مرّ عامٌ كاملٌ ثقيلًا على أهل قطاع غزة تحت سماء لم تكن صافيةً يومًا واحدًا ولم تكن خاليةً من دخان القنابل الإسرائيلية التي تفجرت في كل أرجاء القطاع، وحوّلت حياة السكان الآمنين إلى جحيم، وبدلت أمنهم خوفًا وسط طلقات مدافع العدوان الإسرائيلي الغاشم، الذي أسقط أكثر من 41 ألفًا و800 شهيد من بين سكان القطاع. وخلال عام بأكمله عاشها قطاع غزة في حربٍ ودمار كان الصحفيون الفلسطينيون مِن بين مَن طالهم آلة التدمير الإسرائيلية فأزهقت أرواح عددٍ منهم، وجرحت غيرهم بجروح متفاوتة. معاناة الصحفيين الفلسطينيين في غزة كانت واحدة من القصص التي عرفها القطاع على مدار عام واحد، وكلّف الصحفيون 175 شهيدًا سقطوا إلى حد الآن دفعوا حياتهم ثمنًا من أجل إيصال رسالتهم في كشف الحقيقة وإزاحة الستار عن التعتيم الإسرائيلي الذي حاول التغطية على جرائمه بروايات مزيفة. اقرأ أيضًَا: عام من حرب غزة| 350 مليون دولار خسائر وزارة الأوقاف.. وتدمير 77% من مساجد القطاع معاناة صحفي فلسطيني في غزة الصحفي الفلسطيني منذر الشرافي كان من بين الصحفيين، الذين عاشوا سنة كاملة من الخراب والدمار يجابه كل أنواع المخاطر كغيره من سائر الصحفيين الفلسطينيين. ويسرد منذر الشرافي تفاصيل معاناته داخل قطاع غزة وفي المخيمات منذ اندلاع حرب غزة، فيقول: "أمي وأبي وكل أهلي في شمال غزة وأنا في الجنوب، كل يوم كل لحظة أموت مليون موتة وهم كذلك، مجرد ما أسمع أنه في قصف عندهم أو بالعكس، نُجري مليون اتصال لنطمئن على بعضنا البعض". ويضيف قائلًا: "كل لقمة وكل وجبة آكلها هنا في الجنوب تنزل مثل العلقم في بطني لأنهم (أفراد عائلته) في مجاعة". وعن المعاناة داخل المخيمات في أماكن النزوح، يروي الشرافي واقعة صعبة مرّت عليه رفقة أسرته، قائلاً: "في المطر نمت أنا وأسرتي بالخيمة ونحن واقفون لأن مياه المطر دخلت علينا في الخيمة". وأكد "الشرافي" أنه لم يقابل والده أو والدته وأفراد عائلته منذ 11 نوفمبر من العام الماضي، أي بعد شهر تقريبًا من بدء الحرب. ويشير منذر الشرافي إلى أنه وجد صعوبة في الحصول على خيمة كي يقيم فيها رفقة أسرته، في ظل أسعار الخيم "الخيالية" في غزة، حسب تعبيره، مضيفًا: "وللأسف ما حدا سلمنا لا خيمة ولا نايلون، والخيمة وصلتني من صديق من فرنسا". «أخطر مهمة في العالم» وحول مهام عمله الصحفية في ظل العدوان، يقول منذر الشرافي: "التغطية الصحفية في قطاع غزة هي من أخطر التغطيات، ومن أخطر الأعمال في العالم هي التغطية الصحفية في غزة، فأنت هنا تعمل تحت القصف وفي ظل النزوح، وتعمل تحت ضغط البحث عن مكان آمن، وتعمل تحت ضغط البحث عن مياه الشرب.. تبحث عن جميع متطلبات الحياة ورغم ذلك تكون على رأس عملك الصحفي". ويواصل حديثه قائلًا: "الحرب هنا في غزة بين قوسين (الدرع والخوذة) وجميع ما يُوحي بأنك صحفي هنا في قطاع غزة لا يغفر لك لتجنب الاستهداف من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي". ويتابع الشرافي: "فالعمل الصحفي والتغطية في قطاع غزة تشبه بما نشاهده في أفلام هوليوود وأفلام الخيال التي نشاهدها في السينما، ولكن هنا هي طبيعية وهذه المشاهد حقيقية ويومية". «معاناة تفوق الحد» ويؤكد الشرافي أن "المعاناة هنا في غزة لا تتوقف منذ سنة، ولا تقتصر على شيء معين، فمنذ عام كامل جميع المعاناة التي تعرض لها العالم بأسره من نقص العلاج ونقص المياه ونقص الأكسجين شاهدناه هنا في قطاع غزة". "كل أشكال المعاناة التي تخطر على بال البشر ولا تخطر على بالهم شاهدناها هنا في قطاع غزة، نحن نفتقد كل شيء هنا في غزة منذ سنة كاملة. بالمختصر المفيد، ما شهدتموه وسمعتوا عنه من آلام في هذه الكرة الأرضية نحن عشناه هنا تحت الأنقاض وفوق الأنقاض.. تحت وطأة النزوح وتحت الصواريخ والقذائف الإسرائيلية".. هكذا ختم الصحفي الفلسطيني منذر الشرافي روايته عن المعاناة التي يعيشها هو وكل فلسطيني في كل بقعة من أرض غزة، التي لا تزال ترزخ تحت نار العدوان الإسرائيلي، الذي يوشك أن يدخله عامه الثاني دون أن يخمل بعد.