سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حوار الساعة| المعجم الأكبر في تاريخ اللغات الإنسانية.. إنجاز القرن يرى النور الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: ثروتنا العربية متاحة إلكترونيًا بطريقة عصرية
بعد الإعلان رسميا عن الانتهاء من إنجاز أول معجم شامل تاريخي للغة العربية الذي يشكّل إرثاً لغوياً وحضارياً للأجيال القادمة، يضمن للغة العربية مكانة رائدة بين لغات العالم. ويعزز من الحضور العربي في المحافل العلمية العالمية، لأن هذا المعجم التاريخي ليس مجرد توثيق للكلمات بل هو تتبع لجذورها منذ استخدامها الأول في عصر ما قبل الإسلام وصولاً إلى العصر الحديث. حول أهمية هذا المشروع الضخم " المعجم التاريخي للغة العربية" ، تلك الموسوعة الشاملة، أجرينا هذا الحوار مع الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية العربية، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالقاهرة: اقرأ أيضًا| «اتحاد المجامع اللغوية» يشيد بمقترح بوابة أخبار اليوم بإنشاء مرصد لغوي في البداية، ما الفرق بين المعجم التاريخي والمعاجم العامة؟ قال الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: المعجم التاريخي هو الذي يؤرخ لكلمات اللغة العربية ويعرف بمضمونها ويرتبها حسب ظهورها في التاريخ ويحدد من الذي قالها وفي أي سياق قالها، وفى شعر، أو نثر، أو خطبة، أو حكمة، أو نحو ذلك مما يوجد في الكلام المنوع الذي يتحدثه أصحاب هذه اللغة، فهذا هو المعجم التاريخي من حيث التعريف، أي يتتبع كلمات اللغة ويجعل لكل كلمة ولكل اشتاق ملف يذکر فيه ولادة الكلمة، متى ولدت؟ وعلى أي لسان جاءت؟ وفى الشعر؟ أو النثر؟ وفى أي عصر من العصور؟ - عصور اللغة وأضاف الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور: العصور اللغوية طويلة كثيرة، عصر ما قبل الإسلام، و عصر ما بعد الإسلام ، ثم عصر الدول الأموية والعباسية ثم عصر الملوك، والإمارات التي ظهرت في تاريخ العرب،ثم في العصر الحديث. وينبغي أن يتبع الكلمة في كل هذه العصور ليعرف معناها عند ولادتها، وهل تحولت من الحقيقة إلى المجاز؟ أو بقيت على حالها؟ وهل ظلت ظاهرة مستعملة في كل العصور، أو أنها غابت في عصر بعينه؟ وهل بعدما غابت ظهرت مرة أخرى أو أنها ظلت على غيابها؟ أو هل استمرت طول العصور فلم تغب أبدا ؟ يعنى يتتبع كل المعاني والاشتقاقات التي تخرج من الكلمة، أولاً الفعل الماضي، ثم الفعل المضارع، ثم فعل الأمر، تم اسم الفاعل، تم اسم المفعول، ثم ما يشتق من الكلمة العربية، اسم الزمان واسم المكان إلى آخر الاستعمالات الموجودة في اللغة العربية، ومعنى ذلك أن كل كلمة في اللغة هي كذلك. اقرأ أيضًا| قيمتها 60 ألف جنيه.. مجمع اللغة العربية يعلن جائزة للقصة القصيرة - بداية الفكرة قال الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: اللغة العربية كلمة واسعة الأرجاء كثيرة الاشتقاقات، كثيرة الاستعمالات، من هنا فإن هذا العمل عمل جبار ولم يكن باستطاعة أحد أن يفعله، وقد ظهرت الفكرة لدينا في لغتنا العربية عند إنشاء أول مجمع في المجامع اللغوية الرسمية في مصر، وجاء ذلك في عصر الملك فؤاد ولذلك أصدر قراراً بإنشاء المجمع الملكي في عهده على غرار الأكاديمية الفرنسية التي ظهرت في التاريخ سنة 1634م حتى يكون للغة العربية معجم تاريخي، وجعل من