، كما يشير إلى وجود اهتمام خاص بالصحة العامة والعلاجات الطبية، وهو ما يبرز عبقرية المصريين القدماء في العلوم الإنسانية. ◄ إنجازات سابقة للبعثة سبق للبعثة أن كشفت عن مقبرة الوزير "وني الشهير"، مما يعزز أهمية سقارة كمنطقة مليئة بالكنوز التاريخية. مع بداية هذا العام، تؤكد هذه الاكتشافات أن مصر لا تزال تحتل مكانة رائدة في مجال الآثار العالمية. جهود البعثات الدولية والمصرية المشتركة تعكس أهمية التعاون العلمي في إعادة اكتشاف الماضي. تظل سقارة منبعًا لا ينضب للكنوز الأثرية التي تكشف عن صفحات جديدة من تاريخ الإنسانية، من مصاطب الدولة القديمة إلى دفنات الدولة الحديثة، تشهد الاكتشافات الأثرية في سقارة على عبقرية المصريين القدماء وثراء حضارتهم، عام 2025 يحمل في طياته المزيد من الاكتشافات التي تعيد للعالم ذاكرة واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ.