الطيور هى رمز للحرية والتنقل من مكان لآخر، حيث تقوم الطيور برحلاتها لمختلف بلدان العالم خلال موسمي الهجرة فى الربيع والخريف وتزين السماء بأشكالها وألوانها المختلفة التى تعد ثروة، لما لها من قيمة اقتصادية وسياحية وثقافية، ولأن مصر تعتبر قبلة لأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة اتخذت الدولة عدة إجراءات للاستفادة من هذه الهبة والحفاظ عليها بما يحقق التوازن البيئى، ويخلق فرصة ممتعة لهواة ومحبي الطيور التى يأتون لمشاهدتها بأعداد كبيرة كل عام. ◄ كل طير له ريش ومنقار وطريقة غذاء تحدد بيئته ومسار هجرته ◄ بعضها ينعش السياحة والآخر يمدنا باللحم والبيض والريش تنتقل الطيور من مكان لآخر فى أوقات منتظمة سنوياً لمسافات طويلة هرباً من الظروف الجوية وبحثاً عن الغذاء لتعود فى النهاية إلى موطنها الأصلى لكنها خلال رحلتها تمر على بيئات تتناسب مع أنواعها وطرق غذائها، تعد مصر من أهم البلدان التى تعبر عليها الطيور المهاجرة بمختلف أنواعها لعدة أسباب. ◄ ممرات الطيور ويوضح أسامة الجبالى، مدير مشروع الطيور المهاجرة الحوامة بوزارة البيئة أنه يوجد على مستوى العالم أكثر من 10 آلاف نوع من الطيور بأعداد تصل إلى المليارات، ومصر لها موقع جغرافى مميز لأنها تربط بين قارات العالم القديم أوروبا وآسيا مع إفريقيا وهى تعتبر بوابة إفريقيا من ناحية الشرق، وبسبب موقعها المميز وتعدد بيئاتها يمر عليها نحو 500 مليون طائر سنوياً، ويسجل بمصر 500 نوع بين مقيم ومهاجر، 150 نوعا مقيما، و350 نوعا مهاجرا، ويوجد بمصر بيئات متعددة لهذه الطيور منها البحر الأحمر وشواطئ الساحل الشمالى، والبحيرات الشمالية مثل بحيرة إدكو ومريوط والمنزلة والبرلس، وبالفيوم بحيرة قارون ووادى الريان، وفى أسوان نهر النيل، بالإضافة لجزر البحر الأحمر والصحارى والوديان والمناطق الجبلية، مؤكداً أن هذه البيئات المتعددة تناسب أنواعا كثيرة من الطيور منها المحلقة «الحوامة» كالنسور والصقور التى تستخدم طيارات الهواء الباردة والساخنة وتتخذ مسار البحر الأحمر فى رحلة هجرتها. وهناك طيور تستطيع أن تعبر البحر المتوسط وصولاً للساحل الشمالى ومنها إلى الصحراء الغربية، من ثم الفيوم لاستكمال الهجرة وهى أنواع كثيرة جدا من العصافير والسمان والبط، والعصافير الصغيرة تفضل الوديان لوجود غذائها على الشجر سواء الحشرات أو الديدان، كما توجد طيور تتغذى على لحوم الثعابين والفئران كالصقور والنسور، وأخرى تتغذى على الأسماك أو القواقع وأنواع غذائها تقتصر على الفاكهة وأنواع أخرى على البذور كالقمح والذرة، ولذا كل طير له تركيبة خاصة فى الشكل والريش والمنقار وطريقة الغذاء وعلى أساس ذلك يحدد البيئة ومسار الهجرة الذى يتناسب معه. ◄ اقرأ أيضًا | في اليوم العالمي للطيور المهاجرة.. أسباب تدفع الطيور لتلك الغريزة ◄ أسباب الهجرة ويشير إلى أن الهجرة غريزة لدى الطيور تقوم بها من آلاف السنين، ونجد على المعابد الفرعونية الأوز والبط الفرعونى