أغراض المجمع إصدار معجم تاريخي للغة العربية كسائر اللغات يكون في المعجم كلماتها، معانيها ودلالاتها، واستعمالاتها، وتنوعها في شعر الشعراء، وفى أدب الأدباء، وفي إبداع المبدعين حتى يكون لدينا تصور دقيق للغة العربية، هذا هو المعنى الخاص بالمعجم التاريخي. - المعاجم القديمة يقول الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور: المعجم التاريخي يختلف عن المعاجم الأخرى في أنه يتتبع التاريخ، والمعاجم الأخرى تأتي بالمعاني كما تتجلى في ذهن صاحب المعجم. والمعاجم موضوعة على طرق متعددة فيها ما يسمى ب "معاجم القافية"، على الحرف الأخير من الكلمة، على سبيل المثال كلمة "كتب" تكتب في كتاب الباء وباب الباء؛ ثم حرف الكاف ثم حرف التاء فهي تتبع كلمات اللغة وترتبها بهذا الترتيب.، طريقة ثانية هي طريقة الأبجدية التي تكتب على أول الحرف. وأضاف: ثم لدينا طريقة الخليل وهي طريقة عجيبة تقوم على تقليب الكلمة لبيان كل استخداماتها مثلا كلمة "كتب" "بكت" "تكب"، حتى يستخرج كل معاني كلمات اللغة العربية بطريقة رياضية معقدة، و على هذه الطريقة وضع كتاب "العين" الذي هو أول معجم من معاجم اللغة العربية. الانفراد بزمن الكلمة إذن المعجم التاريخي يهتم في الكتابة عن كلمات اللغة العربية بتاريخ صدورها وطرق استعمالها وبقاءها أو كمونها من أول صدورها على لسان المتكلم إلى العصر الذي يكتب فيه المعجم. وأضاف: لم يصدر في معاجمنا القديمة ما يتعلق بهذا الغرض وهو الزمن الذي ظهرت فيه الكلمة وطرق الاستعمال لهذه الكلمة وإنما تساق الكلمات في المعاجم القديمة بحسب ما وضع المؤلف صاحب المعجم من منهج له في هذا الأمر ، هذا هو المعجم التاريخي. واستطرد الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: إن اللغات الأجنبية ظهرت فيها معاجم تاريخية من قديم واستغرق ذلك تتبع كلماتها في عصورها وفي استعمالاتها وفي معانيها ودلالاتها فاللغة الإنجليزية لها معجم تاريخي واللغة الفرنسية واللغة الألمانية كذلك. الملك فؤاد والأكاديمية الفرنسية أما اللغة العربية لم يظهر فيها معجم تاريخي وأراد الملك فؤاد أن تردم هذه الفجوة التي لا ينبغي أن تكون اللغة العربية فيها أقل من اللغات الأخرى بأن يكون للغة العربية معجم تاريخي. وأوضح: أن الملك فؤاد أراد أن يكون عندنا مجمع مثل الأكاديمية الفرنسية وجعل من أغراض هذا المجمع أن يصدر معجما تاريخيا وليس معجم على طريقة معاجمنا القديمة ككتاب"العين" أو كتاب"لسان العرب" أو كتاب"القاموس المحيط"، فهذه معاجم إما أن تكتب على القافية، وإما أن تكتب على أول الحروف، وليس المقصود فيها بيان الزمن الذي استعملت فيه الكلمات. - أول معجم تاريخي وأضاف الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور: إن الزمن الذي تكتب فيه الكلمات يعطي إطار حضاري وثقافي واجتماعي، ليبين أن هذه الكلمة متى استعملت؟ وهل زادت وهل نقصت؟ هل بقيت وهل كمنت؟ فكل هذه المسائل تتعلق بالمعجم التاريخي ولا تتعلق بالمعاجم العادية التي أصدرها العلماء العرب منذ الخليل بن أحمد الذي وضع أول معجم تاريخي بطريقة التقليب بالحروف، وهو توفى سنة 170ه. "ألماني" في مجمع اللغة العربية -المستشرق " فيشر" وقال الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور: إن الملك فؤاد عندما أراد عمل معجم تاريخي كان يجب أن تتوجه الجهود لإصدار هذا المعجم، ولكن هذا الأمر شاق شديد الصعوبة يحتاج إلى عمل دؤوب لجميع الأزمنة التي استعملت فيها الكلمات العربية البالغة الكثرة التي لا تقل عن 12 مليون كلمة. ولكن بدأت محاولات لصناعة هذا المعجم بمعاونة مستشرق ألماني يسمى "فيشر" كان عضواً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة وعرضت عليه الفكرة فقال نبدأ في عملها وبدأ بالفعل يضع بعض البطاقات العلمية التي تتعلق بهذا المعجم التاريخي ولكن جاءت الحرب العالمية ورجع فيشر إلى ألمانيا ولم يعد إلى مصر مرة ثانية لأنه مرض وتوفى ولم يصدر شيء من هذا المعجم. وأضاف: لا يستطيع مجمع واحد أن يقوم بهذا الأمر لأن اللغة العربية واسعة جداً وبعض الناس يرفعها إلى 14 مليون كلمة والبعض الأخر يرفعها إلى 16مليون كلمة، فاللغة تزداد وتتكاثر و تنمو وتتوسع و تتجدد ويضاف إليها الكثير. - الفكرة قديمة فالمعجم التاريخي الجديد فكرة قديمة من أيام الملك فؤاد الذي أصدر مرسوماً ملكياً بإنشاء مجمع اللغة العربية سنة 1932 ولم يتمكن أحد بسبب ضخامة اللغة العربية وقلة الإمكانيات واعتماد كل مجمع على نفسه من غير أن يكون بينها رابط. وبعد محاولة فيشر التي لم تتم أصبح هذا الهدف أمام كل المجامع يحلق فى الفضاء ولا يستطيع أحد أن ينزله إلى الأرض لتنفيذه و إكماله وإصداره حتي تكون للغة العربية معجم تاريخي كاللغات الأجنبية. - المدونات والتكنولوجيا والدعم المادي وقال الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: كان هذا المعجم يحتاج إلى ثلاثة عناصر رئيسية: العنصر الأول: أن تتضافر مجموعة من المجامع على إصداره، العنصر الثاني: لابد أن يكون لهذا المعجم مدونة علمية تجمع أكبر عدد ممكن من الكتب والمصادر العربية القديمة والوسيطة والحديثة، وتجمع دواوين الشعر وكتب النثر وتاريخ الأدب وتاريخ الشعراء والأدباء والمبدعين على مدى العصور الطويلة للغة العربية، فكان لابد أن يوجد هذا، ولابد أن يكون عندنا تكنولوجيا متقدمة، تمكننا من أمرين، الأمر الأول أن تعمل على جمع المجامع التي ستشترك في هذا الشأن بمن فيها من العلماء والخبراء والباحثين والتقنيين الذين يشغلون التكنولوجيا من أجل خدمة اللغة العربية. ولابد أن يكون عندنا مكتبة تسمى الآن المدونات، فيها الآلاف من الكتب العربية في سائر العلوم العربية، ليس فقط في علم اللغة والأدب والمعاجم القديمة، لكنها تشمل كتب في الفلسفة والتاريخ والشريعة والكيمياء والطب والهندسة والرياضيات والطبيعيات، وسائر ما ظهر في اللغة العربية، وهذا يقتضي الآلاف بلغت ما يقرب عند بناءها وصناعتها وتخزينها أكثر من ثلاثين ألف عنوان، والكتاب له عنوان حتى ولو كان خمسين جزء. فهذه الكتب التي يجب تخزينها في هذه المدونة حتى تستخلص منها الكلمات المستعملة عن طريق التكنولوجيا بأن يكون عندنا ما يسمى المدونة أولا ثم ما يسمى المنصة ثانيا. - فريق العمل وأضاف: فلابد أن المجامع تشترك، ولابد من تقنية حديثة تمكننا من جمع هؤلاء الذين يعملون، الذين بلغ عددهم ما يقارب ال 700 عالم وباحث وخبير ومقدم مادة علمية غير التكنولوجيين، فالسيرفر ضخم جدا يتسع لملايين الكلمات وملايين أبيات الشعر وملايين النصوص. وقال الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: كل ذلك يحتاج إلى العامل الثالث وهو الدعم المادي الذي ينفق على هذا المشروع الضخم الكبير. الذي سيعمل فيه كل هذا الجيش