تعد القراءة فعلًا فرديًا بامتياز، مثلها مثل التأمل والتفكر فيما حولنا وما يحدث لنا، لكنها رغم فرديتها تستحضر الآخر لكونها قائمة على حوار بيننا وبين ما نقرأ وإلّا لتحولت إلى فِعل خامل نصبح فيه مجرد متلقين فى علاقة تسير فى اتجاه واحد، ففى القراءة الحقة نتفاعل مع ما نقرأ ونتجادل معه، نتمثله ونضيف إليه لنسد ثغراته بل وقد نهدمه لنقيم على أطلاله بنيانًا جديدًا. من جهة أخرى، ثمة متعة خالصة فى مشاركة ما قرأناه مع الآخرين: فى تبادل الآراء والتفضيلات واقتراح عناوين نستشعر أنها قد تنال إعجاب هذا الصديق أو ذاك، وفى النقاش حول الكتب عمومًا. ويحظى هذا الأمر بأهمية مضاعفة فى نهاية كل عام، حيث تخصص الصحف الثقافية صفحات لعرض توصياتها للقراء أو لتقديم ما تعتبره أفضل إصدارات العام، وانتقل التقليد نفسه إلى تطبيقات التواصل الاجتماعى فبات القراء يقدمون جردًا بأهم قراءات العام، ما يلفت النظر فى كثير من الأحيان إلى عناوين لم تحظ بما تستحق من الاهتمام رغم جودتها. ومنذ بداية أخبار الأدب تهتم الجريدة بتقديم ترشيحات للقراءة نهاية كل عام، بصور تتنوع بين أن يقدم هذه الترشيحات محررو الجريدة أنفسهم أو كتاب تتاح لهم مساحة لعرض اختياراتهم من أفضل عناوين العام المنصرم لكن هذا التقليد لم يتوقف حصرًا عند نهاية العام، بل رافق أيضًا كل دورة جديدة من دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب. عن نفسى لا أومن كثيرًا بفكرة المفاضلة بمعناها الحاد والحاسم الساعى لتراتبية ما فهذا أمر بعيد إلى حد كبير عن مغزى الأدب ومعناه، لكن هذا التحفظ لا يعنى تفويت فرصة مشاركة الآخرين الحديث عن الكتب التى لفتت انتباهنا، مع الاعتراف بأن كل قائمة منقوصة بالضرورة لعدم اطلاع مقدمها على كل ما نُشِر ولأنها تنطلق من ذائقة شخصية بالأساس. فى بستان الكتب لهذا الشهر يقدم المشاركون فيه ترشيحاتهم للقراء، بعضهم يكتفى بعنوان واحد وبعضهم يكتب عن أكثر من عنوان. قسم من هذه العناوين من إصدارات 2024 وقسم آخر من إصدارات أعوام سابقة لكنه قُرئ خلال 2024.