أطلقت الدولة استراتيجية متكاملة وشاملة، رسمت ملامحها مع إشارة البدء التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإنشاء مجرى ملاحي جديد للقناة، وتعميق المجرى الحالي، في خط متوازي مع مشروع تنمية محور قناة السويس بالكامل، وإنشاء الموانئ والعديد من المناطق الصناعية. أسهم المشروع في تعظيم مكانة القناة، من ممر تجاري إلى مركز صناعي ولوجستي عالمي، لإمداد وتموين النقل والتجارة، هذا بالإضافة إلى ميكنة الخدمات المقدمة للخطوط الملاحية، وتعظيم الاستفادة من الأصول المملوكة للقناة، وإدخال معدات جديدة تواكب التطور الحادث في مجال النقل البحري، واتجاه الترسانات العالمية نحو بناء السفن العملاقة، لتنجح في التعامل بمرونة وحرفية مع التحديات الدولية، والمتغيرات الطارئة على حركة التجارة الدولية. اقرأ ايضا| كامل الوزير: قناة السويس تشهد تطورات عملاقة في بنية النقل والمواصلات ◄ فكرة المشروع إنشاء قناة جديدة موازية وتعظيم الاستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية، جاء بهدف تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية لتسيير السفن في الاتجاهين بدون توقف، في مناطق انتظار داخل القناة، ويقلل من زمن عبور السفن المارة، ويزيد من قدرتها الاستيعابية لمرور السفن في ظل النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية في المستقبل، وارتباطًا بمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ويرفع درجة الثقة في القناه كأفضل ممر ملاحي عالمي، ويقلل من قيمة الفكر في قنوات بديلة تنافسية بالعالم والمنطقة. ويعزز المشروع الضخم، درجة الثقة في استعداد مصر لإنجاح مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، وينعكس كل ما سبق على زيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة، ويصب في خزينة الدولة مباشرة، وإتاحة أكبر عدد من فرص العمل للشباب المصري وخلق مجتمعات عمرانية جديدة. ◄ وصف المشروع إنشاء قناة السويس الجديدة من ال كم 60 إلى ال كم 95 «ترقيم القناة»، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى بطول إجمالي 37 كم «إجمالي أطوال المشروع 72 كم». تم تأسيس قناة السويس الجديدة، بشكل موازٍ لقناة السويس القديمة من أجل تسهيل وتسريع عملية مرور سفن الشحن عبر القناة في كلا الاتجاهيين، والتقليل من مدة انتظار السفن العابرة للقناة، بالإضافة إلى زيادة القدرة الاستيعابية للقناة من أجل التمكن من استيعاب النمو المستقبلي المتوقع للتجارة العالمية، وما يترتب على ذلك من جعل قناة السويس الطريق المفضل لدى السفن التجارية، ورفع الدخل القومي للبلاد، وتوفير فرص عمل جديدة وإيجاد مجتمعات حضرية جديدة، وتعزيز أرباح العملة الصعبة. ◄ أهداف المشروع زيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة. تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية في قناة السويس وزيادتها لنسبة 50٪ من طول المجرى الملاحي. تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلًا من 18 ساعة لقافلة الشمال. تقليل زمن الانتظار للسفن ليكون 3 ساعات في أسوء الظروف بدلًا من «8 إلى 11 ساعة»، مما ينعكس على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن ويرفع من درجة تثمين قناة السويس. الإسهام في زيادة الطلب على استخدام القناة كممر ملاحي رئيسي عالمي ويرفع من درجة تصنيفها. زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن في القناة لمجابهة النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية في المستقبل. خطوة هامة على الطريق لإنجاح مشروع محور التنمية بمنطقة قناة السويس ودفع عجلة الاقتصاد القومي المصري لتحويل مصر إلى مركز تجارى ولوجيستي عالمي. زيادة القدرة الاستيعابية للقناة لتكون 97 سفينة قياسية عام 2023 بدلًا من 49 سفينة عام 2014. تحقيق العبور المباشر دون توقف ل 45 سفينة في كلا الاتجاهين مع إمكانية السماح لعبور السفن حتى غاطس 66 قدمًا في جميع أجزاء القناة. زيادة عائد قناة السويس بنسبة 259٪ عام 2023، مما يؤدي