أصبحت التكنولوجيا، في ظل التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم اليوم، جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، بل أصبح الإنترنت من أكثر الوسائل التي يعتمد عليها الأفراد والمؤسسات في إنجاز مختلف مهامهم اليومية من التسوق عبر الإنترنت، إلى التواصل الاجتماعي، مرورًا بإجراء المعاملات المالية، فلم يعد هناك مجالا تقليديا لا يتأثر بالتكنولوجيا، إلا أن هذا التحول الرقمي، رغم فوائده العديدة، يفتح أيضًا أبوابًا واسعة لمخاطر جديدة تهدد الأمن الشخصي وفي بعض الأوقات الاقتصادي، من أبرزها الاحتيال الإلكتروني، والذي أصبح يشكل تهديدًا متزايدًا على الأفراد والشركات على حد سواء، فالاحتيال الإلكتروني لا يقتصر على عمليات السرقة المالية فقط، بل يمتد ليشمل التلاعب بالبيانات، والاستغلال الشخصي، والتهديدات الأمنية التي قد تؤدي إلى خسائر فادحة، تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم في السطور التالية. الاحتيال الإلكتروني هو مجموعة من الأنشطة الاحتيالية التي تنفذ عبر الإنترنت باستخدام تقنيات متعددة بهدف سرقة الأموال، أو المعلومات الشخصية، أو التلاعب بالأنظمة الرقمية. قد تشمل هذه الجرائم مجموعة واسعة من الأساليب، مثل التصيد الاحتيالي، والبرمجيات الخبيثة، والاحتيال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعلها من أكبر التحديات الأمنية في العصر الرقمي، بل تتسبب هذه الأنشطة في خسائر فادحة للأفراد والشركات حيث يمكن أن تؤدي إلى تدمير السمعة، أو تعرض البيانات الحساسة للاختراق، أو حتى انهيار اقتصاديات بأكملها، حيث يلجأ بعض الخارجين عن القانون، لاستخدام التطبيقات الإلكترونية للنصب على المواطنين، ليجدوا أنفسهم فجأة فريسة لهؤلاء المتهمين الذين يستولون على أموالهم في لمح البصر. في الوقت ذاته لا تقف الأجهزة الأمنية مكتوفة الأيدي حيال هؤلاء المتهمين؛ فقد تمكن رجال هيئة الرقابة الإدارية من ضبط متهم بعد تحريات دقيقة كشفت عن تورطه في إنشاء وإدارة منصات إلكترونية متخصصة في تقديم خدمات الاختراق والتصيد الإلكتروني، استهدفت هذه الخدمات الأفراد والمؤسسات داخل الجمهورية وخارجها، مع التركيز على المؤسسات المالية، في إطار مخطط إجرامي يهدد الأمن السيبراني للمجتمع ويعرض بيانات المواطنين للخطر، كما كشفت التحقيقات الأولية أن المتهم أنشأ منصات تقدم برامج ضارة مخصصة لسرقة البيانات الشخصية والمالية، بالإضافة إلى مواقع احتيالية مزيفة تستخدم في عمليات النصب الإلكتروني، كما تبين أن المتهم كان يتعامل بالعملات المشفرة لتلقي المدفوعات، في محاولة منه للإفلات من الرقابة المالية وتتبع نشاطاته غير المشروعة، كما اشارت تقديرات الجهات المختصة إلى أن المنصات التي يديرها المتهم تعد من بين الأكبر عالميًا في هذا المجال، حيث بلغ إجمالي تعاملاتها مئات الآلاف من الدولارات خلال العام 2024 فقط. كما ناشدت الرقابة الإدارية المواطنين ودعتهم إلى توخي أقصى درجات الحذر عند التعامل مع المواقع الإلكترونية غير الموثقة، مشددة على ضرورة التأكد من مصداقية المواقع والخدمات الرقمية التي تتطلب بيانات شخصية أو مالية، كما أكدت الهيئة أن الهجمات السيبرانية أصبحت أكثر تطورًا، مستهدفة المستخدمين بطرق احتيالية مبتكرة، داعية الجميع إلى الإبلاغ الفوري عن أي أنشطة مشبوهة لحماية أنفسهم ومؤسساتهم من المخاطر السيبرانية، كما شددت الهيئة على أهمية رفع الوعي الإلكتروني بين المواطنين، لاسيما في ظل ازدياد التهديدات الرقمية عالميًا، مؤكدة استمرار جهود الدولة في التصدي للجرائم الإلكترونية بكل حزم لحماية الأمن السيبراني، في الوقت ذاته قررت نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال حبس المتهم بإنشاء منصات إلكترونية دولية لتقديم خدمات الاختراق والتصيد الاحتيالي، التي تستهدف الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة داخل الجمهورية، 15 يومًا على ذمة التحقيقات. اقرأ أيضا: في خدمتك| كيفية معرفة