كلمة الرئيس السيسى فى قمة الرياض عكست حجم الغضب المصرى والعربى إزاء الصمت الدولى المخجل على الجرائم الإسرائيلية انضمامنا ل «بريكس» يعزز مساهمتنا فى صياغة الأجندة الاقتصادية الدولية 62 % انخفاضاً فى عائدات قناة السويس خلال النصف الأول من العام نتيجة تردى الأوضاع الأمنية فى باب المندب تنسيق كامل مع مختلف الوزارات لفتح أسواق جديدة وتذليل العقبات أمام المصدرين نعمل مع الدول النامية لاستحداث آليات تمويل مُبتكرة .. وتحويل الديون إلى فرص للتنمية نقدم الدعم للحكومة المركزية فى الصومال لمكافحة الإرهاب والتطرف دور حيوى لسفاراتنا فى الترويج للاقتصاد المصرى والتعريف بإنجازات الدولة أولوية خاصة لتعزيز التعاون مع إفريقيا لخدمة التنمية المستدامة تأثير الأزمات الدولية امتد إلى الاقتصادات الكبرى .. والعالم لا يزال يخشى من الركود تكليف البعثات العربية والإسلامية فى الأممالمتحدة بالتحرك لحشد الدعم الدولى لإدانة إسرائيل القاهرة تبذل جهوداً كبيرة لاحتواء الأزمات بغزةولبنان وليبيا والسودان.. ونُصر على دعم الدولة الوطنية على مدى عقود طويلة ظلت الدبلوماسية المصرية واحدة من أبرز أدوات الدولة لتأمين وحماية المصالح الوطنية، ومد جسور التعاون مع الأشقاء والأصدقاء فى مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن الدور النشط الذى تلعبه الدبلوماسية المصرية النشطة فى مواجهة الأزمات والتحديات التى تموج بها المنطقة والعالم.. واليوم وفى ظل الأنواء العاصفة التى تجتاح المنطقة، تواصل الدبلوماسية المصرية الفاعلة دوراً كبيراً فى ترسيخ ثوابت السياسة الخارجية المصرية وفق الرؤية التى أرساها الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال سنوات حكمه على مدى العقد الماضى، والتى تعتمد على تحقيق التوازن فى علاقات مصر مع إقليمها ومع العالم، وتأكيد مكانتنا كدولة صانعة للسلام، فضلاً عن استثمار علاقات مصر الودية مع مختلف القوى العالمية وحضورها الفاعل فى المؤسسات والمحافل الدولية من أجل خدمة الأهداف والمصالح العليا للدولة بما يعود بالنفع على الشعب المصرى وشعوب المنطقة. ويكتسب الحوار مع الدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية أهمية خاصة فى هذا التوقيت، ليس فقط بالنظر لما يحمله من أعباء ومسئوليات بحكم منصبه، ولصعوبة اللحظة الراهنة التى تعيشها منطقتنا والعالم، الأمر الذى يتطلب دبلوماسية نشطة تبرز فيها جهود الدبلوماسية المصرية العريقة، ولكن لأن عبد العاطى دبلوماسى مخضرم خاض العديد من التجارب على مدى مساره المهنى الثرى، أكسبته رؤية شاملة وعميقة لما تواجهه الساحة الإقليمية والدولية من تحديات. وتضفى اللحظة الراهنة على الحوار مع وزير الخارجية، أهمية مُضاعفة، فالجهود الدبلوماسية الجارية من أجل وقف الحرب ومنع التصعيد الإقليمى لا تزال متواصلة، لكن ما يجرى من حولنا لا يدفع الدبلوماسية المصرية إلى التركيز على بعدٍ واحد فقط، فهى تتحرك فى كل اتجاه من أجل خدمة القضايا الوطنية، ولعل «الدبلوماسية الاقتصادية والتنموية» تمثل واحدة من القضايا التى توليها وزارة الخارجية أهمية خاصة فى المرحلة الراهنة، لمواكبة المشروع الوطنى الطموح الذى يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسى لبناء قدرات الدولة الشاملة، وتحظى فيه القضايا الاقتصادية وتعزيز الشراكات التنموية مع مختلف الفاعلين الدوليين، وتعزيز الحضور المصرى فى التجمعات الدولية بأولوية قصوى على أجندة الدولة والحكومة. ورغم جدول أعمال وزير الخارجية المزدحم دائماً باللقاءات والاجتماعات، إلا أنه - مشكوراً - قدم من وقته ما يكفى للإجابة عن أسئلة «الأخبار» مبدياً تقديره للصحافة المصرية والإعلام الوطنى الذى يمثل رصيداً كبيراً لقوة مصر الناعمة، كما شدد على حرصه الدائم والمستمر على التواصل مع وسائل الإعلام لتوضيح ثوابت السياسة الخارجية المصرية والتحركات الدبلوماسية النشطة فى مختلف الاتجاهات لتحقيق مصالح مصر وشعبها. وإلى تفاصيل الحوار .. اقرأ أيضًا| القمة العربية الإسلامية| دبلوماسيون: وحدة الموقف الرافض لأفعال إسرائيل لتكن بداية حوارنا سيادة الوزير من القمة العربية الإسلامية الطارئة التى استضافتها الرياض يوم الاثنين الماضى، وشارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وكانت له كلمة قوية عكست المواقف المصرية الراسخة إزاء تطورات الموقف فى المنطقة، كيف تقيمون مجريات القمة التى جاءت فى توقيت بالغ الدقة؟ القمة بالفعل جاءت فى ظل ظروفٍ بالغة التعقيد. وكان حرص الرئيس السيسى على المشاركة فى القمة أسوة بما تم فى القمة السابقة العام الماضى، وحرص الرئيس على المشاركة والكلمة الكاشفة التى ألقاها تعكس بوضوح حجم الغضب فى الشارع المصرى والعربى إزاء ما يجرى فى المنطقة، ومن الصمت الدولى المخجل على ما يجرى من ممارساتٍ وانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء فى غزة والضفة الغربيةولبنان، وكانت كلمة الرئيس السيسى شاملة لكل الأبعاد التى تعكسها الأزمة المحتدمة فى المنطقة، كما عكست القمة الموقف المصرى الحازم والقاطع فى مواجهة أى مخططات لتصفية القضية الفلسطينية، والتزام مصر الكامل بتقديم جميع أوجه الدعم السياسى والاقتصادى والإنسانى للشعب الفلسطينى. وأيضاً حديث الرئيس عن التزام مصر بثوابتها المتعلقة بإنهاء الاحتلال وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، وإدانة كل أعمال القتل والعدوان المُمنهج، كما عكست كلمة الرئيس المبادئ التى تحكم الموقف المصرى إزاء رفض العدوان على لبنان الشقيق، وتضامن مصر الكامل مع الأشقاء اللبنانيين حكومة وشعباً، وتقديم كل الدعم الممكن من مساعداتٍ فى إطار الجسر الجوى الذى بدأته مصر منذ انفجار مرفأ بيروت، وهذا الجسر سيستمر مادامت هناك حاجة لذلك، وعكس اللقاء الذى أجراه الرئيس السيسى مع رئيس الوزراء اللبنانى نجيب ميقاتى على هامش القمة تقدير لبنان للمواقف والدعم المصرى المتواصل فى مواجهة المأزق الذى يمر به البلد الشقيق، ولم يكتفِ الرئيس السيسى فى كلمته بتأكيد الدعم المصرى للبنان فى مواجهة العدوان الإسرائيلى، لكنه أكد كذلك دعم الشعب اللبنانى فيما يتعلق بقضية الشغور الرئاسى .. وأن يكون ذلك ضمن ملكية وطنية لبنانية، وأهمية العمل على تنفيذ القرار رقم 1701 لتمكين مؤسسات الدولة اللبنانية وعلى رأسها: الجيش الوطنى اللبنانى، وبالتأكيد القمة كانت بالغة الأهمية والمواقف المصرية فيها شديدة الوضوح والشمول بما يعكس الموقف المصرى والعربى والإسلامى الثابت والراسخ من العديد من القضايا فى المنطقة. من البنود اللافتة فى البيان الختامى للقمة العربية الإسلامية الحديث عن حشد الجهود لتجميد عضوية إسرائيل فى الأممالمتحدة، هل يمكن أن نشهد فى الفترة المقبلة تحركات عربية إسلامية منسقة للعمل على تحقيق هذا المسعى، وما دور مصر فى هذا الصدد بما تمتلكه من حضور فاعل فى المؤسسات والمحافل الدولية؟ البيان الختامى هو وثيقة صادرة عن القمة، وبها تكليف واضح من خلال الأمانة العامة فى جامعة الدول العربية وفى منظمة التعاون الإسلامى لجميع البعثات الخاصة بتلك الدول فى نيويورك للعمل بشكل جماعى وبتنسيق مشترك لتنفيذ مقررات القمة، خاصة فيما يتعلق بالبند الذى أشرت إليه .. والذى يتضمن إدانة الجرائم الإسرائيلية، وحشد الدعم الدولى لمساندة المؤسسات الأممية وفى مقدمتها: منظمة الأونروا التى أشار البيان الختامى للقمة إلى أنها لا يمكن استبدالها، وهناك تكليف واضح لكل البعثات العربية والإسلامية وبالتأكيد منها البعثة المصرية لضمان حشد الدعم الدولى للعمل على تنفيذ مقررات القمة، وبخاصة ما يتعلق بحظر تصدير السلاح لإسرائيل، ونفاذ المساعدات إلى قطاع غزة وفتح المعابر بين إسرائيل بوصفها الدولة القائمة بالاحتلال وبين غزة بوصفها المنطقة الخاضعة لذلك الاحتلال، وينسحب الأمر كذلك إلى ما تضمنه البيان الختامى بشأن الملف اللبنانى وتكثيف الضغوط من أجل وقف هذا العدوان. الاتزان الاستراتيجى التوازن الاستراتيجى من السمات المميزة للسياسة الخارجية المصرية .. كيف تحقق مصر ذلك فى حقبة عالمية تتسم بالاستقطاب الحاد.. وكيف توظف تلك العلاقات لصالح المواطن المصرى؟ تلتزم مصر بسياسة خارجية ترتكز على ثوابت رئيسية، والتى تشمل: الاتزان الاستراتيجى، وعدم الانضمام إلى تحالفاتٍ إقليمية أو دولية، والبُعد عن الاستقطاب، فضلًا عن احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وتطوير العلاقات الثنائية مع مختلف الدول على أساس الاحترام المُتبادل والتعاون البناء والمصالح المشتركة، إلى جانب التمسك بمبادئ القانون الدولى، وتعزيز العلاقات التى تساهم فى تحقيق الأهداف والمصالح الاستراتيجية المصرية. ولذا تنطلق مصر فى تحركاتها اعتمادًا على تلك الثوابت لتطوير سياستها الخارجية، وتعزيز دورها فى الدوائر العربية والإفريقية والدولية، بالإضافة