والنسر المصرى، تهاجر من نصف الكرة الشمالي لنصفها الجنوبى بسبب الظروف الجوية الباردة التى تقضى على غذاء الطيور، حيث تهاجر الطيور بحثا عن الغذاء والظروف الجوية المناسبة والتكاثر فى موسمى الهجرة، موسم هجرة الخريف الذى يبدأ من شهر أغسطس إلى شهر نوفمبر من أوروبا وآسيا إلى إفريقيا لقضاء الشتاء بها والرجوع فى الربيع من شهر فبراير إلى شهر مايو، وهناك أنواع من الطيور تأتى فى شهور الشتاء تحديدا يناير وفبراير. ◄ أنواع الطيور ويوضح أن من أشهر أنواع الطيور المهاجرة، طائر اللقلق الأبيض، الذى يهاجر فى مجموعات كبيرة ويمثل قيمة اجتماعية وثقافية كبيرة فى أوروبا، وأنواع من النسور أهمها النسر المصرى الذى على الرغم من اكتشاف الفراعنة له فإنه فى الأصل طائر مهاجر عبر الأراضى المصرية، وأنواع كثيرة منه مقيمة ناحية حلايب وشلاتين، حيث يقيم بها حوالى 30 زوجًا من النسر المصرى لكنها مهددة بخطر الانقراض. ◄ خطر الانقراض ويضيف الجبالى: النسر المصرى من النسور المهددة بالانقراض وهو سبب مباشر فى الخلل البيئى وانتشار الفيروسات، لأن النسور تتغذى على الحيوانات النافقة، بالتالى تنقى البيئة من الفيروسات والبكتيريا وتحمى الإنسان من التعرض للعدوى. ومثال على ذلك ما حدث فى الهند بعد نفوق أعداد كبيرة من النسور، كلف ذلك الدولة مليارات الدولارات أنفقتها على قطاع الصحة لإصلاح العواقب الناتجة عن الحيوانات النافقة من البقر والجاموس وغيرها لمعالجة تأثيرها على صحة الإنسان، ولذلك مثل هذه الأنواع لها أهمية اقتصادية كبيرة، لافتًا إلى أن تغذية الطيور على الحشرات فى مسار الهجرة يعد حماية للمحاصيل الزراعية، لأن ذلك يقلل من استخدام المبيدات الحشرية. ويوضح أن هناك أنواعا كثيرة لها أهمية سياحية يأتى السياح لمشاهدة أشكالها وأنواعها ويبحث عنها الهواة والمهتمون بالطيور، ومن ناحية أخرى تمثل مصدر دخل للكثيرين، لأن هناك طيورا تمدنا باللحم والبيض والريش عن طريق الصيد الحلال والتجارة بها ومنها السمان والبط والحمام المهاجر. ◄ حماية الطيور ويؤكد أن وزارة البيئة تقوم بمجموعة من الإجراءات لحماية الطيور المهاجرة كل عام، حيث تصدر قراراتها سنوياً بالأنواع المصرح بصيدها والتربح منها ويتم توزيعها على المحافظات، ومنها البجع الأبيض والعقاب السنارى والعقاب الذهبى والصقر الحر والصقر الشاهين وأنواع من البط منها البط الخضارى، وأنواع من العصافير منها الصفيرى والفلامنجو الذى يعد من الطيور التى تتميز بشكلها الجميل وهو من الطيور الجاذبة للسياح، ويوجد منه أنواع مقيمة بمصر وأخرى نادرة كالصقر الحر والعقاب السهول وهى مهددة بالانقراض. وللحفاظ على هذه الأنواع لما لها من أهمية اقتصادية وسياحية وثقافية، تطبق مصر قانون البيئة وقانون المحميات الطبيعية، كما أن مصر موقعة على اتفاقيات دولية لحماية الحيوانات البرية المهاجرة، ومذكرة تفاهم لحماية الطيور، لذا تعمل وزارة البيئة على حماية الطيور بقرارات مفعلة كل عام تتضمن