وهذه الكتيبة العلمية الكبيرة. وأوضح: أن الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة عندما علم بهذا المشروع تعهد بهمة عالية وإرادة قوية، بتقديم الدعم اللازم لهذا المشروع ، فبنى لذلك مكانا ضخما في مدينة 6 أكتوبر بالقاهرة، تحت عنوان اتحاد المجامع اللغوية العربية، ولم يكن في الشارقة مجمع فأنشأ مجمعا. - المنهج ويقول الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور: بعد توافر هذه العناصر ، وضع منهجا لهذا العمل وخطة بحث دقيقة ومفصلة تفصيلا دقيقا، ونظام محكم، وبالفعل وضع المنهج ، وضعه الدكتور مأمون وجيه، أحد العلماء بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، ونوقش على مستوى المجامع التي ستشترك في إصدار هذا المعجم، التي بدأت بأحد عشر معجما، وانتهت بثلاثة عشر مجمعا، وأخذ هذا الأمر سنتين، وبدأ ذلك سنة 2017 إلى 2019م، وتمت الموافقة على المنهج، ثم بعد ذلك بدأت اللجنة المشرفة على إصدار هذا المشروع. وأضاف: أن اللجنة المشرفة على إصدار المشروع لها مشرف علمي، هو الدكتور مأمون وجيه، ولها مشرف مالي وإداري في مجمع الشارقة هو الدكتور محمد صافي المستغانمي، أمين مجمع الشارقة. - سنوات العمل ويقول الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: بدأ توزيع الحروف، بداية من حرف الألف حتى آخر الحروف حرف الياء، وبالفعل بدأ إنتاج هذه المادة العلمية الجديدة، المرتبة والمنطقة زمنيا والمحددة للمنهج الذي وضع ووفق عليه، وبدأت الكتب تظهر في أول أمرها في طبعة تجريبية حتى نتأكد مما أردناه من الكتابة العلمية قد جاء موافقا للمنهج. وبدأنا العمل الذي استمر خمس سنوات كاملة من العمل والإنتاج والتنسيق والمراجعة والتمحيص والتدقيق. ووصل عدد المجلدات التي بني منها وصنع منها هذا المعجم التاريخي 127 مجلدا ، كل مجلد لا يقل عن 700 صفحة، أي أكثر من 85 ألف صفحة على الأقل. - اليونسكو وقال الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: في 5 من شهر نوفمبر عام 2024م، أعلن عن إتمام هذا العمل ووضعه على الشبكات الإلكترونية، وأصبح المعجم التاريخي متاح بطريقة ميسرة على المواقع الإلكترونية ويستطيع أن يدخل عليه ويصل إليه كل من يرغب في أي مكان في العالم. - الأكبر في تاريخ اللغات الإنسانية كما أوضح الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية: أن هذا المعجم أكبر معجم في تاريخ اللغات في العالم التي يمكن أن تصل إلى ستة آلاف لغة، وقد صدرت بذلك شهادة من اليونسكو منذ 15 يوما بالاعتراف بأن هذا المعجم هو الأكبر في تاريخ اللغات الإنسانية. - رسالة وفي ختام الحوار وجه الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور رسالة إلى أصحاب اللغة العربية بأنه يجب أن يكون لديهم انتماء وانتساب للغة الشريفة، لغة الحضارة ، لغة المجد و التاريخ ،ولغة القرآن الكريم . فلا يليق بالعقلاء أن تكون عندهم هذه اللغة الكبرى ولا يستخدموها. كما يجب عليهم أن يكون انتماءهم للغة العربية تقديرا لكمالها وتشريفا بالحديث عنها وعملا على التمكين لها خاصة بعد الانتهاء من هذا المشروع الضخم لأنه أصبح أمامهم بحر عظيم من العلم يستطيعون أن يستمدوا منه المعاني والدلالات والبلاغة كل ذلك بضغطة زر على المواقع الإلكترونية فيدخل إلى حيث يشاء ويتعلم كيف يشاء من خلال هذه الموسوعة العلمية الشاملة.