الحسابات المزيفة من الأصلية على الفيس بوك وقائع أخرى في واقعة أخرى تمكنت وزارة الداخلية خلال حملات أمنية استهدفت هؤلاء النصابين، وقد نجحت في الإيقاع بهم وحماية المواطنين منهم، فقد نجحت أجهزة الأمن في ضبط عاطل بالقاهرة لنصبه على بعض المواطنين والاستيلاء منهم على مبالغ مالية في إطار جهود أجهزة وزارة الداخلية لكشف ملابسات ما تبلغ لقسم شرطة السلام ثان بمديرية أمن القاهرة من 8 أشخاص بتضررهم من (عاطل «يحمل جنسية إحدى الدول» له معلومات جنائية، مقيم بدائرة قسم شرطة السلام أول)، لقيامه بالنصب عليهم والاستيلاء منهم على مبالغ مالية عن طريق إيهامهم باستثمار تلك الأموال ببرامج الربح اليومي عبر أحد التطبيقات، وقيامهم بدفع المبلغ المالي عن طريق ذلك التطبيق من خلال محفظة إلكترونية واستلام الأرباح بذات الأسلوب وعقب ذلك تم غلق التطبيق، وتم ضبط المتهم، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة. وفي واقعة أخرى تبلغ للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من 16 مواطنا بقيام مجهولين بالنصب والاحتيال عليهم والاستيلاء على أموالهم بزعم حصولهم على أرباح مالية في مجال الترويج والتسويق الإلكتروني لبعض المنتجات على إحدى المنصات الإلكترونية في مقابل تحويلهم مبالغ مالية لهم على بعض المحافظ الإلكترونية لاشتراكهم في تلك المنصة لكنهم فوجئوا بتجميد المبالغ التي حولوها والتي بلغ إجماليها أكثر من 2 مليون جنيه، بإجراء التحريات وجمع المعلومات توصلت رجال الشرطة أن وراء ارتكاب تلك الوقائع تشكيل عصابي يضم 8 أشخاص من بينهم سيدة «تحمل جنسية إحدى الدول»، وعقب تقنين الإجراءات بالتنسيق مع الجهات الأمنية المعنية وبإعداد عدة كمائن ثابتة ومتحركة تم ضبطهم وبحوزتهم (هواتف محمولة «بفحصهم تبين احتواء بعضهم على محافظ إلكترونية تستخدم فى الإتجار وتداول العملات الرقمية المشفرة، وكذا آثار ودلائل تؤكد قيامهم بإدارة وتشغيل منصات إلكترونية لتحقيق أرباح ببعض أنظمة الدفع الإلكتروني» وعدد كبير من خطوط الهواتف المحمولة «بعضها مفعل عليها محافظ إلكترونية» و2 عقد شراء وحدات سكنية وعقود بيع خطوط هواتف محمولة و 2جهاز «لاب توب» ومبالغ مالية «أجنبية ومحلية» وأقراص مخدرة)، وبمواجهتهم أقروا بقيامهم بالإستيلاء على أموال الضحايا عن طريق تحويل المبالغ المستولى عليها إلى عدة محافظ إلكترونية مفعلة ببيانات وهمية وبعضها مستخدم من خارج البلاد، وتحويل المبالغ لمحافظ إلكترونية أخرى خاصة بهم بالاشتراك مع بعض العناصر الأجنبية بالخارج، بجانب شراء عملات رقمية مشفرة وإعادة إرسالها لهم بالخارج عبر أحد التطبيقات لتحقيق أرباح غير مشروعة. اعتداء على الملكية يقول عبدالله جمال المحامي، إن جريمة النصب من الجرائم التي تمثل الاعتداء على الملكية لأن الجاني يهدف من استعمال الأساليب الاحتيالية إلى الاستيلاء على كل أو بعض مال الغير، وذلك يحمل الضحية على تسليمه ماله بتأثير تلك الأساليب الاحتيالية، فتنص المادة 336 عقوبات على أن يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو احداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال، أو ايهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور، وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه، وأما باتخاذ اسم كاذب أو صفه غير صحيحة، أما من شرع في النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة». كما نصح محمود درويش خبير امن ومعلومات؛ بأنه يمكن مواجهة هذه الجرائم عبر الحذر في تعاملاتهم عبر الإنترنت، فتجنب مشاركة معلوماتهم الشخصية مع أطراف غير موثوقة، استخدام كلمات مرور قوية ومتنوعة، كما ينبغي على الحكومات والمنظمات تعزيز الوعي العام حول هذه المخاطر وتطبيق قوانين صارمة لمعاقبة مرتكبيها، كما يمكن استخدام تقنيات التشفير وأنظمة الأمان المتقدمة من العوامل المهمة لحماية البيانات الشخصية، كما لابد من تدريب الأفراد على كيفية التعرف على الأساليب الاحتيالية وتجنب الوقوع ضحايا لها.