إلى تعزيز مشاركتها فى المنظمات الإقليمية والدولية، إذ يُعزز الوجود المصرى الفعال فى هذه التجمعات من موقف مصر على الساحتين الإقليمية والعالمية. وتقوم الاستراتيجية المصرية فى علاقاتها مع كافة الدول على مجموعة من المصالح التى تستهدف تحقيقها، وعلى رأسها: تعظيم المكانة والقوة السياسية على المستويين الإقليمى والدولى، وكذلك تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال الاهتمام بالبعد الاقتصادى والتجارى فى العلاقات مع الدول الأخرى. ولذا فإن التحركات الخارجية المصرية فى بعديها السياسى والاقتصادى تضع نصب عينيها الحفاظ على استقلال القرار الوطنى المصرى للحفاظ على الأمن القومى للدولة ومواطنيها من جهة، ومن جهة أخرى فإن تعزيز المكانة الاقتصادية لمصر والارتقاء بالعلاقات الاستثمارية والتجارية مع مختلف الدول يظل هدفًا رئيسيًا للتنمية، وبما ينعكس بشكل مباشر على مصلحة المواطنين المصريين. أثبتت الدبلوماسية المصرية فاعليتها واحترافيتها خلال الأزمات المتلاحقة التى تعصف بالمنطقة.. كيف تقيمون سيادتكم ما حققته الدبلوماسية المصرية من نجاحات خلال الآونة الأخيرة لخدمة المصالح الوطنية العليا وجهود استعادة الاستقرار الإقليمى؟ كثفت مصر من جهودها الدءوبة واتصالاتها المستمرة للمساهمة فى التصدى للأزمات الإقليمية، وعلى رأسها: لعب دور رئيسى فى مفاوضات وقف إطلاق النار الخاصة بالعدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، ومعالجة المأساة الإنسانية التى يتعرض لها إخواننا الفلسطينيون فى كارثة غير مسبوقة من خلال مساهمة مصر بنسبة كبيرة من المساعدات الإنسانية التى تم توجيهها للقطاع، إلى جانب الجهود المصرية فى إطار اللجنة الخماسية للمساهمة فى حل مشكلة الفراغ الرئاسى فى لبنان. كما أن الجهود الدبلوماسية المصرية حول الأزمة الليبية تظل إحدى الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى فى ليبيا بملكية ليبية خالصة، ومن خلال دعم المؤسسات الوطنية الليبية ورفض أية مظاهر تمس السيادة الوطنية على كافة أراضى ليبيا. ولم تغب القاهرة أبدًا عن لعب دور مركزى لحلحلة الأزمة السورية، وذلك من خلال استمرار التنسيق مع أعضاء لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا وكذلك مختلف الأطراف الفاعلة للتوصل إلى حلولٍ ناجعة للأزمة هناك. وفيما يتعلق بالأوضاع فى السودان، فإن مصر استضافت مؤتمر القوى السياسية والمدنية فى يوليو 2024 ومؤتمر قمة دول جوار السودان فى يوليو 2023، فضلًا عن استقبال عدد كبير من المواطنين السودانيين على المستوى الإنسانى. وفيما يتعلق بالأوضاع فى الصومال، فإن القاهرة تتمسك بنهج يقوم على دعم الدولة الوطنية وضمان سيادتها على كافة أراضيها، ولذا تقوم بتقديم دعم للحكومة المركزية لمكافحة الإرهاب والتطرف. ولهذا فإن سياسة الاتزان الاستراتيجى تُمكن مصر من لعب دور مهم وأساسى على صعيد مختلف الأزمات المحدقة بالمنطقة، وذلك فى إطار سعيها لتحقيق الاستقرار فى كافة أرجاء الإقليم. التعاون مع تجمع «بريكس» ما تقييمكم لقمة تجمع دول «البريكس» الأخيرة التى عُقدت بمدينة «كازان الروسية» بمشاركة مصر لأول مرة كعضو كامل فى التجمع؟ وما رؤيتكم للتعاون فى إطار تجمع دول «البريكس» خلال المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادى؟ تحرص مصر على تنويع علاقاتها التجارية والاقتصادية، وفى هذا الإطار انضمت مصر بداية من العام الجارى إلى تجمع «البريكس» وهو أهم محفل اقتصادى يجمع فى عضويته أكبر دول الجنوب العالمى الصاعدة بما يوفر لمصر فرصاً مهمة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول التجمع والمساهمة فى صياغة الأجندة الاقتصادية الدولية. وشهدت قمة «كازان» يوم 23 أكتوبر مشاركة رئيس الجمهورية لأول مرة على ضوء العضوية الكاملة لمصر فى تجمع دول «البريكس»، حيث اعتمدت القمة «إعلان كازان»، والذى ركز على أهمية العمل على تعزيز النظام المتعدد الأطراف ، بحيث يتسم بالعدالة فى مختلف المجالات الدولية والاقتصادية، وضرورة إصلاح الهيكل المالى العالمى، وحشد الجهود المشتركة لتحقيق التنمية الشاملة. كما تطرق الإعلان إلى التعاون بين دول التجمع من أجل تحقيق الأمن والاستقرار العالمى والإقليمى، حيث تم الإشارة إلى مختلف التطورات السياسية الدولية، والإقليمية، والأزمات الراهنة، وعلى رأسها : العدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية واللبنانية، وأهمية ضمان حرية الملاحة فى البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وأكد «إعلان كازان» أيضاً على أهمية تعزيز التعاون فى مختلف الموضوعات الاقتصادية والمالية، وفى مقدمتها: تعزيز عمل آلية التعاون البنكية بالتجمع. ويمثل التعاون فى المجالات الاقتصادية أولوية بالنسبة لمصر خلال المرحلة المقبلة، وأود الإشارة إلى أننا حريصون على التوسع فى توفير التمويل بالعملات المحلية، خاصة من قبل بنك التنمية الجديد NDB ، كما نتطلع لإحداث تقدم فى «تسوية المعاملات المالية والتجارية» بين أعضاء التجمع وشركائهم فى التجارة بالعملات المحلية. وسنعمل خلال الأشهر المقبلة على تعزيز أطر التعاون بما يسهم فى تعزيز الجهود الوطنية لتحقيق التنمية الشاملة وتضطلع وزارة الخارجية من خلال الممثل الشخصى لرئيس الجمهورية فى «البريكس» بدور المنسق بين كافة الجهات الوطنية للمشاركة فى الاجتماعات الخاصة بالتكتل. وتمثل عضوية مصر بالتجمع فرصة كبيرة لتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر ودول التجمع فى مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، ونتطلع إلى أن ينعكس ذلك فى صورة مشروعات إنتاجية ملموسة والاستفادة من التقدم التكنولوجى لدى العديد من دول التجمع. تولت مصر رئاسة منظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى D8 هذا العام، والتى تمتد حتى نهاية عام 2025. ما رؤيتكم للرئاسة المصرية للمنظمة وما الأهداف المرجوة وسبل تعظيم استفادة مصر من رئاستها للمنظمة خلال الفترة القادمة؟ تولى مصر اهتماماً كبيراً بمنظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى، حيث تضم المنظمة ثمانيا من أهم وأكبر الدول الإسلامية ذات الثقل الاستراتيجى والاقتصادى، وهى: تركيا وماليزيا وإندونيسيا وبنجلاديش وإيران ونيجيريا وباكستان إلى جانب مصر. وتمنح منظمة ال D8 فرصاً ملموسة للتعاون بين أعضائها فى كافة المجالات الاقتصادية، كما تفتح أيضاً المجال للتأثير على صنع القرارات السياسية والاقتصادية الدولية من خلال التنسيق الدائم والمستمر بين الدول الأعضاء. وكانت مصر أول دولة صدقت على ميثاق التعاون الاقتصادى للمنظمة فى نوفمبر 2013، وتحرص، فى هذا الإطار، على المساهمة البناءة فى تعزيز التجارة البينية والتعاون الاقتصادى مع الدول الأعضاء. وفى إطار رئاسة مصر لل D8 ، ستستضيف الاجتماع الحادى عشر للمنظمة بالقاهرة فى شهر ديسمبر القادم، تحت عنوان «الاستثمار فى الشباب، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: تشكيل اقتصاد الغد» حيث ستجرى مناقشة سبل تفعيل الدور الاقتصادى والمجتمعى للشباب، وذلك إيماناً منا بأن الاستثمار فى الشباب هو الاستثمار فى مستقبل أوطاننا، ولكونهم المحرك الرئيسى والطاقة الدافعة نحو التنمية الشاملة والمستدامة. وتجدر الإشارة إلى أنه من بين المجالات المهمة التى سيتم التركيز عليها خلال الفترة القادمة هي: التعاون فى المجال الصحى، حيث سيتم الإعلان عن المبادرة المصرية لعقد اجتماعات وزارية دورية تسهم فى تعزيز التعاون المشترك فى هذا المجال، وستقوم مصر باستضافة أول اجتماع لوزراء الصحة فى إطار المنظمة خلال عام 2025، للتباحث حول سبل التعاون والتنسيق فى المجالات الصحية الوقائية والعلاجية والتأهيلية، وتبادل الخبرات وفتح قنوات الالتقاء فى هذا القطاع المهم . كما تهتم الرئاسة المصرية بالتعاون فى المجال السياحى بين الدول الأعضاء، وستتقدم مصر، فى هذا الإطار، بترشيح مدينة أسوان للحصول على جائزة المدينة السياحية للمنظمة لعام 2026، علماً بأنه سيتم عقد الاجتماع الرابع لوزراء سياحة الدول أعضاء المنظمة فى مصر بنفس المدينة (أسوان) خلال الربع الأول من 2025 للتباحث حول سبل زيادة الحركة السياحية البينية وتبادل الخبرات فى مجال السياحى. وستعمل الرئاسة المصرية أيضاً على تعزيز التجارة بين الدول الأعضاء بالمنظمة عبر استضافة اجتماع اتحادات الغرف التجارية للدول الأعضاء، على هامش أعمال القمة فى ديسمبر القادم، بالإضافة إلى استضافة الاجتماع الرابع لمجلس وزراء التجارة بالدول الأعضاء خلال عام 2025. وأود الإشارة فى هذا الخصوص إلى أنه سيتم، قريباً، الإعلان عن انضمام مصر لاتفاقية التجارة التفضيلية الخاصة بالمنظمة، وذلك حرصاً منا على دعم التجارة البينية بين الدول الأعضاء وتعزيز النشاط الاقتصادى والاستثمارى بينها من خلال خفض