فى ليلة 14/ 15 من سبتمبر عام 1956 بعد أقل من الشهرين على قرار الزعيم جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس نفذت بريطانيا وفرنسا مؤامرة استهدفت تعجيز الإدارة المصرية الجديدة للقناة عن تسيير حركة الملاحة، إذ حرض عملاؤهما 155 من قباطنة الإرشاد الملاحى و366 موظفاً من رعاياهما العاملين بالشركة على الانسحاب من العمل وتقديم استقالة جماعية، بحيث لم يبق من قوة الإرشاد غير 52 مرشداً يونانيا و68 مرشداً متدرباً مصرياً كانوا قد ألحقوا بالعمل مع الأيام الأولى التى أعقبت التأميم وفى اليوم ذاته دفع البلدان بنحو 50 سفينة إلى مدخلى قناة السويس الشمالى والجنوبى فى توقيت كان معدل المرور اليومى بالقناة لا يتخطى 20 سفينة فى أعلى الحالات. كانت المؤامرة واضحة مفضوحة الهدف وهى خلق اضطراب بحركة الملاحة فى الممر الملاحى المهم لحركة التجارة العالمية المنقولة بحراً ولكن الذى لم يعمل له المتآمرون حساباً هو أن الرئيس عبد الناصر ومنذ إعلان قرار التأميم كان يعلم تماما إمكانية انسحاب العاملين الأجانب من العمل بالقناة لتوريط مصر ورجال التأميم فيما اعتقدوا أنه لا قبل لهم به - إدارة حركة الملاحة بالقناة - ولهذا كان التكليف الرئيسى للمهندس محمود يونس والمهندس عزت عادل هو التفرغ تماما لدراسة نظام العمل والاستعداد لهذه اللحظة. واتساقا مع التقدير السابق جرت عملية تدريب مكثف للمرشدين المصريين على إرشاد السفن لقطاعات جزئية من القناة بدلا من النظام القديم بإرشاد لكامل رحلة عبور السفن فى القناة وبهذا اكتسب كل واحد من الجدد خبرة سريعة بالإبحار فى القطاع الذى تدرب عليه. وباتت الإدارة المصرية جاهزة تماما للتعامل مع موقف تدرك كل أبعاده مسبقا. وعندما أعلن الأجانب امتناعهم عن العمل ورغبتهم فى الاستقالة كانت المفاجأة من نصيبهم حيث قبلت الإدارة المصرية استقالاتهم واجتازت المؤامرة.. هكذا قهر رجال مصر المخلصون التحدى الأخطر.