كانت مصر هى البطل المنتصر فى ميادين الحرب، وكانت هى القائد فى ساحات السلام، فرضت مصر إرادتها على العدو، فحققت النصر المبين بعد حرب إعجازية على المحتل الإسرائيلى فى أكتوبر 1973، ثم فرضت على العدو السير في طريق السلام باعتباره الخيار الأفضل، ولولا قراءات خاطئة من بعض الأطراف العربية، لكان العرب قد فرضوا إرادتهم على المحتل وقلموا أظافره، وخلعوا أسنانه وقصوا أجنحته، واستردوا أرضهم، وما كانت الصورة لتبقى بمثل هذه القتامة الحالية. تأتى ذكرى انتصار حرب أكتوبر هذا العام، والمنطقة تعانى مخاضا لا يعرف أحد ما سيسفر عنه حتى تلك اللحظة، فى ظل تصعيد إسرائيلي أقل ما يمكن وصفه بأنه وحشى، بدأ منذ تعرض الجيش الإسرائيلي لصفعة هائلة، سمع كل العالم دويها، عندما قامت حركات المقاومة الإسلامية بعملية طوفان الأقصى، وعبروا الحواجز الإسرائيلية، وعادوا بعشرات الأسرى، ومر عام كامل تم فيه تدمير كل مظاهر الحياة فى قطاع غزة، وحرق كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحماية المدنيين، و«تشيطن» الاحتلال، وزاد جنونه وارتفعت نيرانه، لتعبر الحدود والبحار، فى محاولة لتوسيع نطاق الحرب وإشعال المنطقة، وهو الأمر الذى طالما حذرت منه القاهرة منذ اللحظة الأولى، ودعت المجتمع الدولى إلى ممارسة دوره، والقيام بمسئولياته، وطال الوقت أم قصر، سيدرك كل المتورطين فى ذلك التصعيد صحة القراءة المصرية. لم أنظر كعادة البعض إلى النصف الفارغ من الكوب، فقد وجدت أن حلول تلك الذكرى، مع استمرار الممارسات الوحشية للاحتلال الإسرائيلى، يحمل فى تفاصيله رسالة أمل، وبشرى بأن الفرج قد اقترب، فكلما عربد الاحتلال وتباهى بقوته، كان ذلك علامة بقرب السقوط، والمؤكد أن الاحتلال لم يتعلم من الدرس العظيم والهزيمة الكبرى التى تلقاها على يد جيش مصر العظيم، عندما أفاقته حرب أكتوبر 1973 من غيبوبته، وجعلته ينتبه إلى الأكذوبة التى نسجها بأن جيشه لايقهر، وأصبح أضحوكة عسكرية تدرسها الأكاديميات العسكرية، اغتر بسلاحه وتفوقه بعتاده، وامتلاكه لأحدث ماظهر من أسلحة وطائرات، ونام ملء جفونه وهو يظن أن الحصون الفولاذية تحميه، وأن خط بارليف الذى لا يقهر يمنع المصريين عنه، وفجأة انهار كل شىء، وحققت مصر انتصارها العظيم. وأستطيع أن أقول من خلال تحليل دروس حرب أكتوبر المجيدة، إنها قد أثبتت أنه مهما كانت قوة الجيش الإسرائيلى، ومهما بلغ الدعم الذى تحصل عليه، فهزيمته قابلة للتكرار، ويكفينا مجرد الإشارة إلى نجاح أفراد المقاومة الفلسطينية فى تجاوز تحصينات الاحتلال وقبته الحديدية بأفكار بسيطة، تغلبت على أحدث الأسلحة والوسائل التكنولوجية، ولم تحمهم حصونهم ولم تمنع القبب ولا مقاليع داود من أن يلقوا ضربة منكرة، وأتمنى أن يعى الشعب الإسرائيلى خطورة ما يتم الآن من تصعيد تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية، وأن يتحرك بكل ما يستطيع من أجل إزاحة هؤلاء المجانين الذين يديرون أموره، ويقدمونهم أضحية لأحلام غير مشروعة على أرض محتلة، فمهما بلغت قوة الاحتلال، ومهما كان الدعم، فلن يعيش إسرائيلى فى أمان بدون السلام، ولن يستطيع أحد منهم إغماض عينه، وجبال الكراهية تعلو وتعلو لدى الأجيال المتلاحقة من الشعب الفلسطينى المحتل، وسوف يأتى وقت يظهر فيه ما لانريده، وهو اللجوء لسلاح اليائسين الذى تكون نهايته الموت للجميع، وكم أدعو الله أن يستمع الجميع لنداء مصر من أجل تطبيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، فلا أمان لهم بدون السلام. وفي كل الأحوال، وبرغم كل العقبات من مختلف الأشكال، لا تزال مصر على العهد، تسير على طريق السلام، وتسعى للحفاظ على أعلى مستويات القوة، وتواصل العمل من أجل استمرار السلام الذى يحقق مصلحة كل الشعوب، وفى هذا السياق لا أعرف كيف أصف لكم مشاعر الأمان التى غمرتنى، خلال حضورى افتتاح الأكاديمية العسكرية المصرية بالقيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية، والاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية، وصلنى ذلك الإحساس بالولاء والفداء والانتماء، شعرت بمدى الجاهزية والقدرة على تلبية النداء، خاصة مشاعر التضحية التي صدرت من أجمل ما فى الحفل، أقصد أهالى جنود مصر الذين قدموا أبناءهم أغلى ما لديهم من أجل الوطن، تلك الفرحة العارمة الصادقة، بأنهم كلهم فداء للوطن، كلهم أبطال أبناء أبطال الحرب وصناع السلام. ودائما ودوما وأبدا.. تحيا مصر ◄ بوكس نهاية كل شمشون، هى خاتمة كل» قوى وغبى».. راح شمشون وأصبح من الأثر، وبقى الفلسطينيون أهل غزة.. راح هو.. وهم بقوا من كام ألف سنة!