الحواجز التجارية وتعزيز المنافع المُتبادلة. وأخيراً، يجدر تسليط الضوء على أن مصر ستسعى أيضاً خلال رئاستها للمنظمة إلى إطلاق شبكة للتعاون بين معاهد التدريب الدبلوماسى، وشبكة أخرى لمراكز الأبحاث الاقتصادية بين الدول الأعضاء، فضلاً عن متابعة جهود المنظمة فى إنشاء مركز للشركات الصغيرة والمتوسطة، وصندوق لتمويل المشروعات وفقاً لمعايير الاستدامة، بالإضافة إلى السعى لتفعيل مبادرة إنشاء بنك للبذور فى إطار تعزيز جهود تنمية الزراعة المستدامة لتحقيق الأمن الغذائى بالدول الأعضاء. جهود التنمية الاقتصادية على ضوء كل ما ذكرته سيادتكم من جهود مصرية على الساحة الدولية، أتطلع للتعرف على الدور الذى تقوم به وزارة الخارجية فى دعم جهود التنمية الاقتصادية فى مصر؟ أشكرك على هذا السؤال حيث لا يعرف الكثير عن الدور الذى تقوم به وزارة الخارجية على المستويين الاقتصادى والتجارى، ودورها فى دعم جهود التنمية الوطنية من ناحية وتعزيز العلاقات مع الدول والتكتلات الاقتصادية من ناحية أخرى. فتبذل الحكومة المصرية جهوداً مستمرة من أجل توطين الصناعات فى مصر وخفض الواردات وزيادة الصادرات، وتحسين وتطوير البيئة التشريعية والضريبية لأداء الأعمال وتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصرية، وتذليل كافة المعوقات أمام الاستثمار، إلى جانب الجهود اليومية لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على حياة المواطن المصرى. وتضطلع السفارات المصرية فى الخارج بدور مهم فيما يتعلق بالترويج للاقتصاد المصرى والتعريف بالجهود والإنجازات التى تقوم بها الحكومة المصرية لتنفيذ برنامجها الطموح للإصلاح الاقتصادى ومواجهة التحديات الاقتصادية الناتجة عن الظروف التى يمر بها الاقتصاد العالمى. كما تعمل سفاراتنا فى الخارج بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المصرية المعنية على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصرية، ودعم والإعداد للزيارات الترويجية الخارجية التى يقوم بها المسئولون فى مختلف جهات الدولة من أجل الترويج للاستثمار فى السوق المصرية، كما تعمل سفاراتنا فى الخارج بالتنسيق مع المكاتب التجارية على فتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية وتذليل العقبات التى تواجه المصدرين المصريين. وإيماناً منى بأهمية هذا الدور لخدمة المصالح المصرية .. ولتنشيط وتعزيز هذا الدور فقد قمت منذ اليوم الأول الذى شرفت فيه بتولى منصب وزير الخارجية بتوجيه كافة بعثاتنا الدبلوماسية فى الخارج بأن تُولى سفاراتنا فى الخارج أولوية قصوى لمسألة جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات المصرية والترويج للإنجازات والإصلاحات الاقتصادية التى تقوم بها مصر، وأقوم بمتابعة هذا الأمر بشكل دائم، كما أحرص على لقاء مجتمع الأعمال فى جولاتى الخارجية وقمت بفتح باب التواصل المباشر بين الوزارة ومجتمع الأعمال المصرى. وللحفاظ على المصالح الاقتصادية المصرية، تعمل وزارة الخارجية بشكلٍ استباقى من خلال الدفع برؤية مصر والدول النامية، لاسيما إفريقياً، فيما يتعلق بتشكيل السياسات الاقتصادية العالمية، من خلال الدور الفاعل الذى تقوم به البعثات المصرية فى الأممالمتحدة والوكالات الدولية المتخصصة وكذلك اتصالاً بعمل سياسات مؤسسات التمويل الدولية. وتتابع البعثات المصرية المناقشات والتوجهات الاقتصادية فى مختلف الدول والتكتلات الاقتصادية وتقوم بدراسة تأثير هذه السياسات والتوجهات على المصالح الاقتصادية المصرية، ونقل ذلك إلى القيادة والحكومة المصرية من أجل العمل بشكل مشترك لصياغة مواقف مصرية تحافظ على المصالح المصرية. ولتعزيز العلاقات الاقتصادية، تعمل وزارة الخارجية وكافة جهات الدولة على تعميق العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول الجوار ومختلف المناطق الجغرافية فى العالم، من أجل توفير علاقات سياسية واقتصادية مثمرة وبناءة مع دول العالم بما يُشجع على جذب الاستثمارات لمصر وزيادة الصادرات المصرية. ومن الأمثلة على ذلك التعاون الكبير بين مصر والاتحاد الأوروبى والذى نتج عنه عقد مؤتمر الاستثمار «مصر والاتحاد الأوروبى» والذى عُقد فى نهاية يونيو 2024 وتم خلاله التوقيع على حزمة من الاتفاقات التمويلية والاستثمارية المهمة التى تعود بالنفع على مصر. وكما ذكرت سابقاً، فإن مواجهة التداعيات التى يواجهها الاقتصاد الدولى تبدأ من العمل على