إلى الانعكاس الإيجابي المباشر على الدخل القومي المصري من العملة الصعبة. زيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناءوالمحافظات المجاورة مع خلق مجتمعات عمرانية جديدة. تعظيم القدرات التنافسية للقناة وتميزها على القنوات المماثلة رفع درجة التصنيف العالمي للمجرى الملاحي نتيجة زيادة معدلات الأمان الملاحي أثناء مرور السفن. ◄ تدشين القناة في حفل أسطوري وفي حفل أسطوري ضخم، أعاد للأذهان ذكريات افتتاح قناة السويس عام 1869، أعطى الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الخميس الموافق 6 أغسطس عام 2015، إشارة البدء بافتتاح القناة الجديدة، هدية مصر إلى العالم، إيذانا ببدء مرور السفن العالمية في الممر الملاحي الجديد لتضيف شريانًا جديدًا إلى حركة الملاحة العالمية، بعد عام من العمل والجهد المتواصل، ليشهد العالم بأسره هذا الإنجاز الذي حققته مصر. في مشهد مهيب وسط حضور آلاف المصريين من مختلف أطياف الشعب والضيوف الأجانب، بدأ الجزء الأول من الاحتفال في الظهيرة بافتتاح قناة السويس الجديدة بوصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى موقع الاحتفال على متن يخت المحروسة، مرتديًا الزي العسكري، حيث استقلها من الضفة الشرقية للقناة الجديدة باتجاه الشمال، رافقه خلالها الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس خلال تلك الفترة، وعدد من ممثلي مختلف فئات الشعب، وذلك تعبيرًا عن التقدير لهذا الشعب العظيم الذي حقق هذا الإنجاز الكبير في زمن قياسي بعقول أبنائه وسواعدهم وأموالهم. وبالتزامن مع وصول يخت المحروسة إلى نقطة الوصول على الضفة الشرقية للقناة الجديدة، حلقت طائرات الهليكوبتر في سماء القناة حاملة أعلام مصر والقوات المسلحة وأفرعها الرئيسية، فضلًا عن علم قناة السويس، بالإضافة إلى عرض جوى بطائرات الرافال وإف 16، بالإضافة إلى عرض بمشاركة عدد من الوحدات البحرية التابعة للقوات المسلحة. وصاحب وصول الرئيس السيسي مرور الفرقاطة البحرية الفرنسية «فريم» إيذانا ببدء عملها في القوات البحرية المصرية، كما مرت السفينة «عايدة» وعلى متنها فرقة للموسيقى العسكرية عزفت بعض الأغاني الوطنية. ◄ مشاركة ملوك ورؤساء العالم واستقبل الرئيس السيسي ضيوف الحفل من ملوك ورؤساء العالم وممثلي الدول والحكومات المختلفة في المنصة الرئيسية، حيث بدأت المراسم البروتوكولية للحفل بعزف الموسيقى العسكرية واستعراض حرس الشرف، فضلًا عن عزف عدد من الأغاني الوطنية. وشهد الحفل مشاركة دولية واسعة ومكثفة ضمت عددًا كبيرًا من ملوك ورؤساء وأمراء دول العالم منها فرنسا والكويت والبحرين والأردن وكرواتيا واليمن وتوجو والكونجو الديمقراطية، فضلًا عن رئيسي وزراء روسيا واليونان، وحاكم دبي، ونائب المستشارة الألمانية وزير الاقتصاد والطاقة، ورئيس مجلس الأمة الجزائري والمستشار الفيدرالي السويسري للشئون الاقتصادية، وممثلين رفيعي المستوى للصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والسنغال والولايات المتحدةالأمريكية. كما تضمنت قائمة أبرز الحضور من الضيوف المصريين الوزراء والسفراء بالإضافة إلى الرئيس السابق عدلي منصور وعمر موسى والدكتور كمال الجنزوري ورؤساء الأحزاب السياسية، فضلًا عن حضور عدد كبير من الشخصيات العامة من بينهما جيهان السادات زوجة الرئيس الراحل أنور السادات وعبد الحكيم عبد الناصر، بالإضافة إلى عدد كبير من الفنانين والممثلين والرياضيين وممثلين عن مختلف أطياف الشعب من جميع المحافظات. ◄ العبور إلى المستقبل وألقى الرئيس السيسي، كلمة خلال حفل بدء التشغيل الفعلي لقناة السويس قال فيها: «أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. السيدات والسادة.. ضيوف مصر الأعزاء، يسعدني أن أرحب بكم اليوم باِسم شعب وحكومة جمهورية مصر العربية، أرحب بأشقاء مصر المخلصين وأصدقائها الأوفياء، من أرادوا أن يشاركوا شعبها العظيم فرحته بإنجازه التاريخي.. الذي أثبت من خلاله قدرته على صناعة التاريخ باقتدار، والعبور إلى المستقبل من أجل تقدم ورخاء الإنسانية