«نفس المشاعر والمعانى، تجدها فى معظم قرى ومدن مصر، التى قدم أبناؤها أرواحهم فداءً للأرض والعرض والكرامة». اقترب منى ضابط برتبة المقدم، فى ميس الضباط، بعد أن قدمنى قائد اللواء، كضابط جديد للشئون المعنوية عام 1981. سألنى المقدم، وكان رئيسًا للعمليات بقيادة اللواء المدرع: هل تعرف الشهيد المقدم عبد الدايم زيدان، أجبت بعد أن أدهشتنى المفاجأة: ابن عمى. فأخذنى فى أحضانه، وقال وهو يحبس دموعه: ابن عمك رحمه الله، كان بطلًا من طراز نادر، كان قائد وحدتى أثناء معركة الدبابات الشهيرة، فى حرب أكتوبر، وكان مثالًا حيًا للتضحية والفداء، قدم أداءً بطوليًا خلال حرب أكتوبر، ولم يبخل بروحه من أجل الوطن والنصر. أحسست بالفخر بابن عمى الشهيد، الذى يزين مدفنه، تتصدره صورته بالزى العسكرى، مقابر العائلة بقريتنا كفر القلشى مركز تلا منوفية. وأصبح ابن عمى الشهيد، ومدفنه، والمدرسة التى تحمل اسمه بالقرية، قنديلًا للنصر للأجيال المتعاقبة، وخير مثال على الانتماء وحب الوطن. نفس المشاعر والمعانى، تجدها فى معظم قرى ومدن مصر التى قدم أبناؤها من رجال القوات المسلحة، أرواحهم فداءً للأرض والعرض والكرامة، وكان طبيعيًا أن ينالوا من الأجيال المتعاقبة كل تكريم وتقدير وفخر، وسيستمر ذلك من جيل إلى جيل. إنهم قناديل النصر والعزة، ورموز القوة والتحدى، وعناوين الانتماء والتضحية والإرادة الصلبة القادرة على الذود عن الوطن ومقدساته. تحية من القلب، لكل أم فقدت ابنها، فى أى معركة من معارك الوطن، وكل أب فقد ابنه، وكل ابن أو ابنة فقد الأب والسند، وكل زوجة ترملت، وكفاهم جميعًا فخرًا، أنهم ينتمون للشهيد البطل، أحد قناديل النصر، الحى عند ربه، «ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله» صدق الله العظيم. رحم الله شهداءنا الأبرار، وحمى زملاءهم، عيون الوطن اليقظة، على كل الاتجاهات الإستراتيجية، وتحيا مصر، آمنة مستقرة إلى الأبد، وكل عام وأبطال أكتوبر الأحياء وشعب مصر الأبى بخير وأمان ورخاء. معركة المنصورة الأحد: أشعر باحترام وتقدير كبيرين، عندما التقى فى أى مكان شخصًا، نال شرف المشاركة، فى حرب أكتوبر 1973، وساهم فى تحقيق أعظم انتصار، فى تاريخ العرب الحديث. وغالبًا ما يكون مثل هذا اللقاء، بداية صداقة، وعلاقة حب وامتنان. حدث هذا مع الحاج عبد الفتاح دوابة، أحد أبطال أكتوبر، والذى يتدفق حماسًا وحبًا ووطنية، رغم تجاوزه الخامسة والسبعين. كانت بداية تعارفنا، رسالة منه، لعرضها فى مقالى «كشف حساب»، تتضمن بعض مطالب رجال النصر، منها العلاج مجانًا فى مستشفيات القوات المسلحة، خاصة أن عددهم قليل جدًا، وأوفيت بالوعد، ونشرت رسالته كاملة. وتواصلت علاقتنا عبر الهاتف، وفى كل مرة، يسرد لى بعضًا مما شاهده من ملحمة النصر العظيم. وحكى لى الحاج عبد الفتاح بزهو وحماس، بطولات نسور الجو المصريين، وأبطال الدفاع الجوى، فى معركة المنصورة، حيث كان وقتها، حكمدار غرفة عمليات الدفاع الجوى، وشاهد عبر شاشات الرادار تفاصيل المعركة التى استمرت 50 دقيقة، وخسر فيها العدو حوالى 20 طائرة، واتخذ يوم 14 أكتوبر الذى حدثت فيه، عيدًا للقوات الجوية، حيث قدم فيه الطيارون المصريون أداءً بطوليًا، أرعب المعتدين، وحققوا نصرًا مبهرًا تتحدث عنه الأكاديميات العسكرية فى العالم أجمع. الحاج عبد الفتاح يتحدث عن