يعد التراث المصري القديم بمثابة كنز لا ينضب، يكشف لنا بين الحين والآخر عن مشاهد فريدة وتحف أثرية نادرة تعبر عن الإبداع الفني والديني للحضارة المصرية. ومن بين هذه التحف، يبرز مشهد نادر للمعبود "شو"، الذي تمثَّل في شكل أسد يعلو رأسه التاج الريشي المميز. هذا المشهد محفور على ناووس حجري يرجع إلى العصر المتأخر، وتحديدًا إلى عهد الملك "نختنبو الأول"، تم اكتشاف هذا الأثر تحت مياه منطقة أبو قير بالإسكندرية، ويعرض الآن في المتحف اليوناني الروماني، ليبهر الزوار ويعيد سرد حكايات تاريخية ملهمة عن المعتقدات والرموز الدينية المصرية القديمة. تعريف بالمعبود شو: المعبود "شو" في الديانة المصرية القديمة هو إله الهواء والفراغ الذي يفصل السماء عن الأرض. يعتبر شو أحد أبناء الإله "رع"، وهو والد "نوت" (إلهة السماء) و"جب" (إله الأرض). دوره محوري في أسطورة الخلق، حيث يحمل السماء بعيدًا عن الأرض، مكونًا بذلك العالم المادي. ظهور شو كشكل أسد ارتبطت صورة الأسد في مصر القديمة بالقوة والحماية، وهو ما يعكس الجانب الحامي لشو. تجسد شو في هيئة الأسد في بعض النقوش كرمز للقوة الإلهية. التاج الريشي الذي يعلو رأسه يعكس صلته بالعوالم السماوية ودوره كفاصل بين العناصر. ناووس الملك نختنبو الأول.. وصف وتحليل الناووس مصنوع من الحجر، ومزين بنقوش دقيقة تصور المعبود شو في هيئة أسد. يعلو رأس شو تاج ريشي يعكس مكانته السماوية. النقوش تحمل نصوصًا دينية تمجد المعبود شو ودوره في الحفاظ على التوازن الكوني. الأهمية التاريخية يعود الناووس إلى العصر المتأخر، تحديدًا عهد الملك "نختنبو الأول" (380-362 ق.م). عهد نختنبو الأول تميز بإحياء التقاليد الدينية والفنية المصرية القديمة، مما يظهر في جودة النقوش على الناووس. اكتشاف الناووس.. من أعماق أبو قير إلى المتحف اليوناني الروماني الاكتشاف تحت الماء تم العثور على الناووس في منطقة أبو قير بالإسكندرية، وهي منطقة معروفة بالآثار الغارقة. الاكتشاف يعكس أهمية البحر كوسيلة للحفاظ على آثار لم تصل إلينا بطرق تقليدية. النقل إلى المتحف تم ترميم الناووس ونقله إلى المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية. عرض الناووس في المتحف يوفر فرصة نادرة لدراسة مشهد غير تقليدي للمعبود شو. الناووس كدليل على التفاعل بين الدين والفن الجانب الديني يعكس المشهد المكانة المهمة للمعبود شو في العقيدة المصرية. التاج الريشي يشير إلى علاقة شو بالعوالم السماوية وأهميته في الحفاظ على النظام الكوني. الجانب الفني جودة النقوش ودقتها تعكس مهارة الفنانين في العصر المتأخر. استخدام شكل الأسد يعبر عن التنوع في تمثيل الآلهة بمزيج من الصفات البشرية والحيوانية. العصر المتأخر.. فترة إحياء التقاليد المصرية عهد الملك نختنبو الأول تميز عهده بالاستقرار النسبي وإحياء التقاليد الدينية والفنية. دعم الملك نختنبو بناء المعابد وتجديد الشعائر الدينية. دور الناووس في العبادة كان الناووس يُستخدم لحفظ تماثيل أو نصوص مقدسة تُكرس للآلهة. وجود صورة شو يعكس الأهمية التي حظي بها هذا الإله في العبادة الملكية والشعبية. المتحف اليوناني الروماني.. نافذة على التراث المصري أهمية المتحف يعد المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية من أبرز المتاحف المصرية التي تعرض آثارًا تمتد من العصور الفرعونية إلى الحقبة اليونانية الرومانية. عرض الناووس ضمن مجموعة المتحف يبرز تداخل الحضارات وتأثيرها المتبادل. جذب الزوار الناووس يجذب اهتمام الزوار والباحثين لندرته ولتصويره الفريد لشو. يُعتبر الناووس مثالًا حيًا على براعة المصريين القدماء في الدمج بين الفن والرمزية الدينية. أهمية الاكتشافات المائية في أبو قير منطقة أثرية غنية تُعد أبو قير من أغنى المناطق بالمواقع الأثرية الغارقة، حيث كانت ميناءً هامًا في العصور القديمة. اكتشافات مشابهة تسلط الضوء على الحياة الدينية والثقافية للمصريين القدماء. أهمية الحفاظ على الآثار الغارقة جهود البحث والتنقيب تحت الماء تلعب دورًا حيويًا في استعادة أجزاء من التراث المصري. الاكتشافات المائية تكشف عن جوانب من التاريخ لم تكن معروفة سابقًا. رمزية المشهد في السياق المصري القديم شو كرمز للنظام الكوني يمثل شو في المشهد دور الإله الحامي الذي يحفظ النظام الكوني من الفوضى. شكل الأسد يعبر عن القوة الإلهية التي تسيطر على العناصر الطبيعية. التاج الريشي يرمز التاج إلى العلاقة الوثيقة بين شو والإله رع، وإلى دوره كإله للهواء الذي يحمل السماء. يمثل الناووس الحجري الذي يصور المعبود شو في هيئة أسد تحفة فنية ودينية تعكس عبقرية المصريين القدماء في التعبير عن معتقداتهم. اكتشافه في منطقة أبو قير الغارقة يعيد إحياء قصة هذا الإله ودوره المحوري في العقيدة المصرية القديمة. عرض الناووس اليوم في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية يعيد فتح نافذة على الماضي، موفرًا فرصة لا تُقدر بثمن لفهم التقاليد المصرية التي استمرت عبر العصور. اقرأ أيضا | أصل الحكاية| تعرف على بطولات الجيش المصري عبر العصور