تعتبر الهوية الوطنية عماد أى مجتمع، إذ تعكس قيمه، وتاريخه، وتراثه، وتساعد فى تشكيل الانتماء الوطنى والروابط الاجتماعية بين أفراده. وفى مصر، تشكل الهوية المصرية جزءًا أساسيًا من ثقافة الشعب وموروثه الحضارى. غير أن هذه الهوية تواجه اليوم تحديات كبيرة، أبرزها تأثير وسائل التواصل الاجتماعى على الشباب، والذى قد يؤدى إلى طمس بعض معالم الهوية الوطنية أو انحرافها عن مسارها الأصلى. تعد وسائل التواصل الاجتماعى اليوم أداة قوية وذات تأثير عميق فى حياة الشباب، حيث أصبحت مصدرًا رئيسيًا للمعلومات والترفيه والتواصل. وعلى الرغم من إيجابياتها فى توسيع الآفاق، فإن استخدامها بشكل مفرط وغير واعٍ يمكن أن يؤثر سلبًا على الهوية الوطنية. فى ظل غياب الضوابط، قد يتعرض الشباب لتأثيرات ثقافات أجنبية مختلفة، مما قد يؤدى إلى تبنيهم لسلوكيات وأنماط حياة لا تتماشى مع القيم المصرية. إضافةً إلى ذلك، فإن انتشار المعلومات السطحية، والأخبار الزائفة، والمحتوى الذى يروج لصورة مثالية للثقافات الأخرى يمكن أن يجعل الشباب ينظرون إلى ثقافتهم نظرة دونية، مما يعزز الشعور بالغربة عن الهوية الوطنية. ومن هنا، تصبح الحاجة ماسة لآليات تحافظ على الهوية المصرية، وتوجه الشباب نحو فهم عميق لهويتهم، بدلًا من الاستسلام لهذه المؤثرات الخارجية. هنا تلعب الدراما دورًا محوريًا فى ترسيخ الهوية الوطنية، نظرًا لقدرتها على الوصول إلى الجماهير بسهولة. حيث تقدم الدراما المصرية فرصة فريدة لعرض القصص الوطنية، والتاريخ، والثقافة المصرية، مما يعزز الوعى بأهمية الانتماء الوطنى. فعندما تعالج الدراما موضوعات تتعلق بالتراث، وقيم المجتمع، والتحديات الوطنية، فإنها تسهم فى تعزيز الشعور بالانتماء لدى الشباب. ويمكن للدراما أن تُقدم الشخصيات المصرية القدوة، وتعرض مواقف تبرز روح التضحية والانتماء للوطن، مما يزرع فى نفوس الشباب الفخر بوطنهم والالتزام بقيمه. علاوة على ذلك، يمكن للدراما أن تُظهر تنوع المجتمع المصرى، من ثقافات وعادات، مما يعزز احترام الآخرين وتقبل التنوع كجزء من الهوية الوطنية المصرية. وتتحمل وسائل الإعلام مسئولية كبيرة فى بناء الوعى الوطنى وترسيخ الهوية، خاصةً فى وقت تتزايد فيه التأثيرات الخارجية من خلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى. ويمكن للإعلام أن يلعب دورًا فعالًا فى تقديم برامج ثقافية وتعليمية تعرف الشباب بتاريخهم وتراثهم، وتشجعهم على التفاعل مع هذا الإرث الغنى. ويمكن أن يتضمن ذلك أيضًا إحياء المناسبات الوطنية والاحتفال بالرموز المصرية التاريخية، مما يعزز الشعور بالفخر والانتماء. بالإضافة إلى تقديم محتوى إبداعى يعرض الثقافة المصرية بطرق حديثة تجذب الشباب، ويقدم نماذج قدوة تعزز القيم الإيجابية، مثل العمل الجماعى، والتسامح، والاحترام. كما يجب على الإعلام الخاص التعاون مع الجهات الحكومية فى إنتاج محتوى يعزز الهوية الوطنية ويواكب تطلعات الشباب. وحفاظًا على هويتنا يجب تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعى وتوجيه الشباب للاستخدام الواعى لوسائل التواصل، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع المحتوى الرقمى، مما يتيح لهم تمييز المعلومات الصحيحة من المغلوطة. والعمل على تعزيز المحتوى الثقافى فى الدراما والإعلام لتشمل الدراما والإعلام محتوى يعبر عن القيم المصرية الأصيلة ويبرزها بأسلوب يجذب الشباب، ويعزز لديهم الانتماء. وابتكار حملات توعوية وطنية تشارك فيها المؤسسات التعليمية والإعلامية تنمى الوعى بالهوية الوطنية، وتعرف الأجيال الشابة بتاريخهم وإنجازات أجدادهم. مع دعم المبادرات الثقافية والتراثية وإقامة فعاليات ومعارض تروج للتراث المصرى، مثل الحرف اليدوية والفنون التقليدية، وتفعيل زيارة المتاحف والمواقع الأثرية لتعريف الشباب بتاريخهم. فى ظل التطور السريع لوسائل التواصل الاجتماعى والانفتاح على العالم، تبرز الحاجة الماسة للحفاظ على الهوية الوطنية المصرية. ويتطلب ذلك تكاتف جهود المجتمع بأسره، بدءًا من الأسرة والمدارس، وصولًا إلى الإعلام والدراما، لضمان أن يظل الشباب المصرى متمسكًا بجذوره ومعتزًا بهويته، ما يعزز وحدة المجتمع المصرى وقوته.