وقف التوترات السياسية، وهو ما تنشط فيه السياسة الخارجية لمصر حيث تبذل مصر، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، جهوداً حثيثة من أجل خفض التوتر فى منطقة الشرق الأوسط والتوصل إلى وقف للأعمال العدائية ولإنهاء الأوضاع اللا إنسانية التى يتعرض لها أشقاؤنا فى الأراضى الفلسطينية وفى لبنان، كما تبذل مصر كافة الجهود الممكنة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار فى السودان وحث الأطراف السودانية على التفاوض من أجل إنهاء الأزمة ورفع المعاناة عن الشعب السودانى الشقيق. كما تدعو مصر فى كافة المحافل الدولية إلى ضرورة إنهاء الأزمة الأوكرانية بالطرق السلمية والتفاوض المباشر بين الطرفين وإنهاء حالة الاستقطاب الدولى المتصاعدة. تعزيز أمن الطاقة والنقل تمتلك مصر خبرة طويلة فى مجال الطاقة بأنواعها وهو ما يؤهلها لتكون مركزاً إقليمياً للطاقة، فما دور وزارة الخارجية فى تعزيز استثمارات مصر فى مجال أمن الطاقة والنقل؟ تلعب وزارة الخارجية دوراً حيوياً فى تكامل الجهود الوطنية والدولية لدفع عجلة التقدم فى مجالات الطاقة والنقل، بما يضمن مستقبلًا أكثر استدامة وازدهارًا لمصر من خلال بناء شراكاتٍ استراتيجية مع دول أخرى ومنظمات دولية، مع التركيز على تعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافى الفريد لمصر، وبما يتسق مع توجه الدولة من خلال برنامج الحكومة لتنويع مزيج الطاقة من خلال مجموعة من السياسات التى تحقق الاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية من الطاقة التقليدية بالإضافة إلى الطاقات المتجددة والنظيفة. ففى هذا الإطار، تواصل مصر جهودها نحو التحول للطاقة النظيفة، وتلتزم وزارة الخارجية بتعزيز الاستثمارات الخارجية فى مجال الطاقة المتجددة، ولا سيما الهيدروجين الأخضر، الذى نرى فيه فرصة حقيقية لتحقيق استقلالية فى مجال الطاقة وتنويع مصادرها، واستعراض الحوافز المالية والتسهيلات الإدارية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى هذا المجال ، حيث تتعاون مصر مع شركات عالمية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين. كذلك، تعمل الوزارة على تفعيل مشروعات الربط الكهربائى مع دول الجوار، لتعزيز التكامل الإقليمى والدولى، وتشمل هذه المشروعات: الربط الثلاثى بين مصر وقبرص واليونان، والربط الكهربائى مع السعودية والأردن، بما يعكس التزام مصر بتطوير التعاون مع الدول الصديقة بما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادى. تلعب مصر أيضًا دورًا محوريًا فى تعزيز التعاون الإفريقى فى مجال الطاقة، حيث تسعى إلى مشاركة خبراتها الواسعة مع الدول الشقيقة، وتشمل هذه المشروعات: إنشاء محطات توليد الطاقة المتجددة، ونقل التكنولوجيا، وتدريب الكوادر، كما هو الحال فى العديد من دول حوض النيل، بما يسهم فى تطوير الشبكات الكهربائية الإقليمية وتسهيل تبادل الطاقة بين الدول الإفريقية الشقيقة. إلى جانب ذلك، يشهد قطاع النقل المستدام تطوراتٍ كبيرة، وتضطلع وزارة الخارجية بدور فى تعزيز هذه التطورات، خاصة فيما يتعلق بقناة السويس والمنطقة الاقتصادية المرتبطة بها، حيث نعمل على تعزيز التعاون الدولى والإقليمى لضمان سلامة الملاحة فى القناة أولًا وأخيرًا، وتسويقها كشريان حيوى للتجارة العالمية مع جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة الاقتصادية، وتسهيل الإجراءات للشركات الراغبة فى العمل بها. تعزيز العمل الإفريقى لمصر ثقل سياسى إقليمى ودولى كبير، كما أن دورها دائماً ما يتعدى مصالحها المباشرة ليمتد لدعم مواقف الدول النامية لاسيما عمق مصر الإفريقى، وهنا أتطلع للتعرف على الدور الذى تضطلع به الدبلوماسية المصرية على الصعيد الدولى من أجل التصدى لهذه التحديات وتعزيز تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ بالتأكيد، إن ثقل مصر السياسى على المستويين الإقليمى والدولى، وعضويتنا فى عدد كبير من التجمعات والمحافل الاقتصادية الإقليمية والدولية، ومن أهمها: منظمة التجارة العالمية، ولجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لإفريقيا، ومجموعة ال77، و»الانكتاد»، فضلاً عن «البريكس»، يُمكننا بل ويضع على عاتقنا مسئولية الدفع ليس فقط بمصالحنا الوطنية بل أيضاً مصالح الدول النامية، خاصة الدول الإفريقية. وفى هذا الإطار، أود أن أسلط الضوء على الدور الذى تضطلع به وزارة