في عام 1979، خطرت لكولين سوليفان طبيب شاب يعيش في سيدني بأستراليا، فكرة تجربة مبتكرة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل التنفس أثناء النوم، بعد عدة أشهر من البحث عن الحالة المناسبة، التقى عامل بناء كان يعاني من تعب شديد بسبب اضطرابات النوم الليلية، لدرجة أنه كان ينام أثناء العمل على السقالات. كان هذا العامل يعاني من انقطاع النفس أثناء النوم، حيث يتسبب انسداد مجرى الهواء في انقطاع التنفس ليلاً، مما يجعله يستيقظ بشكل متكرر، لكنه رفض اقتراح سوليفان بإجراء عملية جراحية لفتح مجرى هوائي في رقبته، وهي الطريقة الوحيدة المعروفة للعلاج آنذاك، بحسب مجلة Time. اقرأ ايضا|«سنة أولى أمومة».. كيف تحمي طفلك من خطر الاختناق أثناء النوم؟ قرر سوليفان تجربة اختراع جهاز بسيط مكون من أنبوب يشبه أنابيب أحواض السباحة موصول بجهاز نفخ هواء، من خلال قناع يرتديه المريض، يضخ الجهاز الهواء إلى الأنف، مما يزيد قليلاً من الضغط ويحافظ على مجرى الهواء مفتوحًا، وكانت النتيجة مذهلة، استطاع العامل النوم بهدوء لأول مرة منذ سنوات. يقول سوليفان: «كانت نتيجة مذهلة لكنه في ذلك الوقت لم يتخيل أن جهازه، الذي أصبح يُعرف لاحقًا باسم جهاز CPAP (الضغط الإيجابي المستمر لمجرى الهواء)، سيصبح ضرورة لملايين الأشخاص حول العالم مع ارتفاع معدلات السمنة، أحد الأسباب الرئيسية لانقطاع النفس أثناء النوم، أصبح هذا الاضطراب يؤثر على قرابة مليار شخص على مستوى العالم». تحديات استخدام أجهزة CPAP والحلول بالرغم من أن أجهزة CPAP تساعد الملايين، إلا أن هناك العديد من الأشخاص يواجهون صعوبة في استخدامها، المشكلة الرئيسية التي تواجههم هي عدم الراحة بسبب الأقنعة غير المناسبة. تقول إيما كوكسي، وهي ناشطة في مجال توعية مرضى انقطاع النفس: "لقد استخدمت جهاز CPAP لمدة 16 عامًا، ولم أشعر بالراحة الكاملة."، كانت مشكلتها مثل الكثيرين، أن القناع لم يكن ملائمًا بشكل جيد، ولم تحصل على تعليمات كافية لتحسين الراحة عند استخدام الجهاز. يشير الدكتور كيفين موتز، وهو طبيب متخصص في اضطرابات النوم: «الأقنعة ليست مقاسًا واحدًا يناسب الجميع، على سبيل المثال، الأقنعة التي تغطي الأنف فقط قد تكون الأكثر فعالية، لكن الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في التنفس عبر الأنف قد يحتاجون إلى أقنعة تغطي الفم أيضًا». لتحسين تجربة المرضى، يمكن الاستعانة بخبراء في تركيب الأقنعة، أو استخدام التطبيقات والمنصات السحابية التي تقدم إرشادات شخصية لتحسين استخدام الجهاز، كذلك، يمكن تحسين الراحة من خلال استخدام ملحقات مثل أغطية وسائد مريحة أو أشرطة للذقن تساعد في إبقاء الفم مغلقًا. تشخيص انقطاع النفس أثناء النوم للحصول على العلاج المناسب، من الضروري تشخيص الحالة بدقة، إحدى العلامات الشائعة لانقطاع النفس هي الشخير، ينصح سوليفان: "إذا كنت تعاني من الشخير، يجب استشارة طبيب متخصص." يمكن أن تساعد الأجهزة الذكية مثل الساعات وأجهزة تتبع النوم في تحديد احتمالية الإصابة بانقطاع النفس، لكن التشخيص النهائي يتطلب دراسة نوم شاملة، في بعض الحالات، يُجرى فحص يُعرف ب"تنظير النوم"، حيث تُدخل كاميرا صغيرة إلى مجرى الهواء لتحديد مواضع الانسداد بدقة. هل يوجد بدائل للعلاج؟ إذا لم يكن جهاز CPAP مناسبًا أو فعالًا، فهناك بدائل علاجية أخرى: 1. الأجهزة الفموية: تعمل على دفع الفك السفلي للأمام، مما يساعد في فتح مجرى الهواء، يتطلب ذلك العمل مع طبيب أسنان متخصص في طب النوم. 2. الجراحة: في الحالات الشديدة، قد تكون الجراحة خيارًا لإزالة أو تعديل الأنسجة المسببة للانسداد، كما يمكن زراعة جهاز لتحفيز الأعصاب المتحكمة في عضلات اللسان. 3. تمارين الحلق: يمكن لأخصائيي النطق تقديم تمارين تقوي عضلات الحلق لتحسين التنفس أثناء النوم. 4. النمط الحياتي الصحي: إنقاص الوزن من خلال التغذية الصحية وممارسة الرياضة يمكن أن يقلل من شدة انقطاع النفس بنسبة تصل إلى 50%، كما أن تبني نظام غذائي نباتي يخفف الالتهابات المرتبطة بالاضطراب. التطلعات المستقبلية بالرغم من التقدم الحالي، يستمر البحث عن علاجات جديدة لانقطاع النفس أثناء النوم، يعمل العلماء على تطوير أدوية جديدة مثل مثبطات قنوات البوتاسيوم، التي قد توفر خيارات علاجية إضافية في المستقبل. تقول كوكسي: «لقد استغرق الأمر سنوات من التجربة والخطأ لإيجاد الحل المناسب لحالتي، وتؤكد أن التنسيق بين الأطباء المتخصصين يجب أن يتحسن لتوفير رعاية أكثر شمولية للمرضى». لا يزال جهاز CPAP يحتل دورًا رئيسيًا في علاج انقطاع النفس أثناء النوم، لكن مع التطورات الطبية، تتوفر خيارات متعددة تناسب احتياجات المرضى المختلفة.