◄ «الأسطل»: نقابة الصحفيين الفلسطينية على تواصل دائم مع المنظمات الدولية والحقوقية ◄ «سرحان»: تلقينا شهادات حية من صحفيين تم الإفراج عنهم، جميعها قصص مؤلمة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، هناك استهداف ممنهج للصحفيين لمنعهم من توثيق الحقيقة وكشف الستار عن بشاعة وقبح إسرائيل وانتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان على مرأى ومسمع المنظمات الحقوقية الدولية. وفي إطار محاربة الإعلاميين ومنعهم من نقل الحقيقة، ارتكبت في حقهم مجزرة راح ضحيتها 167 صحفيًا، وتم اعتقال 125 صحفيًا، وتعرض أكثر من 300 صحفي لإصابات وجروح بالغة. أصدرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين إحصائية تفيد بأن أكثر من 10% من صحفيي غزة قد قُتلوا، وأن 100% من مؤسساتهم الإعلامية دُمرت. كما وثقت النقابة شهادات من الصحفيين المفرج عنهم ومحامييهم لتكشف الستار عن التعذيب الجسدي والرعب النفسي الذي تعرضوا له. تواصلت «بوابة أخبار اليوم» مع نقابة الصحفيين الفلسطينية وحقوقيين للتحدث حول خطورة الأوضاع المأساوية التي يتعرض لها الصحفيون. ◄ تعتيم إعلامي صرح تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ل «بوابة أخبار اليوم» بأن وضع الصحفيين شديد الصعوبة؛ إذ يعملون في ظروف غاية في التعقيد بسبب استهدافهم المباشر من قبل الاحتلال. حتى اليوم، بلغ عدد الشهداء 179 شهيدًا، وفق آخر تقرير لنقابة الصحفيين، مشيرًا إلى سقوط شهيد اليوم في شمال قطاع غزة أثناء اللحظة التي كان يتحدث فيها إلينا. كما يوجد 125 معتقلاً، وتم تدمير 88 مؤسسة إعلامية بشكل كامل. وأضاف: "يُمنع الصحفيون جميعًا من مغادرة قطاع غزة، كما يُمنع دخول الصحفيين الأجانب والعرب إلى القطاع. هناك تعتيم إعلامي واسع، حيث يقوم الاحتلال بقطع الاتصالات والإنترنت لساعات طويلة لتعطيل عمل الطواقم الإعلامية". وتابع قائلًا: "حاليًا، تعمل المؤسسات الإعلامية أو الصحفيون من خلال المستشفيات أو مراكز التضامن التي أنشأتها نقابة الصحفيين في خان يونس ودير البلح ومدينة غزة، ومستشفى المعمداني، نتيجة ظروف الحرب والعدوان واستهداف الصحفيين وتدمير مؤسساتهم". ◄ واجب وطني يقول الأسطل: "العمل كصحفي في هذه الظروف وفي ظل استهداف الاحتلال أمر شديد الصعوبة. فالاحتلال يستهدف الصحفيين في الميدان، وفي مؤسساتهم، وحتى مع عائلاتهم، حيث تم قصف منازلهم وتدميرها فوق رؤوسهم". وتابع: "العشرات من أقارب الصحفيين أصيبوا بجروح جراء استهداف قوات الاحتلال لهم. أصبح الصحفي يشعر بأنه مستهدف، ليس فقط هو، بل أيضًا عائلته وأصدقاؤه، بالإضافة إلى عمله. وكان هذا الدافع لعدد كبير من الصحفيين لمغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح قبل إغلاقه، خوفًا من الاستهداف الإسرائيلي". ◄ توثيق جرائم الاحتلال وأشار «الأسطل» إلى أنه رغم كل هذه الظروف، هناك إصرار كبير من الصحفيين على مواصلة العمل وتوثيق جرائم الاحتلال ونقلها للعالم، رغم المعاناة والضغوطات والحرب التي يتعرضون لها. ويرون أن استمرارهم في نقل الحقيقة بمهنيّة هو واجبهم الإنساني تجاه الوطن. وأضاف: "يأملون أن يتحرك العالم في لحظة ما لوقف هذه الجرائم والمحرقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتي أسفرت عن أكثر من 50 ألف شهيد ومفقود، وآلاف المعتقلين، وتدمير مدن بأكملها، وجعل قطاع غزة غير قابل للحياة". وأضاف أن نقابة الصحفيين الفلسطينية تواصلت مع المنظمات الدولية والحقوقية، قائلاً: "نحن في تواصل دائم مع الاتحاد الدولي للصحفيين والاتحاد العام للصحفيين العرب، كما تواصلت أغلب النقابات الشقيقة والصديقة معنا. ونحن الآن بصدد إعداد ملف قانوني لملاحقة الاحتلال على الجرائم التي تُرتكب بحق الصحفيين من خلال المحكمة الدولية. اقرأ أيضا| عين على الحقيقة| كيف ينقل الصحفيون الفلسطينيون معاناة غزة إلى العالم؟ وقد كُلّف طاقم دولي حقوقي ومستشارون قانونيون من قبل نقابة الصحفيين لإعداد الملفات القانونية لهذا الغرض، خاصة بعد نجاحنا في إيصال ملف الزميلة شيرين أبو عاقلة إلى المحكمة الدولية، رغم عرقلة الولاياتالمتحدة للتحقيق. لكن لدينا إصرار على إتمام هذه المهمة ووضع القضية أمام المحكمة الدولية". وختم الأسطل بقوله: «ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية على جرائم الحرب وجرائمه بحق الصحفيين هو الرادع الحقيقي لوقف هذه الجرائم. نأمل أن نصل إلى مرحلة مقاطعة دولة الاحتلال إعلاميًا واقتصاديًا حتى تتوقف عن عدوانها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني». ◄ حقوق الإنسان من جانبه، أوضح جميل سرحان، مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة، أن الجرائم والانتهاكات التي تُرتكب بحق الصحفيين تتنوع بين جرائم عامة تصيبهم كما تصيب أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. تشمل هذه الجرائم أعمال القتل الواسع، وتدمير المنازل والممتلكات، والإضرار بالبنية التحتية وكافة نواحي حياة الإنسان. ◄ استهداف مباشر بالقتل وأضاف سرحان: «بالإضافة إلى معاناتهم كصحفيين أثناء أداء مهامهم، يُضطرون إلى التنقل من مكان لآخر، مما يجعلهم أكثر عرضة للاستهداف والقتل. يُضطرون أيضًا إلى التواجد في أماكن الأحداث المباشرة ودخول قوات الاحتلال، مما يعرضهم للخطر بشكل أكبر من غيرهم من المواطنين». وأشار إلى أنه وفقًا للإحصائيات التي ذكرتها نقابة الصحفيين في تقريرها، هناك أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى والمعتقلين. وأثناء عمل الصحفيين، يواجهون مشكلات يومية مرتبطة بقدرتهم على أداء مهامهم، إذ لا توجد لديهم مقرات دائمة، ويبدأون أعمالهم من ساحات المستشفيات لقربها من وجود مولدات كهربائية أو لإمكانية البث المباشر للمصابين والشهداء الذين يصلون إلى هذه المستشفيات. وأكمل: «في ظل هذه الظروف الصعبة، هناك من لا يرى عائلته النازحة، أو لا يعرف مصير منزله الذي قد يكون تعرض للهدم أو التدمير. وهناك من لم يرَ أهله منذ بداية الحرب على قطاع غزة». ◄ شهادات مؤلمة تلقت المؤسسة شهادات حية من صحفيين تم الإفراج عنهم، وكلها قصص مؤلمة تتعلق بمعاناتهم. وذكر سرحان أن «الشهداء منهم لديهم قصص طويلة تحتاج إلى توثيق ورصد لفضح انتهاكات الاحتلال». وأكمل: «فيما يتعلق بعمليات الاعتقال، تتم بشكل عشوائي أثناء دخول قوات الاحتلال للمنازل أو أثناء عبور المواطنين الحواجز. تبدأ عمليات الاعتقال بالضرب المبرح والتعرية وترك المعتقل في ظروف غير إنسانية، سواء بالبرد أو الحرارة العالية، ويتم استخدام الكلاب البوليسية لنهش المعتقلين. وقد تعرض بعض الصحفيين لهجمات من الكلاب، ولم يُقدم لهم أي علاج طبي مناسب». ◄ مخالفة للمعايير الدولية تستمر معاناة الصحفيين بشكل يومي، حيث تُتخذ إجراءات قانونية ضدهم تخالف معايير المحاكمة العادلة. لا يتمكنون من الالتقاء بمحامين أو بممثلي الصليب الأحمر الدولي، وغالبًا ما يُعتبرون مقاتلين غير شرعيين دون سقف زمني. وختم «سرحان» بقوله: «نحن، كمؤسسة حقوقية، التقينا بعدد من الصحفيين المذكورين في تقرير نقابة الصحفيين، وحصلنا على إفادات تؤكد صحة ما جاء في التقرير. نقدم بشكل دوري تقارير تفصيلية لمكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، ونجتمع معهم باستمرار لمناقشة كافة الانتهاكات مع لجنة التحقيق الدولية الدائمة. كما قدمنا ملفات كاملة إلى محكمة الجنايات الدولية بشأن الإبادة الجماعية».