الخلاف بين نتنياهو ووزير دفاعه «جالانت» ليس جديداً بل هو سابق للحرب الحالية. فى العام الماضى أقال نتنياهو وزير الدفاع بعد معارضته العلنية لمشروع السيطرة على السلطة القضائية، لكنه اضطر للتراجع بعد المعارضة الواسعة لقرار الإقالة. ومع الحرب الدائرة منذ أكثر من 300 يوم لم تتوقف الخلافات بين الرجلين رغم انتمائهما لنفس الحزب «الليكود». لكن الخلاف هذه المرة يأتى فى وقت صعب ومع احتمال التصعيد نحو حرب إقليمية شاملة، وأيضاً مع السعى لمفاوضات قد تكون الفرصة الأخيرة أمام اتفاق يوقف القتال فى غزة ويفتح الباب لتهدئة تنقذ المنطقة من الانفجار المدمر الذى يلوح فى الأفق. «جالانت» كان يتحدث فى اجتماع «مغلق» لإحدى لجان «الكنيست» الإسرائيلى. ويبدو أنه أراد أن يخلى مسئوليته عن قرارات نتنياهو وما يمكن أن تسببه من كوارث سياسية وعسكرية لإسرائيل. ما قاله فى الاجتماع السرى تم تسريبه ليكشف عن اتهام صارخ لنتنياهو بأنه السبب فى تأخير إبرام الاتفاق لوقف القتال وتبادل الأسرى والرهائن وليكشف أيضاً عن وصف جالانت لحديث نتنياهو المتكرر عن «النصر المطلق» بأنه مجرد هراء وثرثرة!! الأخطر − من الناحية العسكرية − هو تأكيد جالانت بأن الاتفاق يعنى التهدئة أيضاً على الجبهة مع لبنان، مشيراً إلى أنه كان قد اقترح بعد أيام من أحداث أكتوبر الماضى توجيه ضربة استباقية لحزب الله لكن نتنياهو عارض ذلك، مضيفاً أن ظروف الحرب فى لبنان اليوم هى عكس ما كانت عليه فى بداية الحرب!!.. واللافت هنا أن نتنياهو حين سارع بالرد على جالانت لم يتوقف عن هذه النقطة التى تضرب كل أحاديثه الجوفاء عن استعداده للحرب على كل الجبهات لأنه يدرك خطورة حديث جالانت (الذى يدعمه العسكريون) واختار نتنياهو أن يركز على الاتفاق المقترح مشيراً إلى أن جالانت يتبنى الخطاب المناهض لإسرائيل (وليس نتنياهو) ويضر بفرص التوصل لصفقة، وهو يعلم جيداً أن قادة جيشه قد أبلغوه فى فبراير الماضى أن الحرب قد وصلت لطريق مسدود، وأن الاتفاق ضرورى، وأنه على مدى ستة شهور لا يفعل شيئاً إلا المراوغة لمنع الاتفاق، والثرثرة حول «النصر المطلق» الذى وصفه جالانت بأنه مجرد «هراء»!! ما كان لوزير دفاع إسرائيل أن يتحدث بهذا الوضوح إلا إذا كان متأكداً من أن نتنياهو ماضٍ فى مخططه لاستمرار الحرب وتوسيعها ولو على حساب الكيان الصهيونى نفسه!!.. جالانت باقٍ فى منصبه لأنه الوحيد فى حكومة إسرائيل الذى تثق به واشنطن التى مازالت تكتفى ب «القلق» بدلاً من أن تعلن الحقيقة وتقول للعالم إن مسئولية استمرار الحرب وتصعيدها يتحملها مجرم الحرب نتنياهو. ولعلها تفعل قبل فوات الأوان!!