لقد كانت علاقة إسرائيل بالأممالمتحدة متوترة تاريخيًا، ولكن خلال العام الماضي، وصلت التوترات إلى مستويات جديدة. وقبل أيام، أقر الكنيست الإسرائيلي قانونا يحظر عمليات وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الهيئة الأممية المسئولة عن اللاجئين الفلسطينيين داخل الأراضى التى تسيطر عليها. وهو تطور يخشى كثيرون أن يخلف عواقب إنسانية وخيمة على الفلسطينيين فى غزة وخارجها. فيما تلقت وزارة الخارجية الأمريكية مئات التقارير التى تفيد باستخدام إسرائيل للأسلحة الأمريكية فى حربها على غزة وقتل المدنيين. ◄ صحيفة أسترالية: علاقة إسرائيل بالأممالمتحدة وصلت أدنى مستوياتها تضمن تصويت الكنيست، الذى أيده 92 عضوا من أصل 120، قانونين رئيسيين: الأول يحظر بشكل قاطع على الأونروا ممارسة أى أنشطة داخل إسرائيل، والثانى يمنع أى تعاملات رسمية بين السلطات الإسرائيلية والوكالة. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع نطاقا لتقويض الأونروا، التى كانت مصدرًا حيويا للدعم الإنسانى لنحو 5٫9 مليون لاجئ فلسطينى منذ إنشائها عام 1949، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. وتلعب الأونروا دورًا حاسمًا فى تقديم التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية وغيرها من الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين. وقد يؤدى إغلاق الوكالة إلى عواقب إنسانية كارثية، وخاصة فى غزة، حيث يعانى السكان بالفعل من نقص حاد فى الغذاء والمياه والإمدادات الطبية بسبب استمرار الكيان الصهيونى فى حربه على القطاع. وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية من أن هذا الحظر قد يخلق «فراغاً» ستكون إسرائيل مسئولة عن معالجته، مما يسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى استمرار الدعم الدولى للرعاية الاجتماعية الفلسطينية، وفقًا شبكة «CNN» الأخبارية الأمريكية. ◄ اقرأ أيضًا | حزب المستقلين الجدد: حظر الأونروا خطوة جديدة نحو إبادة الشعب الفلسطيني ◄ انزعاج دولي وقد أبدى المجتمع الدولى انزعاجه من قرار إسرائيل. فقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» الحظر باعتباره مخالفًا للقانون الدولى ودعا إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب ميثاق الأممالمتحدة. وأكد جوتيريش أنه «لا يوجد بديل» لعمل الأونروا فى تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك، أعرب وزراء خارجية العديد من البلدان، بما فى ذلك كندا وأستراليا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى وأمريكا، عن مخاوفهم الجسيمة بشأن التداعيات الإنسانية المحتملة لهذا التشريع. وحثوا إسرائيل على إعادة النظر فى موقفها من الأونروا، والاعتراف بدورها الحيوى فى تقديم المساعدات المنقذة للحياة، بحسب ما ذكرته صحيفة «ذى كونفرسيشن» الأسترالية. إن تمرير هذه القوانين يثير تساؤلات مهمة حول مكانة إسرائيل داخل الأممالمتحدة والتزامها بالقانون الدولي. وتكهن خبراء قانونيون بأن هذه الخطوة قد تؤدى إلى دعوات لتعليق عضوية إسرائيل فى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو اتخاذ تدابير عقابية أخرى من جانب الدول الأعضاء. وفى حين أن طرد إسرائيل من الأممالمتحدة أمر غير مسبوق ومن المرجح أن يواجه حق النقض من جانب حلفاء مثل الولاياتالمتحدة، فإن الآثار المترتبة على مثل هذا التشريع قد تزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسيًا. فى يناير الماضى، قدمت إسرائيل لإدارة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» ملفًا يزعم أنه يقدم أدلة على أن 12 موظفًا من الأونروا شاركوا فى الحرب مع حماس، مما دفع عدة دول إلى تعليق تمويلها للأونروا. ووصف المفوض العام للأونروا، «فيليب لازارينى»، تعليق التمويل بأنه «عقاب جماعى». وقال إنه سيكون له عواقب وخيمة على المدنيين فى غزة الذين كانوا - وما زالوا - معرضين لخطر المجاعة. ◄ أكاذيب إسرائيلية فى أبريل، أصدرت مراجعة مستقلة أجراها لازارينى تقريرًا لم تجد فيه أى دليل على أن حماس اخترقت الوكالة. وبدلاً من ذلك، أكدت المراجعة كيف كان عمل الأونروا «شريان حياة لا غنى عنه» للمدنيين فى غزة والضفة الغربية. ونتيجة لذلك، استؤنف التمويل الدولى للأونروا من قبل جميع البلدان باستثناء الولاياتالمتحدة. والآن، ذهبت إسرائيل إلى أبعد من ذلك وحظرت عمليات الأونروا. ويبدو أن هذه هى الضربة الأخيرة فى حملة عداء ضد الأممالمتحدة والتى كانت فى طور الإعداد لسنوات. فى السنوات الأخيرة، تصاعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» المناهض للأمم المتحدة بشكل كبير. وفى ظل هذه الخلفية من التحرك التشريعى ضد الأونروا، من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن الدعم الأمريكى لعب دورًا معقدًا فى هذه التطورات. فقد أعربت إدارة بايدن عن مخاوفها العميقة بشأن آثار هذا الحظر بينما دعمت أيضًا حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس فى خضم الصراع المستمر مع حماس. وحذر وزير الخارجية «أنتونى بلينكن» من أن سن هذا القانون قد يكون له تداعيات بموجب القانون والسياسة الأمريكية فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية. وتسلط هذه الثنائية الضوء على التوتر المتزايد بين أهداف السياسة الخارجية الأمريكية - دعم إسرائيل مع الدعوة أيضًا إلى الاعتبارات الإنسانية فى غزة - وتثير تساؤلات حول كيفية تعايش الدعم الأمريكى مع الإجراءات التى يُنظر إليها على أنها انتهاكات للمعايير الدولية.