اشتراطات الصيد والأنواع التى يصرح بصيدها لجنة من قطاع حماية الطبيعة التابع لوزارة البيئة إلى المحميات ودوريات مكثفة للتوعية من خلال عقد الندوات والمؤتمرات. كما قامت وزارة البيئة بتدريب أكثر من 120 مرشدا سياحيا لمشاهدة الطيور وتوعية الفنادق وشركات السياحة والتسويق لهذه السياحة بشرم الشيخ والغردقة وأسوان، وهناك إجراءات عديدة لمحاربة التلوث الذى يؤثر بدوره على الطيور، من خلال تعاون وزارة البيئة مع وزارة الموارد المائية لتنقية البحيرات. وفي مجال الطاقة، أقرت نموذجا عالميا لحماية الطيور المهاجرة من محطات توليد الكهرباء من خلال التعاون بين وزارة البيئة ووزارة الكهرباء فى خليج السويس، لوقف توربينات توليد الكهرباء أثناء مرور الطيور والبعد عن مسارات الطيور حتى لا يقابلها أى عوائق فى مسار هجرتها. كما يشير مجدى علام مستشار برنامج البيئة العالمى إلى أن هناك 40 موقعًا تعمل وزارة البيئة على حمايتها سواء كانت أماكن تواجد الطيور فوق الجبال أو فى منخفضات أو فوق مسارات المياه، حيث إن جميع البحيرات محطات لاستقبال الطيور المهاجرة بداية من واحة سيوة غربا إلى شرم الشيخ شرقا، بالإضافة إلى سيناء وسانت كاترين، والبحر الأحمر الذى يعتبر محمية طبيعية بعد فرض الغرامات على السفن ضد أى تصرفات تسبب التلوث، فبدأت الشعاب المرجانية فى الظهور، وأصبحت المياه بيئة مناسبة لاستقبال الطيور. ◄ طعام الملوك والطيور المهاجرة بها أنواع كثيرة لها طعم جميل ومختلف ويقبل على تناولها الكثيرون فى مصر وجميع الدول وتسمى «طعام الملوك» فى مختلف المحافظات التى يشتهر بها صيد الطيور. ويقول محمد وجيه من هواة صيد الطيور، إنه خلال موسم الطيور المهاجرة يقبل الهواة ومحبو الصيد على المدن الساحلية لصيد الطيور التى يأتى أشهرها السمان والبط والقمرى وغيرهما، وتشتهر فى رحلات الصيد وحفلات الشواء فى الصحراء. ويتابع: من أهم المحافظات التى يشتهر بها صيد الطيور المهاجرة محافظة مطروح، حيث يبدأ الصيد ونصب الشباك على الأشجار من منتصف شهر أغسطس وحتى شهر أكتوبر لأنواع كثيرة من الطيور منها الصفير والقمرى والسمان، ليقدموا بعد ذلك وليمة لعائلتهم، ويقومون بحفلات الشوى مع الأرز والمكرونة والطيور التى تعرف بمذاقها الطيب والمفيد ويقبل عليها الناس من مختلف البلدان. وعن الأسعار يوضح محمد حكيم من هواة صيد وتجارة الطيور: مع بداية توافد الطيور المهاجرة يبدأ الاستعداد للصيد ونصب الشباك وإنجاز التراخيص اللازمة خاصة للأنواع التى يفضل تناولها لاعتياده على تقديمها وجبة غنية لأسرته، من ثم بيعها لمحبى الطيور ومن بين هذه الأنواع «القمرى» الذى يعرف بجمال طعمه لكنه قد يصل سعر الجوز منه إلى 800 جنيه، وأيضًا السمان الذى يعد من أشهر الطيور التى يفضلها الكثيرون وينتظرون الموسم لتناوله والاستفادة من بيضه ويصل سعره ل100 جنيه للجوز، أما العصافير الصغيرة فيتم بيعها بأعداد فيصل سعر الطبق منها ل250 جنيها ومنه الشحيم والدبسى والعصفرة.