الخارجية - من خلال الممثل الشخصى لرئيس الجمهورية فى مجموعة العشرين - فى التنسيق الوطنى بين مختلف الوزارات والجهات المعنية بهدف تعزيز المشاركة المصرية فى اجتماعات المجموعة التى نشارك فيها كضيف للعام الثانى على التوالى، حيث تمت دعوتنا من جانب الرئاسة الهندية خلال العام الماضى 2023، ومن جانب الرئاسة البرازيلية خلال العام الحالى، اللتين تنتميان إلى الجنوب العالمى، بما يعكس التقدير الدولى لثقل مصر ودورها على الصعيدين الإقليمى والدولى. ومن الأهمية الإشارة هنا الى محورية المشاركة المصرية فى اجتماعات مجموعة العشرين، والتى تقاطعت أولويات المجموعة تحت رئاستهما إلى حدٍ كبير مع أولوياتنا الوطنية وأولويات الدول النامية بشكل عام، حيث ترتكز الرؤية المصرية التى يتم الدفع بها خلال مشاركتنا فى اجتماعات المجموعة، وغيرها من المحافل الاقتصادية الدولية، بشكل أساسى على أولوية إصلاح الهيكل المالى العالمى، وذلك من خلال استحداث آليات تمويل مُبتكرة وفعّالة الى جانب تعظيم الاستفادة من الآليات القائمة مثل: حقوق السحب الخاصة، فضلاً عن أهمية تطوير سياسات وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف لتعظيم قدرتها على الإقراض طبقاً لأولويات الدول النامية. كما يتعين تخفيف أعباء الديون على الدول النامية منخفضة ومتوسطة الدخل، خاصة أن الأخيرة يسكنها حوالى ثلثى فقراء العالم، وذلك من خلال استحداث آليات شاملة ومستدامة لإدارة ديون هذه الدول، بالإضافة الى أهمية التوسع فى مبادلة الديون من أجل الطبيعة لتحويل تحديات الديون إلى فرص لتحقيق التنمية. وفى ضوء أن التجارة تمثل ركيزة النمو الاقتصادى وتساهم بشكل كبير فى تحقيق التنمية المستدامة، يتم التأكيد على أولوية إصلاح منظمة التجارة العالمية لتعزيز دورها فى مواجهة التحديات الدولية الراهنة، وترسيخ محوريتها فى حماية النظام التجارى متعدد الأطراف القائم على القواعد. وفى هذا الإطار، نعمل بالتنسيق مع الدول النامية الأخرى على التصدى للتدابير التجارية أحادية الجانب التى يدفع بها عدد من الدول المتقدمة، بذريعة الحفاظ على البيئة ودفع أجندة العمل المناخى الدولية، بما لا يتماشى مع قواعد عمل المنظمة، ويعيق نفاذ صادرات الدول النامية إلى الأسواق الخارجية. ومما لا شك فيه أن التنمية المستدامة لا تتحقق دون مكافحة الفقر بكافة أشكاله وأبعاده والقضاء على الجوع، ولذا فإننا نؤكد دوماً على أهمية مواجهة تحديات الأمن الغذائى المتنامية، خاصةً فى الدول النامية المستوردة الصافية للغذاء ومنها العديد من الدول الإفريقية، وجذب الاستثمارات لتطوير قطاع الزراعة بها وتوطين التكنولوجيا وبناء القدرات وتحسين البنية التحتية. وفى هذا السياق، تثمّن مصر مبادرة الرئاسة البرازيلية لمجموعة العشرين الخاصة بتدشين «التحالف العالمى للقضاء على الجوع والفقر». وبالرغم من أن التحديات الراهنة ليست هينة، إلا أن مصر تؤمن أنه إذا ما توافرت الإرادة السياسية اللازمة، فإن الفرصة ما زالت سانحة لاستكمال الجهود الدولية فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وبناء على ذلك، وإعمالاً لمبدأ الحق فى التنمية، لم تدخر مصر جهداً فى تنفيذ أجندتها التنموية على المستوى الوطنى، فضلاً عن حرصها على تعزيز التعاون جنوب -جنوب، وسعيها نحو تكثيف العمل المشترك فى مختلف المحافل الاقتصادية الإقليمية والدولية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. شهدت بدايات العقد الثالث من الألفية مرور العالم بجملة من التحديات المتتالية كان لها تداعيات على أداء الاقتصاد العالمى والأداء الاقتصادى للعديد من الدول ومن ضمنها: مصر، فما رؤيتكم لهذه التحديات وتداعياتها؟ أتفق تماماً مع ما طرحته، فمما لا شك فيه أن عملية الاعتماد المُتبادل وتكامل سلاسل الإمداد ربطت بين المصالح الاقتصادية للمناطق الجغرافية المختلفة بشكل أصبح معه أى توتر أو عدم استقرار سياسى فى إحدى مناطق العالم يؤثر على الأوضاع الاقتصادية فى مناطق أخرى. وبالفعل استقبل الاقتصاد الدولى عشرينيات هذا القرن بجائحة كورونا والتى أدت إلى توقف عمليات الإنتاج وعرقلت سلاسل الإمداد وبالتالى سلاسل القيمة المضافة على المستوى العالمى، ولم تكن مصر بعيدة عن هذه التداعيات، حيث أثرت جائحة كورونا على جهود التنمية والإصلاح الاقتصادى التى بدأتها مصر عام 2016 عندما قامت بتنفيذ برنامجها مع صندوق النقد الدولى، وهو البرنامج