بسبب الحالة الاقتصادية، أو الروابط الأسرية، يضطر الأزواج الجدد إلى الإقامة فى بيت العائلة، ولكن النتيجة فى الغالب ليست فى صالحهم، تبدأ المشاحنات والمشاكل بين الزوجة وأم الزوج وأخواته البنات، أو حتى والده، نتيجة انعدام الخصوصية، مما يجعل الابن فى صراع دائم بين أهله وزوجته، وهو يحاول جاهداً التوفيق بين الطرفين، لكنه يفشل دائماً، مما يضعه فى النهاية أمام خيارين، إما التضحية بالأهل والانحياز للزوجة، أو الوقوف فى صف عائلته وإنهاء حياته الزوجية، مما يجعل الطلاق يطل برأسه فى أغلب الحالات، وفى المقابل هناك حالات أخرى نجحت فى بيت العائلة، وعاشت فى تبات ونبات. الخبراء: تعزيز للروابط الأسرية ويحتاج للحكمة فى هذا التحقيق نناقش تأثير «بيت العيلة» على الزوجين من خلال العديد من الحالات، وآراء الخبراء حول تلك المشكلة التى يعانى منها قطاع من الأزواج. قرار صعب.. وثقافتنا سر نجاح أو فشل التجربة البداية كانت مع «ن. و» التى تحدثت عن معاناتها فى بيت عائلة زوجها قائلة: «سافرت مع زوجى أسبوعين، وبعد عودتى لاحظت أشياء غريبة بالمنزل.. بقايا طعام كثير فى الثلاجة وبعض الأغراض فى غير مكانها، حينها أدركت أن حماتى لديها مفتاح البيت دون علمى، فقدت الثقة فى زوجى وشعرت بعدم الأمان فى منزلي.. تركت البيت، وكانت حياتى على وشك الانهيار، إلا أن حبى لزوجى أجبرنى على قبول العودة ولكن بشرط واحد وهو تغيير كالون الباب». أما «م. أ» فكشفت عن المعاملة الطيبة من أهل زوجها التى كانت تفوق التوقعات، قائلة: «بعد زواجى قررت أنا وزوجى العيش فى بيت عائلته، وكنت متخوفة فى البداية، لكنى اكتشفت مع مرور الوقت أن الأمر رائع، فوالدة زوجى دائماً مستعدة لتقديم الدعم والمساعدة، سواء فى الأعمال المنزلية أو فى تقديم النصائح حول كيفية إدارة الحياة الزوجية، وكانت تمنحنى مساحتى الخاصة، كما أن الأطفال وجدوا فى الجد والجدة مصدراً للحب والحنان، مما جعلنى أشعربالراحة والأمان والاستقرار والخصوصية، حيث ساهمت العلاقة الجيدة فى خلق جو من التفاهم والمحبة فى البيت». تحدثنا مع خبراء لنحلل الأمر ونكشف حقيقته وهنا أكد د. مدحت عبد الهادى استشارى العلاقات الأسرية قائلاً: «الزواج قائم على احترام الطرف الآخر، يتبعها مراعاة تقاليد ونظام المعيشة المُتفق عليه من البداية مع شريك الحياة فى حالة أن يكون محل الإقامة فى بيت عائلة الزوج أو الزوجة، بحيث يكون كل منهم حريصاً على إقامة علاقة ناجحة مع المحيطين بالشريك وأهمهم أسرته، مما يتطلب فهم عادات وتقاليد الأسرة وثقافتها، لذلك تعتبر فترة الخطوبة هى الفترة الحقيقية للتعارف على الشريك وعلى من حوله لمعرفة مدى التوافق مع البيئة التى سيعيش بها بعد الزواج خاصة إذا كان فى بيت العائلة، ولذلك يطلق عليه التوافق الأسري». ويستكمل: «فكرة الزواج فى بيت العائلة ليس الاختيارالمثالى فدائماً ما تحدث مشاحنات، تؤدى إلى غيرة وحقد وتخلق الكثير من الخلافات والمشاكل التى تكون غالباً بسبب سوء الفهم بين أفراد الأسرة، وبالتالى يجب حل المشكلة من جذورها والاستعانة بشقة إيجار بشكل مؤقت فى البداية للعيش باستقرار وهدوء، فتأخذ المقابلات العائلية طابعاً مختلفاً مليئاً بالشوق والمحبة بينهم». ويؤكد د. مدحت: أن عدم تدخل الزوج فى النزاعات بين زوجته وعائلته يعتبر ضعفاً ويتسبب