فى الأمتار الأخيرة من سباق الانتخابات الأمريكية يبذل بايدن جهودا حثيثة للوصول لتسوية فى غزة وتهدئة الأوضاع فى لبنان مما يساهم فى حسم المعركة لصالح نائبته كامالا هاريس، ومن ذلك قيامه الأسبوع الماضى بإرسال مستشاريه آموس هوكشتاين وبريت ماكغوك إلى لبنان وتل أبيب لمحاولة التوصل إلى اتفاق إطلاق النار باعتبار أنها أيام الحسم فى الانتخابات يضاف إلى ذلك استئناف المفاوضات حول صفقة تبادل للأسرى والتوصل إلى هدنة مؤقتة بين إسرائيل وجماعات المقاومة الفلسطينية بعد توقف لمدة شهرين ويأتى فى هذا الإطار استئناف الحوار فى العاصمة الدوحة والزيارات التى يقوم بها ممثلو الأجهزة الأمنية فى عواصم المنطقة وتبدو الأمور ليست بالسهولة التى يتصورها الجانب الامريكى فعلى الرغم من وجود اصرار لبنانى على التنفيذ الكامل للقرار 1701 فما زالت شروط نتنياهو تمثل عقبة أمام ذلك الجهد والقرار ما زال لدى تل أبيب التى زارها المبعوثون وهو نفس ما جرى فى الدوحة حيث عاد الوفد الإسرائيلى للمفاوض دون أى حديث عما يجرى فى الفترة القادمة. على عكس ترامب الذى تتوافق آراؤه مع توجهات حكومة نيتناهو المتطرفة وربما يطرح فى حال فوزه رؤية «السلام الاقتصادى» وهى نسخة معدلة من «صفقة القرن» وفى هذا الإطار يأتى تصريحه الأخير أنه إذا تم انتخابه سأسعى إلى أن يعود السلام الحقيقى والدائم إلى الشرق الأوسط وسافعل ذلك بشكل صحيح وقال وأصلح المشاكل التى تسببت فيها هاريس وبايدن». اقرأ أيضًا | البيت الأبيض ينتظر الرئيس ال 47| فى الشوط الأخير من السباق الرئاسى وحقيقة الأمر أن تصريحات دونالد ترامب تنطوى دائما على دعم واضح وصريح لإسرائيل، وقد أكد فى عدة مناسبات على دعمه لدولة إسرائيل، بل وصل به الأمر أن تعهد فى حال فوزه بترحيل المتعاطفين الأجانب مع الجهاد وأنصار حماس وانتقد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين التى شهدتها الجامعات الأمريكية. وقال ترامب أنه «فعل لإسرائيل أكثر من أى رئيس آخر حتى الآن»، ووجه تحذيرا للوبى اليهودى فى أمريكا أنه «إذا فازت هاريس لن تكون إسرائيل موجودة ولن يكون لإسرائيل حليف». والحقيقة فقد فعل ترامب خلال فترة رئاسته السابقة للولايات المتحدةالأمريكية ما لم يفعله رئيس أمريكى وهو قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان وأنهى عقودا من المعارضة الأمريكية للمستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربيةالمحتلة. وينتقد ترامب دائما سياسات الرئيس الأمريكى جو بايدن، وأنها هى ما أدت إلى أحداث 7 أكتوبر، وقال إن «إسرائيل حسنت موقفها حول الصراع فى الشرق الأوسط لأن رئيس وزرائها نيتنياهو يتجاهل توجيهات الرئيس الأمريكى جو بايدن وإدارته»، وطلب من نيتنياهو أن ينهى هذه الحرب فى أسرع وقت «بانتصار» ليس بدافع إنهاء معاناة المدنيين فى غزة ولكن حتى لا تخسر إسرائيل علاقاتها وتشوه صورتها أمام العالم كلما زاد أمد الحرب. واستمرارا لتصريحاته الداعمة لإسرائيل، يرى ترامب أن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة وقال: «لطالما فكرت كيف يمكن توسيعها»، لذا يبدو أنه فى حال فوزه سيؤيد التوسيعات الاستيطانية بدلا من الحد منها. وفى الوقت الذى ينادى فيه المجتمع الدولى بضرورة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، يرى ترامب أن وقف إطلاق النار ليس من شأنه إلا منح حماس الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد على غرار هجوم السابع من أكتوبر دون أدنى حديث له عن معاناة الفلسطينيين على مدار عام كامل من العدوان والحصار. على عكس ترامب، يبدو أن كامالا هاريس «تمسك العصا من المنتصف» ويغلب على تصريحاتها الاعتدال تجاه إسرائيل، فهى تؤكد دائما على التزامها بأمن إسرائيل وحقها فى الوجود، بينما تدفع من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة والإفراج عن الرهائن. على الرغم من أن عددا من المسئولين فى إدارة بايدن قد زار إسرائيل مؤخرا، فإن هاريس لم تزرها منذ أحداث 7 أكتوبر. وحينما وجه إليها سؤال عن ما إذا كان نيتنياهو حليفا وثيقا، كان جوابها السؤال الأفضل هل لدينا تحالف مهم بين الشعب الأمريكى والإسرائيلى؟ والإجابة هنا «نعم»، وهو ما يوضح أن هاريس لا تؤيد سياسة نيتنياهو بشكل كامل وأنه لا يمثل كل الشعب الإسرائيلى. ويحاول ترامب طوال الوقت توجيه الاتهامات لمنافسته هاريس حتى يحظى يتأييد اليهود، منها اتهامه لها بكره إسرائيل وهو ما ردت عليه هاريس «غير صحيح على الإطلاق»، وذكرت دعمها لتل أبيب طوال حياتها ومسيرتها المهنية، وذكر ترامب أن هاريس امتنعت عن لقاء نيتنياهو عند زيارته الأخيرة لأمريكا لحضورها مناسبة لمجموعتها النسائية. تضغط إدارة بايدن على نتنياهو للوصول لاتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة. وفيما يخص لبنان يحاول بايدن تهدئة الوضع، وقد نجح فى إقناع نتنياهو بتخفيف الرد الإسرائيلى على إيران حتى يظهر بأنه من جلب السلام فى الشرق الأوسط ويساعد فى حسم المعركة لصالح هاريس. فى الوقت نفسه، ينتظر ترامب لحظة انفلات قبضة إدارة الديمقراطيين ليعزز انتقاداته بشأن السياسة الخارجية ويظهر أن الفوضى حلت محل السلام الذى تحقق فى الشرق الأوسط- من وجهة نظر- خلال فترة رئاستة. على الناحية الأخرى يبدو أن نتنياهو لا يرغب فى الاستجابة للإدارة الأمريكية ولا يريد أن ينخرط فى أى مسار دبلوماسى قبل أن يرى من هو ساكن البيت الأبيض الجديد وإن كان يتمنى فى نفسه أن يكون ترامب حتى يساعده فى تنفيذ خططه الشيطانية.