الذى كانت له نتائج إيجابية للغاية أشادت بها كافة المؤسسات الاقتصادية الدولية، إلى الحد الذى وصل معه معدل النمو الاقتصادى لمصر عام 2022 إلى 6.7%. فى أعقاب ذلك برزت توترات جيوسياسية مُعقدة فى شرق أوروبا أدت إلى حالة استقطاب دولى كان، ولا يزال، لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمى. وبالطبع هنالك آثار سلبية لتلك التوترات السياسية ومن أهمها: آثار اقتصادية امتدت إلى أسواق الطاقة، وأثرت على سلاسل إمداد العديد من السلع الاستراتيجية الأخرى، وأدت الى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل ملحوظ. كما تصاعدت حدة أزمة الغذاء العالمية نتيجة استمرار تفاقم الصراعات الجيوسياسية، وقد تجلى ذلك بوضوح فى الأزمة الأوكرانية، والتى أدت إلى ارتباك كبير فى إمدادات القمح وغيره من المنتجات الزراعية. وتلك التذبذبات الكبيرة فى أسواق الطاقة والسلع الغذائية أثرت ليس فقط على مصر ولكن على الاقتصادات الكبرى، وخلفت موجاتٍ كبيرة من التضخم، بالإضافة إلى تباطؤ شديد فى معدلات نمو الاقتصاد العالمى، بل والتخوف من الدخول فى حالة ركود اقتصادى، وهى تخوفات لا تزال قائمة وإن قلت حدتها. كما اتبعت الدول الاقتصادية الكبرى سياسات نقدية تقييدية لمواجهة التضخم، وقامت برفع أسعار الفائدة بشكل غير مسبوق، هذا بالإضافة الى ما تتسبب فيه تلك التوترات السياسية من حالة عامة من القلق والترقب لدى المستثمرين تعوق اتخاذهم قرار الاستثمار، وهو الأمر الذى شهدته بالفعل بعض الدول النامية، ومن بينها: مصر. وفى أكتوبر 2023، ومع بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، واتساعه ليشمل الأراضى اللبنانية، يُضاف إلى ما سبق بُعد أكثر تعقيداً للأوضاع الاقتصادية العالمية من خلال تهديد الاستقرار الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط. فقد أثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمى، وانعكست تبعاتها على الأسواق المالية والتجارة العالمية، خاصة فيما يتعلق بأسعار النفط التى شهدت ارتفاعاً غير مسبوق. كما تسببت حالة عدم الاستقرار واحتمالات توسع رقعة الصراع فى قلق بالغ لدى المستثمرين الراغبين فى الاستثمار فى المنطقة، بالإضافة إلى تأثيرها الكبير على الملاحة فى البحر الأحمر الناتجة عن تردى الأوضاع الأمنية فى باب المندب، مما ترتب عليه انخفاض عائدات قناة السويس، التى تُعد أحد أهم موارد النقد الأجنبى لمصر، والتى شهدت انخفاضاً حاداً بلغ 62% خلال النصف الأول للعام الجارى بالمقارنة بعوائد العام الماضى. التشكيل الوزارى الأخير أضاف اختصاص الهجرة وشئون المصريين فى الخارج إلى الوزارة .. ما أبرز الجهود التى تقوم بها الوزارة لتعزيز العلاقة مع المصريين فى الخارج واستثمار وجودهم فى العديد من الدول والقارات لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية للدولة .. وكذلك تعزيز الخدمات المُقدمة للمصريين بالخارج؟ تولى وزارة الخارجية والهجرة اهتماماً بالغاً لرعاية شئون المصريين بالخارج وتحرص على حل المشكلات التى قد تواجههم، والاستجابة لطلباتهم فى أسرع وقت وبأعلى كفاءة مُمكنة. وأتابع عن كثب عملية رقمنة الخدمات القنصلية، الجارى العمل على تطويرها وتيسير كافة الخدمات المُقدمة للمواطنين وإنجازها فى أقل فترة زمنية ممكنة. وقد حرصت وزارة الخارجية على تناول النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج الذى عُقد مؤخراً لأهم الموضوعات التى تشغل الجاليات المصرية مثل: موضوعات الخدمات القنصلية، والتجنيد، والتنسيق بالجامعات المصرية للعائدين من الخارج، فضلاً عن التنسيق مع عدد من الجهات لتقديم مزايا للمصريين بالخارج، وإطلاق مبادراتٍ تعزز من ارتباطهم بالوطن، وتنظيم فعالياتٍ ثقافية وتوعوية فى الخارج لتعريفهم بالثقافة والتاريخ المصرى، وتعزيز الهوية الوطنية. كما تعمل الوزارة على خلق قنوات تواصل مستمرة مع المصريين فى الخارج من خلال تنظيم اجتماعات ولقاءات افتراضية ومجموعات عمل للاستماع لمشاكل الجاليات والتعرف على احتياجاتها. وتسعى الوزارة أيضاً لتيسير إجراءات تصويت المصريين بالخارج فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتشجيعهم على المشاركة فى الحياة السياسية والاقتصادية كشركاء فى مسيرة التنمية، فضلاً عن تشجيعهم على الاستثمار فى المشروعات القومية للاستفادة من الفرص الواعدة، بما يحقق المكاسب المشتركة للجميع.