فى تضخم المشاكل، وعليه وضع حدودٍ لكليهما من البداية لأن ترك المشكلة دون تدخل يساهم فى زيادة التوترات والصراعات الزوجية، مما يؤدى إلى تفاقمها وربما يصل الأمر إلى الطلاق، ومن الأفضل ألا تأخذ الزوجة الأمور بشكل شخصى وبدلاً من افتعال مشكلة تترك زوجها يتعامل مع الأمر بشكل مناسب». وتقول آية عبد المجيد الاستشارى النفسى والتربوي: «يمكن أن يكون الزواج فى بيت العائلة مقدمة لمشاكل كثيرة، تنتج من غياب الحدود الواضحة للخصوصية بين الزوجين، وينتج عن ذلك الكثير من المشاكل بسبب تدخل الأهل، حتى إذا عاش الزوجان فى بيت منفصل، فالسكن المستقل ليس بالضرورة صمام أمان لعدم تدخل الأهل، لهذا يجب ألا يتاح لأى من أهل الزوجين التدخل نهائياً فى حياتهم الخاصة «. وتلجأ بعض الأسر إلى الموافقة على الزواج فى بيت العائلة سواء فى نفس الشقة أو العقار، والذى يرجع فى بعض الأحيان إلى ضغوط الحياة المادية على الشباب وعدم قدرتهم على توفير بيتٍ مستقل. وعلى الرغم من خوف الأهل وخاصة أهل الفتاة من هذه الزيجة، إلا أنهم يرضخون للأمر الواقع فى الكثير من الأحيان خوفاً من شبح العنوسة ومراعاة لظروف الزوج المادية.. لذلك إن لم يكن الرجل يملك من الحكمة والعقلانية والوعى الكافى وحسن التصرف مع جميع الأطراف وإرضائهم سوف يتعرض للوقوع فى كثير من المشاكل، وفى المقابل على الزوجة أن تتمتع بدرجة كبيرة من الوعى والتفاهم مع الزوج تفادياً لحدوث مشاكل كثيرة بسبب عدم وضع حدود من بداية الأمر، وعليها أيضاً عدم التعامل بالنية، والخوف من التعامل مع والدة زوجها، وأن تعتبرها بمثابة والدتها وليس العكس، وعلى الرجل ألا يكون سلبياً ويتدخل بحكمة وعقل فى مختلف المواقف». وأخيراً ترى آية أن فى مجتمعنا من الصعب أن نتفادى الكثير من المشكلات لقلة معرفتنا بثقافة احترام خصوصية الآخر، وتنصح بتفادى الزواج فى بيت العائلة قدرالمستطاع وفى أضيق الحدود. أما د. هالة منصور أستاذ علم الاجتماع فترى أن الزواج فى بيت العائلة غالباً ما يكون للضرورة نظراً لظروف الحياة المتغيرة، إما أن الأم أو الأب فى احتياج لتواجد أبنائهم معهم، وإما لعدم توافر مسكن للزوج، فى هذه الحالة من الأفضل تبسيط الحياة وعدم تعقيد الأمور قدر المستطاع لتجنب المشاكل التى تدمر سعادة الأسرة، فمن ناحية يجب احتواء الكبار والتوافق معهم ووضع أسلوب حياة مريحٍ للجميع، كما انه لا يجب الكشف عن الأسرار والمشاكل التى تخص الزوج والزوجة، حتى لا يفتح باباً للتدخل والنقاش غير المرغوب فيه. وتضيف: «العائلة الكبيرة لها دور مهم فى تربية الأبناء فى حالة العيش المشترك، والأبناء المكتملين نفسياً واجتماعياً تربوا فى بيت عيلة، لأن الأب والأم مسئوليتهم التربية والتوجيه والتعليم ويضغطون على عواطفهم ومشاعرهم، وهنا يأتى دور الجد والجدة ليمنحوا الأحفاد حاجتهم من الحنية والعاطفة لتحقيق التوازن.. هو تحدى قد يحمل فرصة كبيرة لتعزيز الروابط الأسرية، ولكنه يحتاج إلى إدارة حكيمة للتغلب على المنغصات، من خلال التفاهم والتواصل الجيد بين الأزواج وأفراد العائلة، لتجاوز التحديات وضمان بيئة عائلية صحية تدعم نمو الأطفال وتوازن بين التقاليد والخصوصية، لكن فى النهاية نجاح هذا النموذج يعتمد بشكلٍ كبير على المرونة والتعاون بين أطراف الأسرة مما يضمن حياة عائلية مستقرة وسعيدة».