الإصرار المتعمد فى التصعيد والذى تشهده المنطقة فى الآونة الأخيرة محاولات واضحة من قبل القيادة الإسرائيلية لتوسيع نطاق الصراع فى الشرق الأوسط، وذلك من خلال تكثيف الضربات العسكرية على لبنان، هذه المحاولات تأتى فى سياق التطورات المتصاعدة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية فى غزة. إسرائيل تسعى من خلال توسيع نطاق الصراع إلى التصعيد فى لبنان كوسيلة لصرف الانتباه عن الأزمة المتفاقمة فى غزة، وتحويل الأنظار إلى جبهة أخرى، ما قد يقلل من الضغط الدولى والإقليمى على إسرائيل بشأن ممارساتها فى الأراضى الفلسطينية. ولكن توسيع نطاق الصراع إلى لبنان يحمل العديد من المخاطر والتداعيات يأتى على رأسها زعزعة الاستقرار الإقليمى الذى قد يؤدى إلى حرب إقليمية تشمل عدة دول وكذلك ارتفاع أعداد الضحايا نتيجة زيادة العنف الذى يتسبب فى سقوط أعداد كبيرة من المدنيين، مما يرفع من حدة التوترات ويجعل من الصعب احتواء الصراع وهناك جانب على جانب كبير من الأهمية وهو أن ما حدث سيكون له تأثير على أسواق الطاقة مع قرب لبنان وإسرائيل من مناطق إنتاج النفط والغاز فى البحر المتوسط، فإن أى تصعيد عسكرى قد يؤثر على حركة الملاحة البحرية واستقرار أسواق الطاقة. فى ظل هذا التصعيد، برز دور مصر كوسيط إقليمى مهم يحاول احتواء الأزمة ومنع تفاقمها. منذ بدء التصعيد الإسرائيلى ضد غزة، لعبت مصر دورًا رئيسيًا فى محاولات التهدئة بين الأطراف، سواء من خلال اتصالاتها مع الفصائل الفلسطينية أو الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية. الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى حذر بشكل صريح من خطورة توسيع الصراع ليشمل لبنان أو أى دول أخرى فى المنطقة، مشيرًا إلى أن ذلك قد يؤدى إلى «انفجار شامل» يصعب السيطرة عليه. جاءت هذه التحذيرات خلال تصريحات للرئيس السيسى فى محافل دولية وإقليمية، حيث أكد على ضرورة إيجاد حلول سياسية للنزاعات بدلاً من الاعتماد على القوة العسكرية. مصر تدرك جيدًا أن أى توسع فى الصراع سيؤثر بشكل مباشر على أمنها القومى واستقرار المنطقة. لذا، تعمل على الوساطة بين الأطراف وتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لتجنب مزيد من التصعيد وتعمل مصر على استخدام الدور الدبلوماسى المهم وقوة علاقاتها مع القوى الدولية، مثل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى، للضغط على إسرائيل لوقف الضربات العسكرية ضد لبنان وتجنب توسيع نطاق الصراع. وكذلك التعاون مع الدول العربية لتوحيد الموقف العربى بشأن التصعيد الإسرائيلى، ومحاولة إيجاد موقف موحد يدين تلك الممارسات ويدعو لوقف فورى للعدوان. محاولات إسرائيل لتوسيع نطاق الصراع إلى لبنان تأتى فى إطار استراتيجية معقدة تهدف إلى تحقيق عدة أهداف سياسية وعسكرية، لكنها تحمل فى طياتها مخاطر كبيرة على استقرار المنطقة. التحذيرات المصرية التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى تعكس وعيًا لقيادة حكيمة بخطورة الوضع، وسعى مصر الحثيث لوقف التصعيد ومنع انتشار العنف إلى دول أخرى فى المنطقة فهل ينصتون لنصائح قائد مصر الذى استشعر خطورة الأحداث منذ ما يقرب من عام وحذر مراراً وتكرارًا من مغبة ما يحدث، والآن ونحن على حافة الهاوية ألا يتفكرون من يغامرون من أجل بطولة زائفة تجر العالم إلى كارثة حربية وإنسانية؟.