لم يكن شاعرا عاديا فحسب، بل كان حالة نادرة واستثنائية بكل المقاييس.. استطاع من خلال كلماته البسيطة التعبير عن هوية الشعب المصرى من خلال اللغة العامية، خاصة أن هذا الشعب متكلم فصيح _على حد وصفه_ وأن العامية المصرية أكبر من أن تكون لهجة أو لغة، فهي في فلسفته الخاصة أهم إنجاز حضاري للشعب المصري، هو الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم الذى لقب ب"الفاجومى"، وهو وصف أطلقه هو على نفسه، ويعنى الانسان الصريح غير المبالى بردود أفعال الآخرين على انتقاداته لهم. كان للمسرح المصرى نصيبا من تجارب نجم الفريدة، حيث قدم على مدار مشواره الفنى عدد من الأعمال المسرحية التى كانت ومازالت أيقونة من أيقونات المسرح المصرى على رغم من قلتها، إلا أن كلمات أغانيها ترسخت فى قلوب وعقول المصريين، فكانت أهم تجارب نجم المسرحية على الإطلاق ما قدمه من أغنيات في العرض المسرحى "الملك هو الملك" الذى قدم على خشبة المسرح القومى، وقام بالغناء الكينج " محمد منير"، فقد برع نجم في أن يقدم عرضا غنائيا موازيا لنص ونوس الذى يعتبر من أهم الأعمال في تاريخ المسرح العربي، قام بتلحين النص الشعري حمدي رؤوف، بطولة صلاح السعدنى، فايزة كمال، حسين الشربينى، لطفى لبيب، على حسنين ومجدى فكرى، و قدم نجم خلال العرض عدد من الأغانى، منها "على عليوة، شرم برم، طنوش، الله يا دايم، موال الصبر، طفى النور، تك تك"، وحمل العرض بين طياته آراء سياسية واجتماعية مفادها أن الأنظمة لاتتغير بتغيرالشخصيات. وفى عام 1996 قدم العرض المسرحى الاستعراضي "لولى" الذى عرض على مسرح البالون من إخراج مراد منير، وبطولة الفنان محمد الحلو مع كل من فايزة كمال، أحمد ماهر، عائشة الكيلانى، سامى العدل. كما أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب نص مسرحية "عجايب" ولم يرها مطبوعة في كتاب نظرا لنشرها يوم وفاته، وعن المسرحية قالت الهيئة المصرية العامة للكتاب في بيان أن نجم حرص على نشرها قبل وفاته، وأصر على تحويل هذا النص إلى كتاب، ولكن لم يمهله القدر أن يراه، فقد أخرجته لنا مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب في نفس اللحظات التي ودعنا فيها الفاجومي. وقد عرضت مسرحية "عجايب" في منتصف التسعينيات من إخراج محمد فاضل. وعن تجربته الشعرية فى مسرحيتي "الملك هو الملك" و"لولى"، يقول المخرج الكبير مراد منير : "لم تكن علاقتى بنجم تقتصر على المسرح فقط، بل امتدت نحو 20 عاما من الصداقة والإخوة وتكونت بيننا علاقة صداقة خاصة جدا، وجمعنا المسرح فى أعظم مسرحيتين قدما على حشبة المسرح، وهى "الملك هو الملك " و"لولى" التى قيل عنها أنها من أعظم ما قدم فى تاريخ المسرح المصرى وعرضت على مسرح البالون. أما عن عرض "الملك هو الملك" كان أحمد فؤلد نجم فى قبرص حينها يكتب الأغانى الخاصة بالعرض وسافرت له للاطلاع على كتاباته، وبعد ذلك انتقل إلى سوريا بعدها وقمت بزيارته هناك أكثر من مرة بمصاحبة الدكتور هانى عنان. وعن طقوس نجم فى الكتابة، يقول: "كان نجم يسرح كثيرا عندما يبدأ فى الكتابة، أول ما عينية تقفل أعرف انه جاله الإلهام، ومن هنا تبدأ مرحلة الإبداع، كتب فى مسرحية الملك هو الملك ولولى أجمل الأغنيات فى المسرح المصرى". اقرأ أيضا: جاهين ونجم وإبراهيم ناجي.. ثلاثة شعراء بعيون الزوجة والابنة والحفيدة ويضيف منير: "لم يكن نجم مرتزقا كما زعم البعض، فقد كتب كل أغانى مسرحية الملك هو الملك ولم يتقاضى عليها جنيه واحد، ثم كتب مسرحية " لولى " بمشاركة الكاتب محمد الفيل تقاضوا عنها 15 الف جنية وتقاضى هو 7 آلاف ونصف قبل خصم الضرائب، فكان نجم رحمه الله لم يفكر فى أجره على الاطلاق، بينما كان يكتب لأنه يحب ذلك وبتفانى شديد جدا، وكان من ضمن طقوس نجم فى الكتابة أنه عندما يبدأ فى قراءة ما كتبه ويجد أنه لم ينبهر به يقوم بتمزيق الورقة ويعاود الكتابة من جديد، فهو كان يستمد إلهامه من الناس، ولذلك تعتبر أغانى " الملك هو الملك " على وجه التحديد " نقاوة "، فكنت أصرخ من الفرح عند سماع كلمات الأغنية التى كتبها، وإن فعلت عكس ذلك يقوم بكتابتها أكثر من مرة حتى يستقر على النسخة الأخيرة من الأغنية، ولذلك أطلقت عليها أغانى " نقاوة "، فتجربتى مع نجم فى المسرح هى تجربة غنية واستثنائية بكل المقاييس، فهو شاعر فريد له كاريزما خاصة به لم يتكرر مرة أخرى من وجهة نظرى. رحل نجم عن عالمنا لكن سيظل حاضرا باقيا بكلماته وأثره وجزء من هوية الشعر المصري في العصر الحديث، وخاصة شعر العامية المصري، ومتربعا على عرشه بين رواده وقراءه. ورغم سجنه فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، إلا أنه كتب قصيدة رثاه فيها "زيارة لضريح عبد الناصر"، فقال نجم: على الضريح السكة مفروشة تيجان الفل والنرجس والقبة صهوة فرس عليها الخضر بيبرجس والمشربية عرايس بتبكي والبكا مشروع من دا اللي نايم وساكت والسكات مسموع