تعكس العلاقات المصرية الإيطالية الحالية توافقًا قويًا في الرؤى بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما تلك المتعلقة بالقارة الإفريقية ومنطقة القرن الإفريقي والصومال. تسعى كلا البلدين، من خلال هذه العلاقة المتينة، إلى تعزيز الاستقرار ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والتهريب في تلك المنطقة الحساسة. تدرك كل من القاهرة وروما أن التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه إفريقيا لا يمكن معالجتها إلا من خلال التعاون الوثيق والدعم المتبادل. منطقة القرن الإفريقي، بما فيها الصومال، تمثل نقطة ارتكاز رئيسية في هذه الاستراتيجية. فهذه المنطقة ليست فقط مهمة لخطوط الملاحة البحرية العالمية، ولكنها أيضًا مهددة بعدة مخاطر تتراوح بين الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتهريب الأسلحة والمخدرات. مصر، بقيادتها السياسية ووزارة الخارجية، تعمل بجد لترسيخ علاقاتها مع إيطاليا من خلال التنسيق المستمر واللقاءات المتبادلة. السفير بسام راضي، سفير مصر لدى إيطاليا، يلعب دورًا محوريًا في هذا السياق، حيث يحرص على تنظيم العديد من اللقاءات مع القيادات الإيطالية الممثلة لمختلف الوزارات وأعضاء البرلمان. هذه اللقاءات تهدف إلى تعزيز الفهم المتبادل وتنسيق الجهود بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة. تشير الأرقام إلى أن إيطاليا تعد من أكبر الدول الداعمة لمصر على الصعيد الاقتصادي، حيث تحتل المركز الثالث كأكبر سوق للصادرات المصرية والمركز العاشر كمورد لمصر. إيطاليا أيضًا أكبر مستثمر أجنبي في مصر، حيث تدير أكثر من 1233 مشروعًا في مجالات متنوعة مثل الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات. هذه الاستثمارات، التي تقدر بأكثر من 6 مليارات يورو، تعزز من العلاقات الثنائية وتدفعها نحو شراكة استراتيجية شاملة. إضافة إلى التعاون الاقتصادي والسياسي، يشهد التعاون الثقافي والسياحي بين البلدين نموًا ملحوظًا. فالجانب المصري يسعى للاستفادة من الخبرات الإيطالية في تسجيل المواقع الأثرية المصرية على قائمة التراث العالمي لليونسكو.كما تم الاتفاق على إقامة معارض أثرية مؤقتة في مدن إيطالية خلال عام 2025، وهو ما سيعزز من التبادل الثقافي بين البلدين. في هذا السياق، أعربت إيطاليا عن إعجابها بالمشروعات السياحية الجديدة في مصر، خاصة مدينة العلمين الجديدة، التي تشهد تنمية حضارية وتطويرًا للبنية التحتية. زيارة وزير الثقافة والآثار الإيطالي سانجيوليانو والسفير ميكيلي كواروني لمصر مؤخرًا، كانت فرصة لتبادل الأفكار حول مشروعات التعاون المستقبلية، بما في ذلك بروتوكولات التعاون في مجالات الترميم والتدريب ورقمنة التراث المصري. على مستوى العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، تعمل مصر على تعزيز شراكتها مع الاتحاد باعتباره الشريك التجاري الأهم لها. التعاون المصري مع الاتحاد الأوروبي يمتد ليشمل مجالات متعددة مثل صناعة الأدوية، التقنيات الزراعية الحديثة، وإدارة المياه، إضافة إلى التحول نحو الهيدروجين الأخضر. كل هذه الجهود تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز لتوطين الشركات الأجنبية، مما يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية. في النهاية، يدرك الاتحاد الأوروبي وإيطاليا مكانة مصر الفريدة ودورها الحيوي في القارة الإفريقية وعلى الساحة الدولية. العلاقات المصرية الإيطالية ليست مجرد تعاون ثنائي، بل هي شراكة استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في منطقة تعاني من العديد من التحديات. حفظ الله مصر