أكتوبر العظيم بكل فخر وسعادة، ولا يتأخر أبدًا عن تلبية دعوات المدارس ومراكز الشباب ووسائل الإعلام، للتحدث إلى الشباب عن أمجاد الوطن، وتعزيز مشاعر الانتماء فى نفوسهم. تحية للحاج عبد الفتاح دوابة وكل من شارك فى حرب أكتوبر، وتغمد الله الشهداء بواسع رحمته. بطل الحرب والسلام الاثنين: لا يمكن أن أنسى ما حييت، العرض العسكرى أمام النصب التذكارى للجندى المجهول، بمدينة نصر، يوم السادس من أكتوبر عام 1981، بمناسبة الاحتفالات بذكرى النصر. فقد كنت أحد المشاركين فى طابور عرض طلبة كلية الضباط الاحتياط، ضمن طوابير عرض طلبة الكليات العسكرية. شاهدت بأم عينى بطل الحرب والسلام الزعيم الراحل أنور السادات جالسًا مزهوًا، أثناء مرورنا، مشاعر غامرة تملأ نفوسنا، من الوطنية والفخر والانتماء لهذا الوطن الغالى. وبعد مرورنا وتجمعنا على مقربة من مسار العرض، وأثناء مرور المركبات المشاركة، وقعت الفاجعة، وتم اغتيال بطل الحرب والسلام فى يوم عرسه. وها هى عشرات السنوات تمضى على ذلك الحادث الخسيس، وتثبت الأيام أن السادات كان قائدًا عبقريًا، من طراز نادر، سابق عصره، وكانت لديه رؤية ثاقبة لاستشراف المستقبل، رحمك الله يا بطل أعظم نصر لمصر والعرب جميعًا، وأسكنك الله فسيح جناته. مشاهد لا تغيب الثلاثاء: 51 عامًا، مرت على نصر أكتوبر العظيم. زرت خلالها العريش وشرم الشيخ ورأس سدر، لقضاء بضعة أيام فى إجازات صيفية. فى كل مرة، وبينما نقطع صحراء سيناء بالأوتوبيسات خلال رحلاتنا، أحلم بيوم تتحول فيه هذه الصحارى الشاسعة إلى مزارع ومصانع، ومدن سكنية. لذا أشعر مع كل إنجاز لتعمير سيناء بسعادة غامرة. حدث هذا مع توصيل مياه النيل، وتكرر مع افتتاح أنفاق قناة السويس العملاقة، وأخيرًا مع افتتاح وتشغيل قطار الفردان بئر العبد، كمرحلة أولى، يتبعها امتداد القطار إلى العريش ونخل وطابا. لقد شهدت سيناء فى عهد الرئيس السيسى اهتمامًا كبيرًا بتنميتها، ويكفى القول إن إجمالى ما تم إنفاقه على تنمية سيناء خلال السنوات العشر الأخيرة بلغ 600 مليار جنيه، وسوف يتضاعف هذا الإنفاق حتى 2030، فى ظل الخطط الطموح لتحقيق نهضة تنموية زراعية وصناعية وتعليمية فى أرض الفيروز. الفرج قريب الأربعاء: توقع صندوق النقد الدولى ، فى تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمى مؤخرا ، ارتفاع معدل النمو الاقتصادى فى مصر الى 4.1 بالمئة فى عام 2025.كما توقع استطلاع أجرته وكالة رويترز بين 13 خبيرا اقتصاديا ، تحقيق اقتصاد مصر نموا بنسبة 4% عام 2024 /2025 ، صعودا إلى 4.7% و 5.3% خلال العامين التاليين . مايعطى مؤشرا على قدرة الاقتصاد الوطنى على الصمود ، بل والنمو والتطور ، رغم التحديات الإقليمية الاستثنائية . قد يقول البعض ، ماجدوى هذا الكلام ، ومعدلات التضخم المرتفعة ، تزيد من معاناتنا ؟ . أقول أن الأمل موجود، والفرج قريب . فكل زيادة فى معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي، تعنى خفضا فى عجز الموازنة ، وبالتالى الدين العام. مايعنى زيادة المساحة المتاحة لتحسين الخدمات الأساسية، خاصة فى الصحة والتعليم ،وتحسين مستوى المعيشة . آخر كلام الخميس: فتاتى أنت يا سينا أتيتك مسهد العينا ففى الأجفان أشواق ليوم فيه تلقينا وأحلام تسابقنا إذا جئناك تبقينا فهبى يا عروس الحلم واستبقى أيادينا