بأكملها. وأضاف الرئيس السيسي: «اسمحوا لي أن أتحدث إليكم كمواطن مصري يفخر بعظمة بلاده وبحضارتها العريقة، التي تُدرس في العديد من المناهج الدراسية بمختلف دول العالم، لتستلهم شعوب العالم القيم التي أرستها تلك الحضارة العظيمة.. وها هي مصر تقدم اليوم هديتها إلى العالم، ليس فقط من أجل الشعب المصري ولكن من أجل الإنسانية والتنمية والبناء والتعمير». ◄ قهر التطرف والإرهاب وتابع: «إن مصر لم تقدم للعالم على مدار العامين الماضيين هذه القناة الجديدة فقط، ولكن امتد عطاؤها ليشمل مجالات أخرى حيوية، وسيذكر التاريخ لمصر وشعبها أنهما تصديا لأخطر فكر إرهابي متطرف لو تمكن من الأرض لحرقها.. كما أنهما ساهما في تقديم القيم الإسلامية السمحة، من خلال الأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء، الذين يساهمون بفاعلية في تجديد الخطاب الديني وتصويبه.. لقد قام الشعب المصري بإنجاز مشروع القناة الجديدة في ظروف صعبة على الصعيدين الاقتصادي والأمني، حيث كانت قوى الإرهاب والتطرف تحارب مصر والمصريين، إلا أننا استطعنا بفضل الله عز وجل ثم بجهد المصريين التغلب على تلك الظروف وتحقيق الحلم». وأكمل الرئيس كلمته: «إن عظمة القناة الجديدة لا تكمن فقط في كونها إنجازًا هندسيًا هائلًا، ولكنها أيضا منحت المصريين الثقة وأكدت للعالم أجمع قدرتهم على العمل والإنجاز، فالقناة الجديدة خطوة واحدة على طريق طويل بدأه المصريون لتحقيق آمالهم وطموحاتهم.. إن سر عظمة المصريين وقوتهم يكمن في وحدتهم ككتلة واحدة ووقوفهم صفا واحدا ويدا واحدة، وها نحن نرى فضيلة الامام الأكبر وقداسة البابا معًا ليعبرا دائما عن وحدة الشعب المصري». ◄ تنمية حركة الملاحة الدولية وأضاف الرئيس السيسي: «ولن يفوتني هذا المقام أن أقدم الشكر لأرواح شهداء مصر الذين جادوا بأنفسهم ودمائهم من أجل هذا الوطن ولتحقيق استقراره.. لقد قدموا تضحية غالية ليس فقط من أجل مصر، ولكن أيضا من أجل الإنسانية.. كما أتقدم بوافر الشكر والتقدير للهيئة الهندسية للقوات المسلحة ولهيئة قناة السويس وتحالف شركات التكريك وشركات المقاولات، الذين ساهموا جميعًا في إنجاز هذا المشروع العظيم في توقيته المحدد». وتابع: «وعَدنا نحن المصريين العالم بأن نقدم له القناة الجديدة هدية، وها نحن نوفى بالوعد الذي قطعناه جميعًا على أنفسنا، وفى زمن قياسي، نهدى للعالم شريانًا إضافيًا للرخاء، وقناة تواصل حضاري بين الشعوب، لتساهم في تيسير وتنمية حركة الملاحة الدولية، وتفتح آفاقا جديدة للتنمية، وتشارك في تحقيق آمال وطموحات شعب مصر العظيم، الذي أنجز هذا المشروع بعقول أبنائه، وقوة سواعدهم، ومدخرات أموالهم». وواصل الرئيس كلمته: «من سيناء الغالية، ملتقى الشرق والغرب، من أرض مصر الطيبة كأخلاق أهلها، العظيمة في شموخها كالأهرامات، العبقرية في موقعها على مر الزمان، الباقية أبدًا كنيلها الخالد، نستلهم من كتاب التاريخ الإنساني، صفحات الفخر والمجد التي كتبها الأجداد، ونسطر في صفحات المستقبل نهجًا فريدًا لمصر الجديدة يلبى طموحات أبنائها، ويتسق مع كفاحهم ونضالهم الممتد بامتداد البشرية». ◄ نبوءة جمال حمدان وتابع: «لطالما كانت قناة السويس جزءًا من نبض مصر فشغلت مفكريها وأدباءها.. فها هو مفكر مصر الكبير الدكتور جمال حمدان يصفها قائلًا «لنا أن نطمئن رغم كل التحديات والعقبات أن مستقبل قناة السويس وثيق كما هو مضمون.. بل ومشرق أكثر مما كان في أي وقت مضى فقط بشرط أن نقبل بالتحدي.. وأن نتصدى للخطر باليقظة وبالإصرار وبالتخطيط الدؤوب ثم بالعمل الحازم الحاسم».. وها هي نبوءة جمال حمدان تتحقق.. واقعًا جديدًا يجري الآن متدفقًا في مياه هذه القناة». وأكمل الرئيس: «إن انطلاق حركة الملاحة البحرية في قناة السويس الجديدة، وإنجازها بهذه المعدلات غير المسبوقة، يتخطى تحقيق أهداف اقتصادية أو سياسية، ليبرز لنا هدفا إنسانيا تنشده مصر المستقبل، يحقق لشعبها الكرامة والعدالة والاستقرار، في ظل دولة ديمقراطية مدنية حديثة، من خلال استدعاء القدرات المصرية على البناء بخطوات متسارعة في شتى المجالات».